شيعة الكوفة بين حقد الامويين والعباسيين وثناء اهل البيت (ع)

بين يدي القارئ الكريم البحث الموسوم بـ «أهل الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين
وثناء أهل البيت(ع)» لسماحة العلامة المحقق السيد سامي البدري، والذي كتبه في سنة ١٤٣٥ه‍ ونشر لأول مرة في مجموعة كراسات (المكتبة الحسينية الميسرة)، ثم تم نشره بعد ثلاث سنوات في كتاب «بحوث ومقالات العلامة البدري في النهضة الحسينية» الذي تمت طباعته من قبل مركز فجر عاشوراء الثقافي التابع للعتبة الحسينية المقدسة سنة ١٤٣٨ه‍.
يعرض هذا البحث الشواهد التاريخية من نصوص وأقوال الطغاة والجبابرة الأمويين والعباسيين في حقدهم على شيعة الكوفة الذي شكل اخطر محور إعلامي مُني به التأريخ الإسلامي في القرنين الأولين، حيث تأثرت عملية التدوين التاريخي بالأيادي العميلة والمأجورة التي سعت جاهدة إلى تنفيذ مفردات هذا الإعلام في كتب التاريخ من اجل محاربة قلعة التشيُّع لعلي وأولاده المعصوين(ع) ومحور وجوده التاريخي وذلك عن طريق تشويه صورة الشيعة الكوفيين وعلاقتهم بأهل بأئمة أهل البيت(ع).
يزيل هذا البحث (المختصر) السِّتار عن حقيقة الإعلام الأموي والعباسي ضد الشيعة الكوفيين من خلال عرض علمي تحليلي جاء نتيجة تتبع وتحقيق مضن في مصادر التاريخ الإسلامي قام به المؤلف (حفظه الله) لأكثر من ربع قرن.
ولأهمية هذا البحث ومن أجل تيسيره للباحثين والمتابعين من القراء الكرام نعيد نشره باسم «شيعة الكوفة» بحلة إلكترونية قشيبة تحت عنوان ضمن سلسلة كراسات فجر عاشوراء الإلكترونية تحت رقم 34 مع بعض التصحيحات الجزئية التي أوصى به المؤلف حفظه الله تعالى.

كما انه تم اعداد وتصميم بوستر خاص بافكار هذا البحث القيم.

المحتويات

«صفحة 1»

شيعة الكوفة

بين حقد الأمويين والعباسيين

وثناء أهل البيت (عليهم السلام)

السيد سامي البدري

«صفحة 2»

عنوان الإصدار: شيعة الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين وثناء أهل البيت (عليهم السلام)

المؤلف: السيد سامي البدري

سنة الإصدار: 2021/1443

نوع الإصدار: إلكتروني ـ PDF

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

الموقع: fajrashura.com

«صفحة 3»

«صفحة 4»

«صفحة 5»

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين ومحمد وآل الطاهرين.

بين يدي القارئ الكريم البحث الموسوم بـ «أهل الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين وثناء أهل البيت(عليهم السلام)» لسماحة العلامة المحقق السيد سامي البدري، والذي كتبه في سنة ١٤٣٥ه‍ ونشر لأول مرة في مجموعة كراسات (المكتبة الحسينية الميسرة)، ثم تم نشره بعد ثلاث سنوات في كتاب «بحوث ومقالات العلامة البدري في النهضة الحسينية» الذي تمت طباعته من قبل مركز فجر عاشوراء الثقافي التابع للعتبة الحسينية المقدسة سنة ١٤٣٨ه‍.

يعرض هذا البحث الشواهد التاريخية من

«صفحة 6»

نصوص وأقوال الطغاة والجبابرة الأمويين والعباسيين في حقدهم على شيعة الكوفة الذي شكل اخطر محور إعلامي مُني به التأريخ الإسلامي في القرنين الأولين، حيث تأثرت عملية التدوين التاريخي بالأيادي العميلة والمأجورة التي سعت جاهدة إلى تنفيذ مفردات هذا الإعلام في كتب التاريخ من اجل محاربة قلعة التشيُّع لعلي وأولاده المعصوين (عليهم السلام) ومحور وجوده التاريخي وذلك عن طريق تشويه صورة الشيعة الكوفيين وعلاقتهم بأهل بأئمة أهل البيت (عليهم السلام).

يزيل هذا البحث (المختصر) السِّتار عن حقيقة الإعلام الأموي والعباسي ضد الشيعة الكوفيين من خلال عرض علمي تحليلي جاء نتيجة تتبع وتحقيق مضن في مصادر التاريخ الإسلامي قام به المؤلف (حفظه الله) لأكثر من ربع قرن.(1)

ولأهمية هذا البحث ومن أجل تيسيره للباحثين والمتابعين من القراء الكرام نعيد نشره

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تراجع مؤلفات العلامة البدري: المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ الإسلامي، الإمام الحسن  في مواجهة الانشقاق الأموي، الإمام الحسين  في مواجهة الضلال الأموي، بحوث في النهضة الحسينية.

«صفحة 7»

باسم «شيعة الكوفة» بحلة إلكترونية قشيبة تحت عنوان ضمن سلسلة كراسات فجر عاشوراء الإلكترونية تحت رقم ٣4 مع بعض التصحيحات الجزئية التي أوصى به المؤلف حفظه الله تعالى.

والله تعالى ولي التوفيق.

د. السيد حسين البدري

م. وحدة الأبحاث العلمية والإصدارات العامة

17صفر الخير 1443 هجرية الموافق لـ2021/9/24

«صفحة 8»

شيعة الكوفة بين حقد الأمويين والعباسيين وثناء أهل البيت(عليهم السلام)(1)

قال الخليفة المنصور:

«يا أهل الكوفة عليكم لعنة الله وعلى بلد انتم فيه…

لَلَعجب لبني أمية وصبرهم عليكم، كيف لم يقتلوا مقاتلتكم ويسبوا ذراريكم، ويخربوا منازلكم.

أما والله يا أهل المَدَرَة الخبيثة لئن بقيتُ لكم لأذلنكم».(2)

وكتب معاوية إلى ولاته كما في رواية المدائني: «أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته». و«ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة»(3).

قال المدائني: «فقامت الخطباء في كل كورة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) نشر هذا البحث ضمن مجموعة كراسات المكتبة الحسينية الميسرة، عام 1433هـ/2011م، الكراس رقم8.

(2) ‏ انساب الاشراف 3/269،

(3) شرح ابن أبي الحديد ج3 ص15ـ16.

«صفحة 9»

وعلى كل منبر يلعنون عليا (عليه السلام) ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته. وكان أشدَّ الناس بلاءً حينئذ أهلُ الكوفة ؛ لكثرة من بها من شيعة علي (عليه السلام) فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضمَّ إليه البصرة… فقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقَطَّع الأيدي والأرجل وسَمَّلَ العيون وصلَّبهم على جذوع النخل وطردهم وشرَّدهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم».

وقال مصعب بن الزبير لما لقيه عبد الله بن عمر واعترض عليه مؤنبا: «أنت القاتل سبعة آلاف من أهل القبلة (من أهل الكوفة كانوا محصورين مع المختار) في غداة واحدة».

فقال مصعب: «إنهم كانوا كفرة سحرة».

كلام عثمان المري والي الوليد على المدينة: «والله ما سبرت عراقيا قط فوجدت عنده دينا. وإن أفضلهم حالا عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول…

إن البلدان مصرها عمر بن الخطاب وهو مجتهد على ما يصلح رعيته، فجعل يمر عليه من يريد الجهاد فيستشيره: الشام أحب إليك أم العراق ؟ فيقول:

«صفحة 10»

الشام أحب إلي، إني رأيت العراق داء عضالا وبها فرخ الشيطان،… وأني لأراني سأفرقهم في البلدان ثم أقول لو فرقتهم لأفسدوا من دخلوا عليه مع جدل وحجاج، وكيف ولم وسرعة وجيف(1) في الفتنة».

وقال ابن المعتز العباسي وقد نظم سياسة آبائه في الكوفة:

واستمع الآن حديث الكوفة

مدينة بعينها معروفة

كثيرةُ الأديان والأئمة

وهمُّها تشتيتُ أمر الأمة

وأخذوا وقتلوا عليا

العادل، البر، التقي الزكيا

وقتلوا الحسين، بعد ذاكا

فأهلكوا أنفسهم إهلاكا

وجحدوا كتابهم إليه

وحرفوا قرآنهم عليه

ثم بكوا من بعده وناحوا

هلا، كذاك يفعل التمساح

فقد بقوا في دينهم حيارى

لا يهودٌ هم ولا نصارى

والمسلمون منهمُ براءُ

رافضةٌ ودينهم هباءُ

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الوجيف: سرعة السير. كتاب العين.

«صفحة 11»

فبعضهم قد جَحَدَ الرسولا

وغلَّطوا في فعله جبريلا

وقال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لأهل الكوفة:

«انتم الأنصار على الحق، والإخوان في الدين، والجنن يوم البأس، والبطانة دون الناس».(1)

وقال (عليه السلام): «الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث يشاء، والذي نفسي بيده لينتصرَنَّ الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز».(2)

وقال علي بن الحسين (عليه السلام) : «يأهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار».(3)

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «ان الله عرض ولايتنا على أهل الأمصار فلم يقبلها الا أهل الكوفة».(4)

وقال (عليه السلام) أيضا مخاطبا لجماعة من أهل الكوفة:

«أما إنه ليس بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة.

إن الله هداكم لأمر جهله الناس،

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال ابن أبي الحديد: الجَنَن: جمع جُنَّة، وهى ما يستر به. وبطانة الرجل: خواصه وخالصته الذين لا يطوي عنهم سره.

(2) معجم البلدان 4/492.

(3) الوسائل ج1/368عن الكافي ورواه الصدوق أيضا.

(4) البحار 60/209.

«صفحة 12»

أحببتمونا وأبغضنا الناس،

وصدقتمونا وكذبنا الناس،

واتبعتمونا وخالفنا الناس.

فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا»(1).

نتيجتان من نتائج النهضة الحسينية:

هناك نتائج كثيرة تحققت بالنهضة الحسينية نذكر منها ابرز نتيجتين:

الأولى: فضح بني أميه في دعواهم خلافة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمامة الإلهية التي تقود إلى الله فان خلافة مثل هذه لو كانت صحيحة لما صنعت ما صنعت مع الحسين (عليه السلام) بعد قتله من التمثيل به ورفع رأسه ورؤوس أصحابه على الرماح وتسييرهم مع سبي نسائه بين الجنود من بلد إلى بلد إلى الشام، فان هذا الموقف جعل كل مسلم يبلغه الخبر يتألم ويراجع نفسه وأقل ما تنتجه هذه الحادثة هو البراءة من بني أميه والترحم على الحسين (عليه السلام) حتى ولو لم يكن متفقا مع الحسين (عليه السلام) في منهجه الإصلاحي، فان ابن الزبير كان منهجه ان يسير بسيرة الشيخين وكان عدوا لعلي (عليه السلام) ولا

ـــــــــــــــــــــــ

(1) البحار ج25 ص 215.

«صفحة 13»

يحبه، ومع ذلك لما بلغه خبر مقتل الحسين (عليه السلام) قام خطيبا وقال (رحم الله حسينا وأخزى قاتل الحسين (عليه السلام)

لقد اختار الحسين (عليه السلام) الميتة الكريمة على الحياة الذميمة

أفبعد الحسين (عليه السلام) نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهدا ؟

لا ولا نراهم لذلك أهلا.

أما والله لقد قتلوه، طويلا بالليل قيامه، كثيرا في النهار صيامه، أحق بما هم فيه منهم وأولى به في الدين والفضل.

أما والله ما كان يبدِّل بالقرآن الغناء، ولا بالبكاء من خشية الله الحداء، ولا بالصيام شرب الحرام، ولا بالمجالس في حِلق الذكر الركض في تطلاب الصيد /يعرِّض بيزيد/ فسوف يلقون غيا).

الثانية: انتشار أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) التي تدعو إلى إمامة أهل بيته وأولهم علي ثم الحسن ثم الحسين ثم التسعة من ذرية الحسين(عليهم السلام) ؛ وذلك بسبب تمزق وحدة الدولة بعد موت يزيد واقتتال أهل الشام على الملك وكذلك اقتتال أهل خراسان وأهل اليمن، وكان ذلك إجابة لدعاء

«صفحة 14»

الحسين (عليه السلام) «اللهم اجعل باسهم بينهم». ولم يستقر الأمر لبني مروان إلا سنة 83هـ.

الكوفيون يقتلون قتلة الحسين (عليه السلام) ويحاربون أهل الشام ويحيون سيرة علي (عليه السلام):

خرج الشيعة بعد موت يزيد من السجون وكانوا اكثر من عشرة آلاف وقد سجنوا على الظن والتهم قبل قتل الحسين (عليه السلام) ومجيئه إلى العراق. واستطاعوا بقيادة سليمان بن صرد والمحتار ان ينهضوا ويؤسسوا دولة في الكوفة على منهج علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهو المنهج الذي أشار إليه الحسين (عليه السلام) في نهضته «وأسير بسيرة جدي وأبي علي» وقد قتلوا قتلة الحسين (عليه السلام) ممن كان في جيش أهل الشام الذي حاصر الحسين، وشردت وجوههم ومنهم شبث بن ربعي وحجار بن ابجر وابن الأشعث إلى البصرة، واقنعوا مصعبا بان يسحب جيشه من قتال الخوارج ويتجهوا إلى الكوفة واستطاعوا ان يحاصروا المختار ويسقطوا دولته وقتل شهيدا رحمة الله عليه مع سبعة آلاف من الأبرياء الذي كانوا محاصرين في قصر الإمارة في الكوفة.

«صفحة 15»

مصعب بن الزبير يكفر أهل الكوفة:

وشوه الإعلام الزبيري سيرة المختار حين روج انه ادعى النبوة وان أنصاره كفرة ولذلك ساغ قتلهم.

قال عبد الله بن عمر لمصعب بن الزبير لما لقيه: نعم أنت القاتل سبعة آلاف(1) من أهل القبلة في غداة واحدة، عش ما استطعت. فقال مصعب: إنهم كانوا كفرة سحرة.

وأفتى عبد الله بن الزبير في زوجة المختار التي لم تتبرأ منه ان تقتل، فقتلت ورميت على المزبلة.

الحجاج وعبد الملك بن مروان يكفران أهل الكوفة

ولما نجح عبد الملك في القضاء على دولة ابن الزبير ولى الحجاج العراق سنة 75هـ واستمر عشرين سنة يحكم العراق

وثار العراقيون عليه في البصرة والكوفة، وكانت اشد الثورات عليه ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، ولم يستطع الحجاج ان يقضي عليها الا بعد ان استعان بجيش الشام، ثم بني

ـــــــــــــــــــــــ

(1) قال ابن قتيبة في الإمامة والسياسة ج2/20 انهم كانوا ثمانية آلاف.

«صفحة 16»

مدينة واسط لأهل الشام لكي لا يختلطوا مع الكوفيين ويتأثرون بفكرهم.

وكان الحجاج قاسيا على أهل الكوفة، فقد خطب فيهم بعد قتل ابن الأشعث قائلا:

«… إنكم أهل بغي وخلاف وشقاق ونفاق، طالما اوضعتم في الضلال وسننتم سنن البغي…

يا أهل العراق ان الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم منكم والعصب والأعضاء والأطراف…

ثم التفت إلى أهل الشام الذين معه فقال لهم:

يا أهل الشام انا لكم كالظليم(1) المحافظ على فراخه، ينفي عنهن القذر ويباعد المدر ويحرسهن من الذباب، انتم العُدَّة والجُنَّة ان حارب محارب وجانب مجانب»(2).

وكتب عبد الملك إلى الحجاج: «أن أدع الناس إلى البيعة، فمن أقر بالكفر فخل سبيله إلا رجلا نصب راية أو شتم أمير المؤمنين»(3).

وأجلس مصقلة بن كرب بن رقبة العبدي إلى جنبه وكان خطيبا فقال: «اشتم كل امرئ بما

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الظليم ذَكَر النعامة.

(2) ‏ انساب الاشراف 7/345، شرح نهج البلاغة – ابن أبي الحديد ج 1 ص 344، والخطبة في البيان والتبيين 2: 138، العقد 4: 115، نهاية الارب 7: 245.

(3) ‏ تاريخ خليفة بن خياط العصفري ص 217.

«صفحة 17»

فيه ممن كنا أحسنا إليه، فاشتمه بقلة شكره ولؤم عهده ومن علمت منه عيبا فعبه بما فيه وصغِّر إليه نفسه، وكان لا يبايعه أحد إلا قال له أتشهد انك قد كفرت فإذا قال نعم بايعه وإلا قتله».

وكتب عبد الملك إلى الحجاج أيضا: «ان جمِّر(1) أهل العراق وتابع عليهم البعوث واستعن عليهم بالفقر فانه جند الله الأكبر ففعل ذلك بهم سنتين. ثم أعطاهم بعد ذلك عطاءهم»(2).

كلام عثمان المري والى الوليد على المدينة:

وفي عهد الوليد بن عبد الملك أيضا كانت السياسة نفسها.

فهذا عثمان بن حيان المري والي الوليد على المدينة أخذ عبيدة بن رباح ومنقذ العراقي في أناس من أهل العراق فحبسهم، ثم بعث بهم في جوامع(3) إلى الحجاج بن يوسف ولم يترك بالمدينة أحدا من أهل العراق تاجرا ولا غير تاجر من كل بلد إلا أخرجوا في الجوامع… وخطب على المنبر وهو يقول: «أيها الناس إذا وجدنا أهل غش

ـــــــــــــــــــــــ

(1) التجمير: ترك الجند في مواجهة العدو وحبسهم عن العود إلى اهلهم.

(2) ‏ انساب الاشراف 7/358.

(3) جوامع مفرده جامعة

«صفحة 18»

لأمير المؤمنين في قديم الدهر وحديثه وقرضوا إليكم من لا يزيدكم إلا خبالا،

أهل العراق هم أهل الشقاق والنفاق وهم والله عُش النفاق وبيضته التي أنفلقت عنه.

والله ما سَبَرتُ عراقيا قط فوجدت عنده دينا. وإن أفضلهم حالا عند نفسه الذي يقول في آل أبي طالب ما يقول وما هم لهم بشيعة إنهم لأعداء لهم ولغيرهم.

ولكن لما يريد الله من سفك دمائهم والتقرب إليه بذلك منهم وإني والله لا أؤتى بأحد منكم أكرى أحدا منهم منزلا ولا أنزله إلا هدمت منزله وأحللت به ما هو أهله.

إن البلدان مصرها عمر بن الخطاب وهو مجتهد على ما يصلح رعيته، فجعل يمر عليه من يريد الجهاد فيستشيره: الشام أحب إليك أم العراق ؟ فيقول:

الشام أحب إلي إني رأيت العراق داء عضالا وبها فرخ الشيطان،… وأني لأراني سأفرقهم في البلدان ثم أقول لو فرقتهم لأفسدوا من دخلوا عليه مع جدل وحجاج، وكيف ولم وسرعة

«صفحة 19»

وجيف(1) في الفتنة فإذا خبروا عند السيف لم يخبر منهم طائل.

ولم يصلحوا على عثمان ولقي منهم الأمرين وكانوا هم أول الناس فتق هذا الفتق ونقضوا عرى الإسلام عروة عروة وانفلوا البلدان.

والله إني لأتقرب إلى الله بكل ما افعل بهم لما أعرف من رأيهم ومذاهبهم…

ثم يزيد بن معاوية فلم يصطلحوا.

ووليهم رجل الناس جلدا يعني عبد الملك فبسط عليهم السيف وأخافهم فاستقاموا له أحبوا أو كرهوا وذلك أنه خَبَرَهم فعرَفهم»(2).

نهضة زيد بن علي وصنيع يوسف بن عمر بعد قتله بأهل الكوفة:

ونهض زيد بن علي لإنقاذ الكوفة من ظلم بني أميه سنة 122هـ.

قال البلاذري: وكتب زيد إلى أهل الآفاق كتبا يصف فيها جور بني أمية وسوء سيرتهم ويحضهم على الجهاد ويدعوهم إليه وقال: لا تقولوا خرجنا غضبا لكم ولكن قولوا خرجنا غضبا لله ودينه.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الوجيف: سرعة السير. كتاب العين.

(2) تاريخ دمشق 38/344.

«صفحة 20»

وكان (زيد) إذا بويع قال: أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وجهاد الظالمين والدفع عن المستضعفين وإعطاء المحرومين وقسم هذا الفيء على أهله ورد المظالم وإقفال الُمجَمَّرة ونصرنا أهل البيت على من نصب لنا الحرب.

قال البلاذري: ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال: «يا أهل المِدرَة الخبيثة والله ما يقعقع لي بالشِّنآن ولا تُقرن بي الصعبة، لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون، فإنكم أهل بغي وخلاف، ولقد سألت أمير المؤمنين أن يأذن لي فيكم ولو فعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساءكم إن يحيى بن زيد(1) ليتنقل في حجال نسائكم كما كان أبوه يفعل وما فيكم مطيع إلا حكيم بن شريك المحاربي، والله لو ظفرت بيحياكم…»(2).

قال البلاذري: وبعث يوسف بن عمر إلى أم امرأة لزيد أزدية فهدم دارها وحملت إليه فقال لها أزوجتِ زيدا ؟ قالت: نعم زوجته وهو سامع

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ترجم البلاذري ليحيى بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان في ج3/453-458.

(2) انساب الأشراف ج3 /448-450.

«صفحة 21»

مطيع ولو خطب إليك إذ كان كذلك لزوجته. فقال شُقّوا عليها ثيابها فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول: ما أنت بعربي تعرّيني وتضربني لعنك الله، فماتت تحت السياط ثم أمر بها فأُلقيت في العراء فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.

وأخذ امرأة قوت زيدا على أمره فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها… وضرب عنق زوجها. وضرب امرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط. وهدم دورا كثيرة.

وأُتي يوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد وكان زوجَ ابنته من يحيى بن زيد فقال له يوسف: ائتني بابنتك قال وما تصنع بها جارية عاتق(1) في البيت. قال أقسم لتأتيني بها أو لأضربنَّ عنقك، وقد كان كتب إلى هشام يصف طاعته، فأبى أن يأتيه بابنته فضرب عنقه، وأمر العريف أن يأتيه بابنة عبد الله بن يعقوب فأبى فأمر به فدُقَّت يده ورجله.

العباسيون يحذون حذو بني أميه مع أهل البيت (عليهم السلام) والكوفة:

لم تستقر الأمور لبني أميه بعد قتل زيد فقد

ـــــــــــــــــــــــ

(1) العاتق: الجارية أول ما أدركت.

«صفحة 22»

نشطت حركة المعارضة بقيادة بني هاشم وعقدوا مؤتمر الأبواء سنة 129 هـ وبايعوا لمحمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بذي النفس الزكية، وكان ممن بايعه الجناح العباسي، وكان له تنظيمه الخاص وقد انشق عن بني هاشم في السر منذ سنة 100 هـ وكان يعمل لصالحه الخاص، وقد جاء في كلام مؤسس الانشقاق محمد بن علي بن عبد الله بن عباس يوصي دعاته:

«أما أهل الكوفة فميلهم إلى ولد علي بن أبي طالب.

واما أهل البصرة فعثمانية.

واما أهل الشام فسفيانية مروانية.

واما أهل الجزيرة فخوارج.

واما أهل المدينة فقد غلب عليهم حب أبي بكر وعمر ومنهم من يميل إلى الطالبيين.

ولكن أهل خراسان قوم فيهم الكثرة والقوة والجلَد وفراغ القلوب من الأهواء فبعث إلى خراسان)(1).

وفي كلام له أيضا في حضور الدعاة ونزاع بينهم قال:

«ان أهل الشام أعوان الظالمين، وآفة هذا

ـــــــــــــــــــــــ

(1) انساب الاشراف.

«صفحة 23»

الدين، وقد ابتعثوا بنصرة بني أمية، وأغري أكثر أهل العراق بمشايعة بني أبي طالب، وقد خصنا الله بأهل خراسان، فهم أنصارنا وأعواننا وذخائرنا».

وقدر لبني العباس ان يسقط حكم بني أمية على ايديهم بجيوش الخراسانيين وكان كثير منهم من ذرية العراقيين المهجرين زمن زياد سنة 50هـ.

واحتكر العباسيون الحكم لأنفسهم وأداروا ظهرهم لمحمد بن عبد الله بن الحسن (عليه السلام) وفي أعناقهم بيعة له، وثار محمد بن عبد الله بن الحسن في المدينة واستطاع المنصور الدوانيقي ان يخمد الثورة ويقضي عليها ويقتل محمدا، ثم ثار إخوة إبراهيم بالبصرة وتحرك بجيوشه إلى الكوفة وكان الخليفة أبو جعفر المنصور قد اعتصم بها.

قال الطبري: لما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله، أرسل أبو جعفر (المنصور) إلى (عمه) عبد الله بن علي، وهو محبوس عنده، ان هذا الرجل قد خرج فان كان عندك رأي فأشر به علينا، وكان ذا رأى عندهم، فقال ارتحل الساعة حتى تأتي الكوفة، فاجثُم(1) على أكبادهم فانهم شيعة أهل

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ جثُم يجثُم: لصق ولزم.

«صفحة 24»

هذا البيت وأنصارُهم، ثم احفُفها بالمسالح فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه، أو أتاها من وجه من الوجوه، فاضرب عنقه.(1)

وجاء سهم طائش في المعركة وأصاب إبراهيم وهكذا قدر للعباسيين ان يستقر حكمهم.

أقول:

ومن ثم اتجهت الدولة لبناء بغداد لتكون خالصة للعباسيين في الولاء، ووضعت سياسة إعلامية خاصة لتبرير ما صنعه العباسيون مع أولاد عمهم الحسنيين قتلا وسجنا وتشريدا وشوهت سيرة الحسن الأب الذي ينتسب إليه الحسنيون، وشوهت الكوفة قلعة النصرة لعلي (عليه السلام) والوفاء له بشهادة معاوية العدو اللدود لعلي (عليه السلام) حين قال لبعض الوفود العراقية التي زارت الشام في سنوات الصلح، «هيهات يا أهل العراق والله لوفاؤكم له بعد موته اعجب إلي من حبكم له في حياته» ليصبح العراقيون من خلال الإعلام أهل غدر وشقاق وخذلان في زمن علي (عليه السلام) ثم ليكونوا قتلة الحسين (عليه السلام) أيام الحسين (عليه السلام)، ووضعت كثير من الاخبار على

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ تاريخ الطبري ج 6/194.

«صفحة 25»

لسان علي والحسن والحسين وزينب(عليهم السلام).

خطب المنصور في الكوفة سنة 144هجرية بعد ان قبض على عبد الله بن الحسن والد محمد وإبراهيم قبيل ان ينهضا ويثورا.

قال المسعودي: ولمـّا أخذ المنصور عبد الله بن الحسن وإخوته والنفر الذين كانوا معه من أهل بيته صعد المنبر بالهاشمية، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمد (صلى الله عليه وآله)، ثمَّ قال:

«يا أهل خراسان، أنتم شيعتنا وأنصارنا، وأهل دعوتنا، ولو بايعتم غيرنا لم تبايعوا خيرا منّا. إنَّ ولد أبي طالب تركناهم والذي لا إله إلا هو والخلافة فلم نعرض لهم لا بقليل ولا بكثير.

فقام فيها علي بن أبي طالب فما أفلح، وحكَّم الحكمين، فاختلفت عليه الأمّة وافترقت الكلمة، ثمَّ وثب عليه شيعته وأنصاره وثقاته فقتلوه.

ثمَّ قام بعدَهُ الحسن بن علي، فوالله ما كان برجل، عرضت عليه الأموال فقبلها، ودسَّ إليه معاوية إنّي أجعلك ولي عهدي، فخلع نفسه وانسلخ له ممّا كان فيه، وسلَّمه إليه وأقبل على النساء يتزوج اليوم واحدة ويطلق غدا أخرى، فلم يزل كذلك حتّى مات على فراشه.

«صفحة 26»

ثمَّ قام من بعده الحسين بن علي، فخدعه أهل العراق وأهل الكوفة أهل الشقاق والنِّفاق والإغراق في الفتن، أهل هذه المِدرة السوء، /أشار إلى الكوفة/فوالله ما هي لي بحرب فأُحاربها، ولا هي لي بسلم فأُسالمها، فرَّق الله بيني وبينها/فخذلوه وأبرؤوا أنفسهم منه، فأسلموه حتّى قتل.

ثمَّ قام من بعده زيد بن علي، فخدعه أهل الكوفة وغرّوه، فلمّا أظهروه وأخرجوه أسلموه، وقد كان أبي محمد بن علي ناشده الله في الخروج وقال له: لا تقبل أقاويل أهل الكوفة فإنّا نجد في علمنا أنَّ بعض أهل بيتنا يصلب بالكناسة، وأخشى أن تكون ذلك المصلوب، وناشده الله بذلك عمّي داود وحذَّره (رحمه الله) غدر أهل الكوفة، فلم يقبل، وتمَّ على خروجه، فقتل وصلب بالكناسة»(1).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ المسعودي: مروج الذهب ج3/301، وكانت بوادر التحسس من الكوفيين قبل ذلك روى البلاذري في انساب الاشراف 3/150، قال قال المدائني: «كتب أبو مسلم إلى أبي العباس: أن أهل الكوفة قد شاركوا شيعة أمير المؤمنين في الاسم، وخالفوهم في الفعل، ورأيهم في آل علي الذي يعلمه أمير المؤمنين، يؤتى فسادهم من قبلهم بإغوائهم إياهم واطماعهم فيما ليس لهم، فالحظهم يا أمير المؤمنين بلحظة بوار، ولا تؤهلهم لجوارك، فليست دارهم لك بدار. وأشار عليه أيضا عبد الله بن علي بنحو من ذلك فابتنى مدينته بالأنبار وتحول اليها وبها توفي».

«صفحة 27»

ولما قتل إبراهيم بن عبد الله بن الحسن أمر المنصور ان يطاف برأسه بالكوفة سنة 145 هجرية وخطب قائلا:

«يا أهل الكوفة عليكم لعنة الله وعلى بلد انتم فيه… سبئية(1)، خشبية(2)، قائل يقول: جاءت الملائكة، وقائل يقول جاء جبريل…، لَلَعجب لبني أمية وصبرهم عليكم، كيف لم يقتلوا مقاتلتكم ويسبوا ذراريكم، ويخربوا منازلكم.

أما والله يا أهل المَدَرَة الخبيثة لئن بقيتُ لكم لأذلنكم»(3).

وفي سنة 148 قرر الخليفة العباسي ان يجعل مالك بن انس مرجعا فقيها للامة في قبال الإمام الصادق (عليه السلام) الذي التف أهل العراق حوله وأخذوا بعلمه وفقهه.

وبعث المنصور إلى مالك بن انس قال القاضي

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ اي اتباع عبد الله بن سبأ الذي ادُّعي له انه مبتدع الوصية لعلي  المشابهة لوصية موسى ليوشع  الذي يترتب عليها البراءة ممن تجاوز على موقعه.

(2) ‏ في «النهاية» لابن الأثير: الخشبية: هم أصحاب المختار بن أبي عبيد، ويقال لضرب من الشيعة: الخشبية. وفي « المشتبه» للذهبي: الخشبي: هو الرافضي في عرف السلف.

(3) ‏ انساب الاشراف 3/269،

«صفحة 28»

عياض(1) قال مالك بن انس: فقلت له أي للمنصور يا أمير المؤمنين: «ولأهل العراق قولا تعدَّوا فيه طورَهم».

فقال: «أما أهل العراق فلست أقبل منهم صرفا ولا عدلا، وانما العلم علم أهل المدينة فضع للناس العلم».

وفي رواية فقلت له: ان «أهل العراق لا يرضون عِلمَنا». فقال أبو جعفر: «یضرب عليه عامَّتهم بالسيف وتقطع عليه ظهورهم بالسياط»(2).

تخطيط المنصور في الكوفة كتخطيط معاوية:

دس المنصور السم للإمام الصادق (عليه السلام)، واضطر الإمام الكاظم ان يخفي إمامته سنين، ولوحق أصحاب الإمام الصادق، بل ضعَّفوا روايته وشوهت أجبار الوصية لعلي (عليه السلام) قائلين انها من وضع يهودي من صنعاء اسلم اسمه عبد الله بن سبأ، وكانت سنوات الخليفة المنصور

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ انظر تفصيل ذلك في كتابنا المدخل إلى مصادر السيرة والتاريخ ص 470

(2) ‏ وكان المنصور قبل ذلك قد قال لابي حنيفة: يا أبا حنيفة، ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيء له من مسائلك الصعاب الكامل في الضعفاء لابن عدي 2/132

«صفحة 29»

كسنوات معاوية في تشويه التاريخ وملاحقة الشيعة.

الطبري مؤرخ جمع روايات كتابه في ضوء هدف العباسيين ورضا العامة الموالية لمعاوية:

من المؤرخين الذي سايروا الإعلام العباسي أبو مخنف المعروف، كتب في مقتل الحسين (عليه السلام)، وهو الكتاب المشهور وقد اعتمده الإعلام العباسي والمؤرخون العامة فيما بعد وسرى الاعتماد عليه إلى كثير من الخطباء.

قال فلهاوزن: «وأَثبَتُ حجة… في تاريخ الشيعة طالما اتصل بالكوفة هو أبو مخنف، والطبري يكاد لا يعتمد على غيره في ذكر أخبارهم وما أطولها»(1).

أقول:

الطبري مؤرخ عباسي راعى في جمع روايات موسوعته التاريخ من مصادر كتبها مؤلفوها لتحقق أهداف الإعلام العباسي ورضا العامة التي توالي معاوية فقد ذكر الرواية العباسية الرسمية لقصة وفاة الإمام علي الرضا (عليه السلام) وهي:

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ الخوارج والشيعة يوليوس فلهوزن ترجمه عن الألمانية الدكتور عبد الرحمن بدوي /113ط 3، الكويت 1978.

«صفحة 30»

انه اكثر من أكل العنب فمات فجأة(1) ولم يذكر غيرها، وذكر في الخلاف بين معاوية وأبي ذر رواية سيف التي تدين أبا ذر لان العامة لا تتحمل ذكر الروايات الأحرى وفيها طعن بمعاوية.

وقد اكثَرَ الطبري في تاريخه من روايات سيف بن عمر ت 191هـ في حروب الردة ومقتل عثمان وحرب الجمل، وتبين لدى التحقيق ان اكثر اخبار سيف في هذه المواضيع أما محرفة أو موضوعة(2). وهو الذي اختلق فكرة ان التشيع أساسه عبد الله بن سبا. .

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ تاريخ الطبري 7/15. علق استاذنا العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري حين قرأ هذه المعلومة من كتابنا الإمام الحسين في مواجهة الضلال الأموي عند زيارته إلى العراق سنة 2003 وكان نازلا عندنا مدة تلك الزيارة: لا يوجد مؤرخ من المتقدمين والمـتأخرين اكثر جناية على الحق والحقيقة عالما عامدا مثل الطبري فقد قال في ذكر ما جرى بين الصحابي البر أبي ذر والخليفة الداهية معاوية «… ذكروا أمورا كثيرة كرهت ذكر اكثرها أما العاذرون معاوية فقد ذكروا قصة رواها…» وقال في ذكر ما جرى بين معاوية ومحمد بن أبي بكر… «لا تتحمل سماعها العامة» اقول: فصلنا الحديث عن منهج الطبري في كتابنا المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ.

(2) ‏ انظر كتب العلامة العسكري: خمسون ومائة صحابي مختلق ثلاثة مجلدات، وعبد الله بن سبأ مجدان فإنها مكرسة لدراسة اخبار سيف بن عمر وكشف الوضع والتحريف فيها.

«صفحة 31»

كتاب أبي مخنف في مقتل الحسين (عليه السلام) وحركة المختار مكرس للرؤية العباسية في أهل الكوفة:

تُعدُّ كتب أبي مخنف لوط بن يحي الازدي ت ما قبل 170هجرية في مقتل الحسين (عليه السلام) وحركة التوابين وحركة المختار، من اقدم واشهر المصادر في موضوعه، وقد تبنى روايتها محمد بن سعد في الطبقات الكبرى، والطبري في التاريخ، وابن اعثم في الفتوح، والبلاذري في انساب الاشراف، وروى المسعودي طرفا منها في مروج الذهب، ثم أخذ ابن الأثير في كتابه الكامل، وابن كثير، وابن خلدون، والذهبي، برواية الطبري، لأنه أوردها كاملة، وعن هؤلاء أخذ المعنيون بالتاريخ ألإسلامي، من القدامى والمعاصرين شيعة كانوا أو سنّة.

لم يكن أبو مخنف من القائلين بإمامه علي (عليه السلام) والنص عليه من النبي (صلى الله عليه وآله) فهو ليس شيعيا بالمعنى الخاص للتشيع.

قال ابن أبي الحديد: وأبو مخنف من المحدثين وممن يرى صحة الإمامة بالاختيار، وليس من

«صفحة 32»

الشيعة ولا معدودا من رجالها(1).

وأكَّد ذلك الشيخ المفيد في كتابه عن حرب الجمل وقد أورد أخبار حرب الجمل عن أبي مخنف والواقدي وغيرهما قال بعدها: «فهذه جملة من اخبار البصرة، وسبب فتنتها، ومقالات أصحاب الآراء في حكم الفتنة بها، قد أوردناها على سبيل الاختصار، واثبتنا ما أثبتنا من الاخبار عن رجال العامة دون الخاصة، ولم نثبت في ذلك ما روته كتب الشيعة»(2).

هذا وقد عاصر أبو مخنف أربعة من الأئمة، وهم السجاد والباقر والصادق والكاظم(عليهم السلام)، ولم يرو عن واحد منهم بشكل مباشر الا رواية واحدة عن الإمام الصادق (عليه السلام) في عدد الطعنات بالحسين وقد جاءت مخالفة لرواية احد أصحاب الإمام الصادق الثقات في العدد، نعم روى عن بعض أصحابهم بعض الروايات.

وقد وثَّقَ أبا مخنف في النقل عددٌ من إعلام الشيعة(3)، إلا أن ذلك قابل للمناقشة، ونحن نحتاط على الأقل بل ونرفض قبول فقرات

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ شرح نهج البلاغة 1/147.

(2) ‏ الجمل ص 225.

(3) ‏ انظر معجم رجال الحديث وقاموس الرجال.

«صفحة 33»

مبثوثة في رواياته التي ترتبط بسيرة بعض الأئمة (عليهم السلام) أو سيرة شيعتهم في الكوفة أو علاقة الأئمة بهم في الفترة الواقعة من سنة حكم علي (عليه السلام) سنة 35هجرية وحروبه إلى مقتل المختار سنة 67هجرية، وذلك لأنها تعطي رؤية تخالف الثابت عن أهل البيت(عليهم السلام)، أو الثابت من التاريخ عن شيعتهم في الكوفة وعلاقتهم بهم.

من قبيل: ان الحسين (عليه السلام) ندم على أخذ نسائه وبناته معه، وأنه تذكَّر نصيحة ابن عباس يوم العاشر لما ارتفعت أصواتهن يوم العاشر من المحرم عند احتدام القتال وسقوط القتلى.(1)

أو أن يزيد قال لعلي بن الحسين (عليه السلام) لما أمر بإرجاعه والسبايا إلى المدينة: لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أني صاحبه ما سألني خصلة

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ قال أبو مخنف حدثني عبد الله بن عاصم قال حدثني الضحاك المشرقي قال: لما سمع أخوات الحسين كلام الحسين يخاطب القوم يوم العاشر صحن وبكين وبكى بناته فارتفعت أصواتهن فأرسل إليهن أخاه العباس بن علي وعليا ابنه، وقال لهما: أسكتاهن فلعمري ليكثرن بكاؤهن، قال: فلما ذهبا ليسكتاهن، قال: لا يبعد ابن عباس، قال: فظننا أنه إنما قالها حين سمع بكاؤهن لأنه قد كان نهاه أن يخرج بهن. الطبري 4/321 وقال أبو مخنف وحدثني الحارث بن كعب الوالبي عن عقبة بن سمعان: أن حسينا لما أجمع المسير إلى الكوفة أتاه عبد الله بن عباس وقال له فإن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه الطبري 4/287.

«صفحة 34»

أبدا إلا أعطيتها إياه، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت، ولو بهلاك بعض ولدي، ولكن الله قضى ما رأيت(1).

وهناك من الرواة من أسفَّ إلى اكثر من هذا كما فعل يزيد بن روح بن زنباغ الجذامي المعاصر لابي مخنف، يروي عن الغاز بن ربيعة الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند يزيد بن معاوية بدمشق إذ أقبل زُحَر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك ؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله ونصره، ورد علينا الحسين بن علي في ثمانية عشر من أهل بيته وستين من شيعته، فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد، أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فَعَدَونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، أخذوا يهربون إلى غير وزَر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذا كما لاذ الحمائم من صقر، فوالله يا أمير المؤمنين ما كان إلا جَزرَ جَزور، أو نومةََ قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ تاريخ الطبري، ج 4 ص 353.

«صفحة 35»

أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس، وتسفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم… قال: فدمعت عين يزيد وقال: قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين(1).

أو أن شيعة علي في الكوفة أمثال سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة وغيرهم كتبوا للحسين بالقدوم ثم خذلوه حتى قُتل، ثم ندموا بعد ذلك ونهضوا للأخذ بثأره.

أقول:

وفي ضوء ذلك كان من الضروري التحقيق في الرواية التاريخية التي ظهرت في فترة الخمسين سنة من حكم المنصور وولده وما بعدها سواء كانت رواية أبي مخنف أو رواية غيره وتجزئة الرواية إلى اجزاء واستبعاد الجزء الذي يلتقي مع الهدف الإعلامي للعباسيين ان لم يكن لدينا غيرها.

ان كتابا وباحثين معاصرين أمثال الشيخ

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ تاريخ الطبري، ج 4 ص 351.

«صفحة 36»

محمود شاكر(1) والدكتور احمد شلبي(2) والشيخ الخضري ونظرائهم قد يكونون معذورين حين يعتمدون على رواية أبي مخنف دون أن يحققوا فيها بسبب خلفيتهم العقائدية التي تسوغ لهم قبول ذلك أو الأنس به، أما أن يعتمد الكاتب الشيعي الإمامي(3) على رواية أبي مخنف دون تحقيق او دون تجزئة فليس معذورا(4).

لقد شحن كتاب أبي مخنف بأخبار تشوه الكوفيين وتجعلهم المسؤولين عن دعوة الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة وعن خذلانه وقتله، وكذلك تشوه من سيرة المختار والثوار معه وتسميه التوابين ليكفروا عن خذلانهم

ـــــــــــــــــــــــ

(1) ‏ كاتب مصري ألف موسوعة في التاريخ الإسلامي في عدة مجلدات.

(2) ‏ كاتب مصري ألف موسوعة التاريخ الإسلامي في عدة مجلدات وطبعت طبعات عديدة أخر ما رايته هو الطبعة السابعة سنة 1984م وعنها ننقل في كتابنا هذا.

(3) ‏ قد يعترض البعض علينا باعتماد مرجع الشيعة في وقته الشيخ المفيد رحمه الله على رواية أبي مخنف في كتابه الإرشاد، او في كتابه الجمل، ولكنه اعتراض غير وارد لان الشيخ المفيد في الجمل يصرح انه انما أورد اخبار الجمل من مصادر غير إمامية لأجل الاحتجاج.

(4) ‏ اشرنا إلى طرف من هذا الموضوع في كتابنا المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية، /469- 480، نرجو ان نوفق إلى تفصيلها في دراسة مستقلة.

«صفحة 37»

للحسين (عليه السلام)، في الوقت الذي كان هؤلاء في السجون، قبل مجيء الحسين (عليه السلام) إلى العراق.

أهل البيت(عليهم السلام) يؤكدون أن أهل الشام هم قتلة الحسين (عليه السلام):

وتأتي روايات أهل البيت(عليهم السلام) لتؤكد ان قتلة الحسين (عليه السلام) هم أهل الشام، وان أهل الكوفة أوفياء في نصرتهم لأهل البيت.

في الكافي (ج 4 / 147) سئل أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) عن صوم يوم تاسوعاء فقال:

«تاسوعا يومٌ حوصِرَ فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه بكربلاء، واجتمع عليه خيلُ أهلِ الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها،

واستضعفوا فيه الحسين عليه السلام وأصحابه وأيقنوا أنه لا يأتي الحسين ناصر ولا يمده أهل العراق(1)، بأبي المستضعف الغريب».

وفي أمالي الطوسي (667)عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن صوم يوم عاشورا فقال:

«ذاك يومُ قُتِلَ الحسين (عليه السلام) فان كنت شامتا فصم».

ـــــــــــــــــــــــ

(1) لأنهم ما بين سجين ومختف، فضلا عن قطع الطرق ووضع المراصد فيها.

«صفحة 38»

ثم قال:

«إن لآل أمية لعنهم الله ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام نذرا إن قتل الحسين عليه السلام وسلِم من خرج إلى الحسين، وصارت الخلافة في آل أبي سفيان أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم يصومون فيه شكرا، فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم في الناس، واقتدى بهم الناس جميعا لذلك، فلذلك يصومونه ويدخلون على عيالاتهم وأهاليهم الفرح في ذلك اليوم».

ونصوص التاريخ تؤيد ذلك:

قال الطبري: «وكان معاوية حين أجمع عليه أهل العراق بعد علي يخرج من الكوفة المستغرب في أمر على وينزل داره المستغرب في أمر نفسه من أهل الشأم وأهل البصرة وأهل الجزيرة وهم الذين يقال لهم النواقل في الأمصار»(1).

أقول: روى البلاذري قال: «سير زياد بأمر معاوية خمسا وعشرين ألفا من الكوفة ومن البصرة مثلهم إلى خراسان».

ومن ذلك يتبين ان الكوفة قد طعمها معاوية بعدد لا يستهان به من أهل الشام الموالين له. وكان هؤلاء وأهل الجزيرة وأهل البصرة هم مادة الجيش الذي خرج إلى قتال الحسين فضلا عن الحمراء مرتزقة الجيش الفارسي الذين اعتمدهم زياد في بناء جهاز شرطته الداخلية في الكوفة.

وفي رواية الشيخ الصدوق قال «وحال بنو كلاب بين الحسين وبين الماء… واقبل عدو الله سنان بن انس الأيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما الله في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على راس الحسين عليه السلام…»(2).

قال ابن خلدون: «وأما بنو كلاب بن ربيعة فمنهم بنو الضباب الذين منهم شمر بن ذي الجوش بن الأعور بن معاوية قاتل الحسين بن علي وكانت بلاد بنى كلاب حمى ضرية(3) والربذة في جهات المدينة وفدك والعوالي وحمى ضرية، ثم انتقل بنو كلاب إلى الشام فكان لهم في الجزيرة الفراتية صيت وملك وملكوا حلب وكثيرا من مدن الشأم»(4).

ـــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ الطبري، ج2 – ص 500 – 501

(2) الأمالي للشيخ الصدوق /266.

(3) ضرية بئر بالحجاز ينسب إليها حمى ضرية في طريق مكة من البصرة ونجد.

(4) تاريخ ابن خلدون – ابن خلدون – ج 2 ق1 – ص 311 – 312

«صفحة 39»

طرف من كلمات أهل البيت (عليه السلام) في الكوفيين:

كان علي (عليه السلام) يخاطب الكوفيين: «انتم الأنصار على الحق، والإخوان في الدين».

وكان يقول (عليه السلام): «الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث يشاء، والذي نفسي بيده لينتصرَنَّ الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز»(1).

وقال (عليه السلام) أيضا وهو بالكوفة: «ما أشد بلايا الكوفة لا تسبوا أهل الكوفة فوالله إن فيهم لمصابيح الهدى وأوتاد ذكر… والله ليدقن الله بهم جناح كفر لا ينجبر أبدا، إن مكة حرم إبراهيم والمدينة حرم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والكوفة حرمي ما من مؤمن إلا وهو من أهل الكوفة أو هواه لينزع إليها»(2).

وروى حنان بن سدير عن أبيه قال:

«دخلت أنا وأبي وجدي وعمي حمّاما بالمدينة فإذا رجل في بيت المسلخ.

فقال: لنا من القوم؟

ـــــــــــــــــــــــ

(1) معجم البلدان 4/492.

(2) تاريخ مدينة دمشق – ابن عساكر – ج 1 – ص 297

«صفحة 40»

فقلنا: من أهل العراق.

فقال: وأي العراق؟

قلنا: كوفيون.

فقال: مرحبا بكم يأهل الكوفة أنتم الشعار دون الدثار.

فسألنا عنه فإذا هو علي بن الحسين»(1).

وعن محمد الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه قال: «ان الله عرض ولايتنا على أهل الامصار فلم يقبلها الا أهل الكوفة»(2).

وعن عبد الله بن الوليد قال:

«دخلنا على أبي عبد الله (عليه السلام) فسلمنا عليه وجلسنا بين يديه،

فسألنا: من انتم ؟

فقلنا: من أهل الكوفة.

فقال: أما إنه ليس بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة.

إن الله هداكم لأمر جهله الناس، أحببتمونا وأبغضنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، واتبعتمونا وخالفنا الناس. فجعل الله محياكم محيانا ومماتكم مماتنا».

ـــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ج1/368عن الكافي ورواه الصدوق أيضا.

(2) البحار 60/209.

«صفحة 41»

وقال (عليه السلام) أيضا؛ «وقد جاءه رجل قال: بعت ضياعي وضربت على كل شيء لي ذهبا وفضة وقلت انزل مكة فقال لا تفعل فان أهل مكة يكفرون بالله جهرة، فقلت ففي حرم رسول الله فقال هم شر منهم قلت فأين انزل قال عليك بالعراق الكوفة فان البركة منها على اثني عشر ميلا هكذا هكذا والى جانبها قبر ما اتاه مكروب قط ولا ملهوف قط الا فرج الله عنه»(1).

***

عدد الزوار: 788

معلومات الاصدار

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *