العقل العام والتغيير الاجتماعي

بدعوة من المشروع الثقافي لشباب العراق فرع النجف الأشرف ألقى سماحة العلامة المحقق السيد سامي البدري دام عزه المشرف العام على المركز محاضرة تثقيفية تحت عنوان «العقل العام والتغيير الاجتماعي» على قاعة معهد القرآن الكريم التابع للعتبة العباسية المقدسة فرع النجف الأشرف حضرها 40 شابا بين طالب جامعي وخريج من مختلف التخصصات والكليات في النجف الأشرف.

حيث استهل سماحته محاضرته بالتأكيد على أهمية دور الشباب في حاضر ومستقبل العراق، وخصوصا شباب المدينتين المقدستين النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، وأكد أن أولى خطوات التغيير الاجتماعي هو الفكر والثقافة، فإن الذي يريد أن يقوم بعملية التغيير في المتجمع لابد أن يمتلك رصيدا كافيا من الفكر والثقافة تؤهله للقيام بعملية التغيير في المتجمع، والفكر والثقافة لا يأتيان إلا من خلال كثرة القراءة والاستماع إلى المحاضرات لبناء فكره وثقافته الدينية والتاريخية الأصيلة يتشكل هذه المنظومة المعرفية الكاملة جهازه المعرفي ومعلوماته العامة وهذا ما أسميه «العقل العام» عند الفرد وهو في قبال «العقل المتخصص» عنده والذي يُبنى بواسطة اختصاصه الأكاديمي والمعلومات التي يمتلكها في حقل تخصصه سواء كان طب أو هندسة أو فيزياء أو كيمياء وغيرها.

وأكد سماحته على أننا لو أخذنا عينات من المجتمع البشري سنرى إنسانا يمتلك عقلا متخصصا ذهبيا كالطبيب أو عالم الفيزياء أو الكيمياء وغيرهم،

إلا أنه في نفس الوقت يمتلك عقلا عاما ضحلا لا قيمة له إذ تجده يعبد حجرا (صنما) أو حيوانا ويتبرك بمدفوعه، وفي قبال هذا الفرد، تجد من يمتلك عقلا عاما ذهبيا من جهة معلوماته الدينية والتاريخية الأصيلة ويمتلك عقلا متخصصا بسيطا أو قد لا يمتلكه أصلا، كما أكد سماحته على أن الشباب الذي يريد أن يقوم بعملية التغيير الاجتماعي في المتجمع أن يمتلك عقلا عاما وعقلا متخصصا كلاهما من ذهب ليقوم بواجبه على أتم وجه.

وأشار سماحته إلى أن المدارس الحديثة اهتمت بالعقل المتخصص وأهملت العقل العام الذي يبدأ في سن مبكرة بجمع المعلومات عن الأسئلة الثلاثة (من أين جئت؟ إلى أين أذهب؟ …) والتي تنبثق عنها العديد من الأسئلة، مثل: هل الخالق عابث في خلقه؟ ما هو الهدف إن لم يكن عابثا؟ هل بعث الخالق رسلا للإنسان؟ وهذا الرسول إذا مات هل يترك الناس هكذا ام يترك لهم شخصا يرجعون إليه؟ وهكذا العديد من الأسئلة التي لها صبغة عقائدية وهي تمثل جوهر العقل العام.

كما أشار سماحته إلى أنه أجرى دراسة حول المناهج الدراسية لمادة التاريخ في المراحل المتوسطة (الأول: تاريخ العراق القديم، والثاني: تاريخ العراق الوسيط والعهد الاسلامي، والثالث: تاريخ العراق الحديث) في المدارس الحديثة في العراق لمائة عام فانتبه إلى خطوة المادة التي تدرس في المناهج لأنها تقوم بتمدير الذاكرة العراقية عند العراقيين وهي أهم أجزاء العقل العام عند الفرد العراقي، وتبني محله ذاكرة مدمَّرة ومدمِّرة من خلال التغييب المتعمد للعديد من المفردات والمعلومات المهمة في هذه الذاكرة، وتضع محلها معلومات ومفردات غير صحيحة، فلابد من معالجة هذا الخلل في العقل العام عند كل من يريد القيام بالتغيير الاجتماعي.

ثم تحدث سماحته عن بإيجاز عن النهاية المشرقة للعالم ودور العراق والعراقيين فيها، فعلى حد تعبيره أنك اذا رأيت العراق من وجه الخدمات والاعمار وغيرها… ستجده خرابا يحبط الأمل، ولكن للعراق وجه آخر إن نظرت إليه ففيه كل الخير وكل الأمل وهذا الوجه يبرز كل عام في الموسم الحسيني خصوصا في موسم الأربعين، ثم تحدث سماحته عن أهمية المجالس والمواكب الحسينية والزيارة الأربعينية المليونية في دورها التربوي والتوعوي في مختلف الجوانب والأثر الذي تتركه في العقل العام عند الفرد، كما تحدث عن خصوصية زيارة الأربعين وأهميتها وثوابها بشكل خاص وثواب زيارة الإمام الحسين (ع) بشكل عام والأثر الذي تتركه هذه المراسيم على الانسان.

ثم أجاب سماحته عن أسئلة الشباب الحاضرين الذين اعربوا عن استفادتهم من هذه المحاضرة.

عدد الزوار: 54

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *