بدعوة من تجمع نحو الهدف وذمن المخيم الثقافي الذي يقيمه التجمع لشبابه، ألقى سماحة العلامة المحقق السيد سامي البدري دام عزه المشرف العام على المركز محاضرة تحت عنوان «البداية والنهاية المشرقتين للعراق والعراقيين، المفردتان المغيبتان عن العقل العام للعراقيين» وذلك في قاعة ميثم التمار إحدى قاعات مدينة الإمام الحسن المجتبى (ع) للزائرين حضرها 60 شابا بين طالب جامعي وخريج من مختلف التخصصات والجامعات في العراق.
حيث استهل سماحته محاضرته بالتأكيد على أهمية دور الشباب في حاضر ومستقبل العراق، كما أكد أن أولى خطوات التغيير الاجتماعي هو الفكر والثقافة، فإن الذي يريد أن يقوم بعملية التغيير في المتجمع لابد أن يمتلك رصيدا كافيا من الفكر والثقافة تؤهله للقيام بعملية التغيير في المتجمع، والفكر والثقافة لا يأتيان إلا من خلال كثرة القراءة والاستماع إلى المحاضرات لبناء فكره وثقافته الدينية والتاريخية الأصيلة لتشكل هذه المنظومة المعرفية الكاملة جهازه المعرفي ومعلوماته العامة وهذا ما أسميه «العقل العام» عند الفرد وهو في قبال «العقل المتخصص» عنده والذي يُبنى بواسطة اختصاصه الأكاديمي والمعلومات التي يمتلكها في حقل تخصصه سواء كان طب أو هندسة أو فيزياء أو كيمياء وغيرها.
وأشار سماحته إلى أن المدارس الحديثة اهتمت بالعقل المتخصص وأهملت العقل العام الذي يبدأ في سن مبكرة بجمع المعلومات عن الأسئلة الثلاثة (من أين جئت؟ إلى أين أذهب؟ …) والتي تنبثق عنها العديد من الأسئلة، ومنها ما يتعلق بتاريخ البلد الذي يعيش فيه الانسان ومنها ما يتعلق ببداية الانسان وخلقه ثم البلد البحث عن البلد الذي خُلق عليه الانسان؟ ثم النهاية التي يترقبها البشر، وما هي الأرض المحورية والشعب المحوري في النهاية.
كما أشار سماحته إلى أنه أجرى دراسة حول المناهج الدراسية لمادة التاريخ في المراحل المتوسطة (الأول: تاريخ العراق القديم، والثاني: تاريخ العراق الوسيط والعهد الاسلامي، والثالث: تاريخ العراق الحديث) في المدارس الحديثة في العراق لمائة عام فانتبه إلى خطوة المادة التي تدرس في المناهج لأنها قوم بتمدير الذاكرة العراقية عند العراقيين وهي أهم أجزاء العقل العام عند الفرد العراقي، وتبني محله ذاكرة مدمَّرة ومدمِّرة من خلال التغييب المتعمد للعديد من المفردات والمعلومات المهمة في هذه الذاكرة، وتضع محلها معلومات ومفردات غير صحيحة، فلابد من معالجة هذا الخلل في العقل العام عند كل من يريد القيام بالتغيير الاجتماعي.
وأشار سماحته إلى أن العراق يُنظر من وجهين؛ الأول هو وجه الخدمات والاعمار ونحو ذلك، فمن ينظر للبلد من هذه الناحية يجده خرابا قد يخيب الأمل، أما الوجه الآخر للعراق وهو الوجه الحقيقي لهذا البلد فإنه يتجلى حينما تنظر للعراق والعراقيين أيام الزيارة الأربعينية فإن العراقيين مرتبطين برمز عراقي اسمه علي بن ابي طالب (ع) ورمز آخر اسمه الحسين بن علي (ع) ورمز ثالث هو المهدي (عج)، هذا هو العراق من وجهه الآخر…
ثم تحدث سماحته بإيجاز عما أسماه «البداية المشرقة للعراق والعراقيين» حيث أثبتت نتائج أبحاثه في التراث المسماري والتراث الكتابي ثم التراث الاسلامي حول بلد خلقة الإنسان أنه العراق، وهو يمثل البلد الذي بدأ فيه تاريخ البشرية وتاريخ حركة الأنبياء (ع)، ثم تحدث عن بقعة النجف الأشرف وأنها هي البقعة التي رست عليها سفينة نوح (ع)، وعن كربلاء المقدسة التي تُعرف في التراث المسماري ببلد القربان، ثم ولاء العراقيين لأهل البيت (ع) والثمن الذي دفعوه في سبيل هذا الولاء واختيار الأئمة (ع) للعراق ومراقدهم الطاهرة فيه، وولادة الثاني عشر منهم الإمام المهدي (عج)… وصولا إلى زيارة الأربعين المليونية التي نشهد قمة نموها في هذه المرحلة من التاريخ والأثر الكبير الذي تتركه هذه الزيارة على العراق وعلى شباب العراق، وأشار سماحته إلى مسألة اتخاذ الإمام المهدي (عج) أرض العراق عاصمة له دون غيره وأن لهذه المسألة العديد من الإشارات والوجوه التي يجب أن يلتفت إليها الجميع، فالعراق هو بلد خلقة الانسان وبلد الأنبياء (ع) والأئمة (ع) وأنصارهم بل هو بلد الهداية، وهو البلد الذي سيقود العالم في نهاية التاريخ.
وختم العلامة البدري محاضرته مؤكدا على الإلتزام والتمسك بتوجيهات المرجعية الدينية العليا التي لا تريد إلا الخير للعراق والعراقيين وهي صمام أمان البلد.
ثم أجاب سماحته عن أسئلة الحضور التي أثرت جوانب مختلفة من المحاضرة، وأعرب الشباب الحاضرين عن عمق استفادتهم من هذه المحاضرة وعن المعلومات التي اشتملت عليه وذلك عبر الاستبيان الذي وُزع عليهم.