اصدر مركز فجر عاشوراء الثقافي التابع للعتبة الحسينية المقدسة – قسم النشاطات العامة / ممثلية قم المشرفة (1442هـ) كراسا الكترونيا مناسبا للقراءة عبر اجهزة النقال الحديثة بعنوان: «زيارة وارث تؤسس المقارة بين الحسين (ع) والانبياء» تاليف: العلامة المحقق السيد سامي البدري، واصل هذا البحث ما كتبه العلامة البدري بشكل مختصر ونشر في كتاب «بحوث في النهضة الحسينية» المطبوع سنة 2017/1438م، مع بعض التصحيحات . وقد تناول الكراس اضاءات جديدة حول زيارة الامام الحسين (ع) المعروفة بزيارة «وارث».
المحتويات
«صفحة 1»
زيارة وارث تؤسس المقارنة بين الحسين (ع) والانبياء (ع)
السيد سامي البدري
«صفحة 2»
عنوان الإصدار : زيارة وارث تؤسس المقارنة بين الحسين (ع) والانبياء
تأليف: العلامة المحقق السيد سامي البدري
إعداد وتقديم للإصدار الإلكتروني : د. السيد حسين البدري
سنة الإصدار : صفر 2020/1442
نوع الإصدار: إلكتروني ـ PDF
الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي
الموقع: fajrashura.com
ملاحظة: الترقيم مواقف للاصدار المنشور.
«صفحة 3»
«صفحة 4»
«صفحة 5»
مقدمة المركز
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين.
لقد جلبت نصوص الزيارات الواردة عن الأئمة المعصومين (عليهم السلام) اهتمام الباحثين، فافردوا في شرحها وسبر معانيها رسائلا وكتبا يطول الوقوف على عناوينها، وخصوصا تلك الواردة في الإمام الحسين (عليه السلام).
ويعود هذا الاهتمام من جانب إلى علو المضامين والمعاني في تلك النصوص ومن جانب آخر المكانة الرفيعة لمن صدرت منهم، وجانب ثالث هو الواقع الاجتماعي الكاشف عن التمسك الكبير والانشداد المستمر لهذه النصوص من قبل الشيعة عند زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) من قرب او بعد.
أما خصوص زيارة وارث فهي تُعرِّف بالترابط الوثيق بين الحسين (عليه السلام) وأنبياء الله العظام المبني على الوراثة الخاصة وما في ذلك من معاني عميقة
«صفحة 6»
تقرب أجزاء التاريخ الممتدة بعضها إلى البعض.
والنقلة النوعية في بحوث العلامة البدري حول زيارة وارث انه انطلق لدراسها بعد أن قضى شوطا كبيرا في بحوثه القرآنية وفي تراث أهل البيت (عليهم السلام) وعلم الآثار(1) وأسفار العهد القديم(2) بلغاتها الأصلية العبرية والآرامية والسريانية والأكدية و السومرية. يضاف إلى ذلك بحوثه الواسعة في حقل التاريخ القديم والتاريخ الإسلامي(3)، واكتشافه لمنهج الدراسة المقارنة بين مسيرة موسى وأهل بيته ومسيرة محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) والتي كانت من نتائجها اكتشافات مهمة ألقيت بعضها في جامعة الكوفة كلية الآداب تحت عنوان
ـــــــــــــــــــــــ
(1) للعلامة البدري بحوث كثيرة في دراسة علم الآثار والقرآن الكريم دراسة مقارنة والتي أدت إلى تأسيسه لعلم آثار القرآن الكريم وقد صدر له عدة أبحاث قيمة منها «النجف مرسى سفينة نوح» و«علم آثار القرآن الكريم» و «القرآن وعلم الآثار».
(2) وقد نشرت بعض بحوث العلامة البدري في هذا الصدد مثل «البشارات» و «التوراة قراءة إسلامية» و«دعوة إبراهيم وإسماعيل عند بناء القواعد من البيت» و بحوثه في سفر ملاخي و«الدراسات الإسلامية المسيحية اليهودية» وغير ها.
(3) صدر من بحوث العلامة البدري حول التاريخ الإسلامي: «المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي»، «السيرة النبوية»، «الإمام الحسن في مواجهة الانشقاق الأموي» ، «الامام الحسين في مواجهة الانقلاب الأموي» وغيرها.
«صفحة 7»
«التناظر المثير بين بني إسرائيل وبني إسماعيل خلال أربعة آلاف عام» وغيره من البحوث والنتائج .
اسهم هذا الشوط الطويل الذي قضاه العلامة البدري مع تلك الأبحاث في اكتشاف معان وخصوصيات رسالية ورثها الإمام الحسين (عليه السلام) لستة من الأنبياء العظام ميَّزهم الله بها ذكرتهم «زيارة وارث» وهم: آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى (عليهم السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله)، ثم خصوصيات رسالية تميز بها أبوه علي (عليه السلام)وأخوه الحسن (عليه السلام)وامه الزهراء (عليها السلام).
وكما يقول العلامة البدري: «كانت الأفكار الجديدة في زيارة وارث نفحة من نفحات أربعينية الحسين في 18صفر سنة 1428هـ/2007م مشيا مع ثلة من أهل العلم من النجف الأشرف، في أجواء المشاة المؤثرة على ارض آدم (عليه السلام) والأئمة التسعة من ذريته وارض نوح (عليه السلام) بعد الطوفان وهي ارض موسى (عليه السلام) بعد خروجهم من مصر وهي ارض علي والحسن والحسين (عليهم السلام) وهي ارض المهدي (عليه السلام) عند خروجه، ثم فرضت عليَّ أن أتابعها تفكيرا وكتابة وحوارا ومحاضرة ».(1)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) اقتبسنا هذا النص من مقدمة كتاب العلامة البدري «الحسين وارث الأنبياء» .
«صفحة 8»
والكراس بين يديك القارئ الكريم هو ما كتبه العلامة البدري بشكل مختصر ونشر في كتاب «بحوث في النهضة الحسينية» المطبوع سنة 1438هـ ، مع بعض التصحيحات، والتفصيل يراجع في الكتاب المفصل.
يذكر ان العلامة البدري قد ألقى عشرة حلقات في محرم 1432 ـ 2011بثتها عدة قنوات فضائية منها العراقية وقناة كربلاء والثقلين وغيرها.
والحمد لله رب العالمين صلى الله على محمد وآله الطاهرين.
د. السيد حسين البدري
مسؤول وحدة الأبحاث العلمية والإصدارات العامة
15صفر الخير1442 هجرية
قم المشرفة
«صفحة 9»
زيارة وارث تؤسس المقارنة بين الحسين (عليه السلام) والأنبياء (عليهم السلام)
وتكشف عن وراثة الحسين (عليه السلام) لخصوصيات الأنبياء الرسالية، وتثير مسالة جديدة في الفكر هي مسالة الاستنساخ التاريخي بالحسين (عليه السلام) المماثلة لمسالة الاستنساخ التاريخي بين إسماعيل وإسحاق خلال أربعة آلاف عام التي آثارها القرآن الكريم.
سند الزيارة:
زيارة وارث من أشهر الزيارات التي يزار بها الإمام الحسين (عليه السلام) وقد وردت عن الإمام الصادق (عليه السلام) رواها ابن قولويه(2) ت368هـ في كتابه (كامل الزيارات) تحت رقم (621)
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مقال نشر في مجلة فجر عاشوراء العدد المزدوج 4و5 سنة 1438هـ
(2) قال النجاشي في كتابه الرجال / 123 ـ 124: جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه أبو القاسم وكان أبوه يلقب مسلمة من خيار أصحاب سعد، وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلائهم في الحديث والفقه، روى عن أبيه وأخيه عن سعد وقال: ما سمعت من سعد إلا أربعة أحاديث، وعليه قرأ شيخنا أبو عبد الله الفقه ومنه حمل، وكل ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه، وله كتب حسان.
«صفحة 10»
من الطبعة المرقمة(1)وهو من أقدم كتب الزيارة الميسرة في التراث الشيعي وقد وردت مختصرة عن المفضل عن جابر الجعفي عن الإمام الصادق واخرى مفصلة عن أبي حمزة الثمالي.(2)
ولم ترد رواية عن الأئمة التسعة تحثَّ الشيعة على زيارة غير الحسين بها. أما ما أورده ابن قولويه نفسه في الرواية رقم (801) إذ قال: «وروي عن بعضهم (عليه السلام) قال: إذا أتيت قبر علي بن موسى الرضا (عليهما السلام)، بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك، وقل حين تغتسل:…» وفيها ذكر وارث، فإنَّ حرف (العين) أمام كلمة (بعضهم) زائدة من النساخ، ونسخة السيد البروجردي رحمه الله في (جامع أحاديث الشيعة)(3) ليس فيها ذلك، مما يدل على ان المراد من كلمة بعضهم ليس احد الأئمة إذ لا يعبر علماء الشيعة عن الأئمة بذلك. بل يراد بعض
ـــــــــــــــــــــــ
(1) وهي الطبعة التي حققها الشيخ جواد قيومي ونشرتها مؤسسة النشر الإسلامي سنة 1417هـ.
(2) رواها ابن قولويه عن أبي عبد الرحمان محمد بن أحمد بن الحسين العسكري ومحمد بن الحسن (بن علي بن مهزيار) جميعا، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه علي بن مهزيار، عن محمد بن أبي عمير، عن محمد بن مروان، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال الصادق (عليه السلام).
(3) جامع أحاديث الشيعة 12/607
«صفحة 11»
الرواة أو العلماء وهو محمد بن الحسن بن الوليد شيخ الصدوق فقد جاء في كتابه عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2/303 وفي كتابه (من لا يحضره الفقيه) (2/604) قال: زيارة الرضا (عليه السلام) بطوس ذكرها شيخنا محمد بن الحسن (بن الوليد) في جامعه فقال: «إذا أردت زيارة الرضا (عليه السلام) بطوس فاغتسل عند خروجك من منزلك وقل حين تغتسل…». قال العلامة المجلسي الأول في روضة المتقين 5/442: «زيارة قبر الرضا أبي الحسن علي بن موسى عليهما السلام بطوس ذكر هذه الزيارة شيخ الصدوق محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه في جامعه والظاهر أنه جمعها ولا بأس به، لكن الأولى الزيارة المنقولة عنهم صلوات الله عليهم».
معنى وارث:
الوارث في اللغة الباقي. ومعنى الحسين وارث آدم اي ان الحسين (عليه السلام) باق بعد آدم يحمل خصوصية من خصوصياته التي تذكِّر به، وهكذا الحسين (عليه السلام) وارث نوح اي الحسين (عليه السلام) باق بعد نوح يحمل خصوصية من خصوصياته التي تذكر به فما هي هذه الخصوصية التي ورثها
«صفحة 12»
الحسين (عليه السلام) من ادم (عليه السلام)، نوح (عليه السلام)، إبراهيم (عليه السلام)، موسى (عليه السلام)، عيسى (عليه السلام)، محمد (صلى الله عليه وآله)، علي (عليه السلام)، الحسن (عليه السلام)، فاطمة (عليها السلام) دون غيره من الائمة(عليهم السلام)؟ والجواب يتضح من بيان خصوصيات الأنبياء والائمة(عليهم السلام).
خصوصيات الأنبياء والأئمة:
هناك ثلاث خصوصيات رسالية للأنبياء وأوصيائهم، اثنتان منهما تورثان منهما بالوصية من الله تعالى ورسوله (عليه السلام) هما:
الأولى: الإمامة الهادية قال تعالى ﴿ وإِذِ ابتَلى إِبراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماما قالَ ومِن ذُرّيتي قالَ لا ينالُ عَهدي الظّالِمينَ﴾ البقرة/124 وقال ﴿وإِذ جَعَلنا البَيتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وأَمنا واتَّخِذوا مِن مَقامِ إِبراهيمَ مُصَلًّى وعَهِدنا إِلى إِبراهيمَ وإِسماعيلَ أَن طَهِّرا بَيتي لِلطّائِفينَ والعاكِفينَ والرُّكَّعِ السُّجودِ﴾ البقرة/125، وقال ﴿ووهَبنا لَهُ إِسحاقَ ويعقوبَ نافِلَةً وكُلا جَعَلنا صالِحينَ ٭ وجَعَلناهُم أَئِمَّةً يهدونَ بِأَمرِنا﴾ الأنبياء/72-73.
الثانية: التراث النبوي المكتوب، قال تعالى ﴿و قالَ لَهُم نَبيهُم إِنَّ آيةَ مُلكِهِ أَن يأتيكُمُ التّابوتُ فيهِ سَكينَةٌ مِن رَبِّكُم وبَقيةٌ مِمّا تَرَكَ آلُ موسى وآلُ هارُ ونَ
«صفحة 13»
تَحمِلُهُ المَلائِكَةُ إِنَّ في ذلِكَ لآَيةً لَكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ البقرة/248، وكانت تَرِكَة موسى وال هارون هي التوراة وما أملاه موسى على هارون من العلم فقد ورثه آل هارون بالوصية من موسى وهارون ثم صارت إلى طالوت بالوصية.
ان كلا من هاتين الخصوصيتين يرثهما اللاحق من الأنبياء والائمة الاتباع من النبي المؤسس أو النبي التابع أو الإمام السابق بالوصية. وقد وصلت إلى الحسين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) مباشرة وعن أخيه الحسن (عليه السلام) بوصية من النبي (صلى الله عليه وآله) ثم منه إلى ولده السجاد (عليه السلام) ثم إلى ولده الباقر (عليه السلام) ثم الصادق (عليه السلام) ثم ولده الكاظم (عليه السلام) ثم ولده الرضا (عليه السلام) ثم ولده الجواد (عليه السلام) ثم ولده الهادي (عليه السلام) ثم ولده العسكري (عليه السلام) ثم ولده المهدي (عليه السلام). «عن عمرو بن الأشعث قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام الله عليه وآله: أترون الموصي منا يوصي إلى من يريد ؟ ! لا والله ولكن عهد من الله ورسوله صلى الله عليه وآله، لرجل فرجل حتى ينتهي الأمر إلى صاحبه»(1).
الثالثة: خصوصية تتعلق بالحركة الرسالية في
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 1/278.
«صفحة 14»
المجتمع يتميز بها النبي (صلى الله عليه وآله) أو الوصي والصفي في تاريخ الحركة الرسالية للأصفياء.
الدراسة المقارنة بين الحسين (عليه السلام) والأنبياء تكشف عن التماثل بينه وبينهم:
تكشف الدراسة المقارنة للحسين (عليه السلام) مع الذوات التسع /آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن وفاطمة(عليهم السلام)/ عن تماثل الحسين (عليه السلام) معهم في الخصوصيات الرسالية المميزة لكل واحد منهم عن غيره، وبذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لهم دون غيره من الأئمة التسعة من بنيه او جده وأبية أو أمه وأخيه (عليه السلام).
والدراسة المقارنة بين سيرة الحسين (عليه السلام) الرسالية وسير تلك الذوات المعصومة التسع أو غيرها عمل علمي مفتوح لا ادعي أنني قدمت فيه صورته النهائية وانما قدمت فيه نظرية متكاملة وفق بحوثي الخاصة عن الأنبياء والائمة، تفسر التفصيل الذي جاء في زيارة وارث، إذ لو كانت الزيارة تريد ان تؤكد على وراثة الخصوصية الأولى والثانية وهي مشتركة بين الحسين (عليه السلام)
«صفحة 15»
والائمة التسعة من بنيه وأنبياء الله لما احتاجت إلى التفصيل، فالتفصيل قرينة على ان المراد بالوارثة معنى خاص ورثه الحسين (عليه السلام) من تلك الذوات دون غيره.
وهكذا فان الحسين (عليه السلام) وارث آدم اي باق بعد آدم في خصوصيته الرسالية التي ميزه الله بها، وتتمثل بما حباه الله تعالى من تسع حجج من ذريته تاسعهم صاحب عمر طويل اهلك الله المستكبرين على يده وأورثه الأرض واسكنه النجف، وكذلك الحسين (عليه السلام) فقد حباه الله بتسع حجج من ذريته تاسعهم صاحب عمر طويل سوف يهلك الله على يده المستكبرين على يده ويورثه الأرض ويسكنه النجف، والامر نفسه في الخصوصيات الأحرى لنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن(عليهم السلام) كما سيأتي.
ظاهرة الاستنساخ التاريخي:
ان حوادث التاريخ الطولية للأنبياء هي صفاتهم غير المكرورة كخلق آدم من تراب، وبعثة نوح بعمر 850 سنة وبقائه في قومه يدعوهم ألف سنة الا خمسين ثم بقاؤه بعد الطوفان خمسمائة
«صفحة 16»
سنة وبعثة إبراهيم بخطي إسماعيل وإسحاق / التجربتين المتماثلتين لأربعة آلاف سنة تقريبا بالحوادث الكبيرة وبأسماء الهداة/ ولم تتكرر لغير إبراهيم من الأنبياء قبله، وبعثة موسى وقد وضعته امه في صندوق ورمته في النيل فيرسو أمام قصر فرعون فليقي عليه محبة ليتربى في بلاط فرعون عدو موسى وقومه ثم يبعثه الله تعالى منقذا لقومه ويخرجهم من مصر ويهلك فرعون وجنوده، وبولادة عيسى من امه من غير فحل فيبعثه رسولا إلى بني إسرائيل، وببعثة محمد (صلى الله عليه وآله) خاتم للأنبياء الصفة المميزة له دون الأنبياء، وبعلي (عليه السلام) المولود في الكعبة ولم يولد قبله ولا بعده احد سواه، وبالحسن (عليه السلام) الذي يبايع على حكم مستقر ثم يتنازل لعدوه بشروط يفضح بها عدوه وينقل مشروع أبية الرسالي إلى منطقة عدوه. ولم يسبق لشخص في التاريخ ان يصنع كصنيع الحسين (عليه السلام) ويحقق أهدافه الرسالية كاملة بتلك الطريقة وأخيرا فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) فان صفتها التي لم تكن لغيرها كونها ابنة خاتم الأنبياء واما لاحد عشر إماما.
وهناك صفات رسالية اختص الله بها تلك
«صفحة 17»
الذوات التسع اقترنت بذلك التاريخ الطولي غير المكرور ثم كررها في شخص الحسين (عليه السلام) بإذن وإرادة إلهية، فصار الحسين (عليه السلام) بخصوصياته تلك التي اجتمعت فيه يذكرنا بآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن وفاطمة (عليها السلام) وكأنه هو تلك الذوات التسع بمواقفها الرسالية الخاصة بها تلك.
ان هذا التماثل بين الحسين (عليه السلام) والذوات التسع من ناحية الخصوصيات الرسالية الخاصة يضعنا إمام ظاهرة ما يمكن ان نسميه بـ (الاستنساخ التاريخي) وهو فريد من نوعه وغير واقع إلا بإرادة وإذن الهي دون الاستنساخ البشري الممكن وقد تحقق وقوعه عند البشر في أيامنا هذه.
انه استنساخ يضعنا أمام فعل الهي فريد من نوعه يشبه إلى حد ما ظاهرة الاستنساخ التاريخي بين مسيرة إسحاق إلى عيسى ومسيرة إسماعيل إلى المهدي (عليه السلام) خلال أربعة آلاف عام فكانت هذه استنساخا الهيا فريدا وتلك كذلك ولكنها اروع منها واكثر إثارة لأنها تركزت في شخص الحسين (عليه السلام) ومواقفه الرسالية وتلك تعددت شخصياتها.
«صفحة 18»
البحوث التي تثيرها زيارة وارث:
ان زيارة وارث تثير أمامنا عشرات الدراسات نذكر منها نيفا واربعين دراسة على سبيل المثال: منها ثمانية عشر دراسة مستقلة بعضها عن بعض تسع تخص الأنبياء الستة وثلاثة تخص عليا والحسن وفاطمة(عليهم السلام) وتسعة أخرى تخص الحسين (عليه السلام)، والباقي في مواضيع متنوعة وهي:
● دراسة عن تراث الأنبياء المكتوب.
● تراث النبوة الخاتمة الخاص.
● دراسة حول كبير الأصنام في بابل آزر.
● دراسة حول أسماء الحكماء العشرة قبل الطوفان في وثيقة الملوك السومرية.
● أسماء الأئمة الاثني عشر الذي يعتقد بهما الشيعة في كتاب مقالات ألإسلاميين لابي الحسن الأشعري ت 324هـ.
● القبائل القرشية من ذرية فهر والقبائل الإسرائيلية من ذرية يعقوب.
● آل عمران، وآل محمد (صلى الله عليه وآله).
● مرسى سفينة نوح.
● العشرة الأولى من المحرم.
● العشرة الأولى من ذي الحجة.
«صفحة 19»
● يوم العاشر من المحرم.
● يوم العاشر من ذي الحجة.
● كتاب أول الرسل إدريس وكيف وصلنا.
● المواضيع الأساسية في كتاب اول الرسل وكتاب خاتم الرسل.
● فضل الحج.
● فضل زيارة الحسين (عليه السلام).
● السامري في بني إسرائيل.
● معاوية بن أبي سفيان سامري أمة محمد (صلى الله عليه وآله).
● دعوة يحيى بن زكريا.
● أنواع الحج في الإسلام،
● الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
● الخليفة في الفكر الإسلامي السني.
● الوصية في الفكر الإسلامي الشيعي.
● الجغرافية التاريخية لحركة الأنبياء.
● التراث المسماري وصلته بتراث الأنبياء.
● شروط الاستنساخ البشري الفردي.
● شروط الاستنساخ التاريخي.
«صفحة 20»
السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله
خصوصية آدم (عليه السلام) صفوة الله تتمثل بكونه:
● إمام هدى بالوحي.
● رزقه الله تعالى تسع أئمة من ذريته يرثون الإمامة والعلم الذي انزل على ادم بنص الإمام السابق على الإمام اللاحق.
● تاسعهم صاحب عمر طويل اهلك الله على يده الظالمين واورثه الأرض واسكنه النجف(1).
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام):
● فقد جعله الله تعالى امام هدى بواسطه جده النبي (صلى الله عليه وآله).
● رزقه الله تعالى تسع أئمة من ذريته يرثون الإمامة الإلهية والعلم الإلهي بنص السابق على اللاحق(2).
● تاسعهم صاحب عمر طويل سيهلك الله
ـــــــــــــــــــــــ
(1) هذه المعلومة عن ادم ثابتة في التوراة والقرآن الكريم.
(2) هذه المعلومة من المتفق عليه عند الشيعة في الحسين، ويذكرها الاشعري من علماء السنة وصفا لعقيدة الشيعة. (انظر كتاب الكافي وبصائر الدرجات من كتب الشيعة) وكتاب مقالات الإسلاميين للأشعري).
«صفحة 21»
على يده الظالمين عند ظهوره ويورثه الأرض ويسكنه النجف.
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة آدم المميزة له.
ليس من شك ان الحسين (عليه السلام) كآدم ليس لكل منهما دخل في صناعة تلك الخصوصية بل حباهما الله تعالى بهما.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث ادم صفوة الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بآدم فكأنه هو. فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام). سلام الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث ادم صفوة الله.
«صفحة 22»
السلام عليك يا وارث نوح نبي الله
خصوصية نوح نبي الله تتمثل:
● بكونه ثالث إمام هدى في منظومة أوصياء جده إدريس أول الرسل:
● ولد على عهده.
● سماه باسمه.
● شهد انقلاب أمة إدريس على الوصي الأول والثاني.
● جعل الله تعالى له سفينة نجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق(1).
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام):
● بكونه ثالث إمام هدى في منظومة أوصياء جده محمد (صلى الله عليه وآله) خاتم الرسل.
● ولد على عهده.
● سماه باسمه.
● شهد انقلاب امته على الوصي الأول والثاني.
● جعله الله تعالى والأوصياء من أهل بيته(عليهم السلام) سفينة نجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق(2).
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الكتب الإسرائيلية في قصص الأنبياء.
(2) الكتب الاسلامية العامة والشيعية.
«صفحة 23»
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة نوح (عليه السلام) المميزة له.
ليس من شك ان الحسين (عليه السلام) كنبي الله نوح ليس لكل منهما دخل في صناعة تلك الخصوصية.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث نوح نبي الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بنبي الله نوح فكأنه هو فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام). صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث ادم صفوة الله.
«صفحة 24»
السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله
خصوصية إبراهيم (عليه السلام) تتمثل بكونه:
● قد نهض ليحرر العقل البشري من أكاذيب أعلام نمرود فيه وفي أسلافه وفي آلهته، بتحطيمه أصنام نمرود وتعليق الفاس برقبة كبيرهم لأنه لم ينصر اقرب الخلق إليه.
● وله كعبة بناها بتكليف الهي يستجاب عندها الدعاء مقرونة بعاشوراء ذي الحجة ولياليها العشر قبلها إذ ظهرت أعلى درجات التسليم لأمر الله منه ومن أهل بيته.
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام) بكونه:
● قد نهض ليحرر العقل المسلم من أكاذيب اعلام معاوية فيه وفي أسلافه برفضه بيعة يزيد وقتاله جيشه، ولم يخرج على معاوية في زمانه ليفهم المسلمين ان مسؤولية ظلامته برقبة معاوية لأنه سلط يزيد على الأمة.
● وله قبر يستجاب عنده الدعاء(1)، وقد اقترن هذا القبر بعاشوراء المحرم ولياليها العشر
ـــــــــــــــــــــــ
(1) تواترت الاخبار في ذلك عن أهل البيت.
«صفحة 25»
قبلها بتقدير الهي كشفت عن أعلى درجات التسليم لأمر الله تعالى منه ومن أهل بيته وأصحابه.
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة إبراهيم المميزة له ولم يكن إبراهيم قد تصرف من تلقاء نفسه في تحطيمه الأصنام، وكذلك الحسين (عليه السلام) لم ينهض من تلقاء نفسه في قتال جيش يزيد بل كان بتكليف الهي.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بنبي الله إبراهيم فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام). صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث إبراهيم خليل الله.
«صفحة 26»
السلام عليك يا وارث موسى كليم الله
خصوصية موسى (عليه السلام) تتمثل بكونه:
● نهض ليصحح انقلابا فرعونيا حرف دين إبراهيم الذي اظهره يوسف في مصر وايده الله موسى بتسع آيات.
● ثم قاتل بأهل بيته وأصحابه جيش السامري. ثم نسف بعصاه عجل بني إسرائيل وفتح باب اللعنة على السامري نفسه.
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام) بكونه:
● نهض ليصحح انقلابا أمويا حرف دين محمد (صلى الله عليه وآله) الذي اظهره علي في العراق والشام وايده بتسع أئمة هم آيات إلهية.
● ثم قاتل (عليه السلام) بأهل بيته وأصحابه جيش معاوية. ثم نسف بشهادته عجل بني أميه (يزيد) الذي أخرجه لهم معاوية، وفتح باب اللعنة على معاوية نفسه.
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة موسى المميزة له في حركة الأنبياء.
لم تكن نهضة موسى (عليه السلام) بوجه فرعون رأيا ارتآه بل نهض بتكليف الهي، وكذلك الحسين (عليه السلام).
«صفحة 27»
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث موسى كليم الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بنبي الله موسى (عليه السلام) فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام). صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث موسى كليم الله.
«صفحة 28»
السلام عليك يا وارث عيسى روح الله
خصوصية عيسى (عليه السلام) تتمثل بكونه:
● نهض للشهادة بحوارييه، وهم أصحاب جده عمران وزكريا ابن عم عمران وصهره ويحيى سبط عمران ﴿قالَ عيسَى ابنُ مَريمَ لِلحَواريينَ مَن أَنصاري إِلَى اللهِ قالَ الحَواريونَ نَحنُ أَنصارُ اللهِ فَآمَنَت طائِفَةٌ مِن بَني إِسرائيلَ وكَفَرَت طائِفَةٌ فَأَيدنا الَّذينَ آمَنوا عَلى عَدوهِم فَأَصبَحوا ظاهِرينَ﴾ الصف/14 فقتِّلوا وصُلِّبوا.
● انقسم المجتمع الإسرائيلي المؤمن بموسى وكتابه إلى فئة تكذب عيسى خامس آل عمران وتقتله وأصحابه وفئة تصدقه وتدافع عنه وهي مستضعفة.
● ثم دمر الله دولة اليهود وأسفطها فصارت رسالة عيسى ظاهرة في المجتمع إلى آخر الدنيا.
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام):
● فقد نهض للشهادة بحوارييه، وهم أصحاب جده محمد (صلى الله عليه وآله) وأبية علي (عليه السلام) ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله) وصهره، وأخيه الحسن (عليه السلام) سبط محمد (صلى الله عليه وآله)،
«صفحة 29»
«الا من كان باذلا فينا مهجته موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا»، فقُتِّلوا وصُلِّبوا.
● انقسم المجتمع المؤمن بمحمد (صلى الله عليه وآله) وكتاب القرآن إلى فئة تكذب الحسين (عليه السلام) خامس أصحاب الكساء وتقتله وتسبي نساءه وفئة تؤمن به وتدافع عنه وهي مستضعفة.
● ثم دمر الله دولة بني أميه وصار مشروع الحسين (عليه السلام) ظاهرا في المجتمع إلى آخر الدنيا.
كانت نهضة عيسى (عليه السلام) بتكليف الهي، وكان تدمير دولة اليهود عقوبة إلهية وكذلك نهضة الحسين (عليه السلام) كانت تكليفا الهيا وكان تدمير دولة بني أميه عقوبة إلهية.
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة عيسى (عليه السلام) المميزة له في حركة الأنبياء.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث عيسى روح الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بنبي الله عيسى (عليه السلام) في نهضته فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام). صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث عيسى روح الله.
«صفحة 30»
السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله
كانت خصوصية محمد (صلى الله عليه وآله): هي بعثته في واقع فاسد عقائديا وسلوكيا تمثل بانقلاب قريش البطون بعد موت عبد المطلب الذي ساد في عهده دين إبراهيم وعرفت العرب فضله وفضل أهل بيته الذين أصروا على البقاء في البيت عند غزو أبرهة ونصرهم الله بالطير وانتشر قول عبد المطلب (نحن آل الله فيما قد مضى لم يزل ذاك على عهد إبراهيم)، حرفت قريش البطون دين إبراهيم وانتحلت الإمامة الإبراهيمية التي جعلها الله لعبد المطلب وولده أبي طالب واطرتها بالاستشفاع بالأصنام. واستهدفت بعث النبي (صلى الله عليه وآله) تهديم إمامة قريش(1) وتشييد إمامة عبد المطلب من جديد متمثلة بمحمد وأهل بيته وسار محمد (صلى الله عليه وآله) بسبع مراحل بأمر الله تعالى لتحقيق الهدف وهي: المرحلة الأولى: أمره الله تعالى ان يعتزل الناس وينصرف إلى العبادة في غار حراء ويأخذ عليا (عليه السلام) معه لما بلغ عمره سبع
ـــــــــــــــــــــــ
(1) وكذلك تهديم إمامة أهل الكتاب الذين حرفوا دين موسى.
«صفحة 31»
سنوات ليعده خليفة له في عمله الرسالي والإمامة الإبراهيمية. المرحلة الثانية أمره الله تعالى ان يبدأ عمله الرسالي في بني هاشم سرا وقد انتهت هذه المرحلة بإعلان خلافة علي (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله) قرار بني هاشم وبني المطلب نصرة النبي على التبليغ. المرحلة الثالثة أمره الله تعالى ان يعلن عن رفض الأصنام وإقامة الصلاة إلى بيت المقدس وقد استجاب له نفر من ابناء بطون قريش واستضعفوهم. المرحلة الرابعة أمره ان يبحث عن النصرة الأوسع بعرض نفسه على القبائل في موسم الحج واستجاب له رجال من قبيلتي الأوس والخزرج وبايعه منهم الاثنان وسبعون على النصرة. المرحلة الخامسة أمره ان يهاجر إلى بلد النصرة يثرب بعد ان اخبره ان قريشا قررت اغتياله فهاجر وأدركته قريش عند جبل ثور ونجاه منهم ووصل إلى المدينة سالما واستقبله أهلها. المرحلة السادسة أمره الله تعالى ان يعلن الحرب على قريش في مكة ويحاصر قوافلها في الطريق مقاصة لها إذ صادرت أموال المهاجرين. فقاتلهم في بدر واحد والخندق ونصره عليهم. المرحلة السابعة فتح الله عليه بنصره على أهل مكة
«صفحة 32»
وتحطيمه الأصنام واعلن في حجة الوداع عن تركته الرسالية في المسلمين (الكتاب والعترة) وان المتمسك بهم سوف لن يضل في مسيرة تنتهى بظهور الثاني عشر من أهل بيته المهدي (عليه السلام) من مكة ليقود العالم بدين محمد (صلى الله عليه وآله) ثم يهاجر إلى الكوفة ليستقر بها.
وهذه الخصوصية بتفاصيلها جعلها الله تعالى للحسين (عليه السلام) أيضا: فقد نهض في واقع فاسد عقائديا وسلوكيا تمثل بانقلاب قريش الابناء (بني أميه) بعد موت الإمام الحسن (عليه السلام) الذي انتشرت في عهده سنة النبي (صلى الله عليه وآله) في الشام وعرفوا فضله وفضل أبية علي وفضل أخيه الحسين وامه فاطمة (عليها السلام) وانهم العترة مجابة الدعوة المعصومة الهادية المقرونة بالكتاب، حرف بنو أميه دين محمد (صلى الله عليه وآله) في الشام وفي غيرها وانتحلوا الإمامة الإبراهيمية التي جعلها الله لأهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله) وأطرت تلك الإمامة بلعن علي (عليه السلام) والبراءة منه. استهدفت نهضة الحسين (عليه السلام) تهديم إمامة بني أميه وتشييد إمامة أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وعظيمهم علي (عليه السلام) من جديد بنشر أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) التي تؤسس لهم الإمامة الدينية، وسار بسبع مراحل
«صفحة 33»
بأمر الله تعالى بلغها إليه بواسطة جده النبي (صلى الله عليه وآله) لتحقيق الهدف وهي:
المرحلة الأولى: اعتزل الناس بعد موت أخيه الحسن (عليه السلام) وانقلاب بني أميه وسد بابه وانصرف إلى العبادة في بيته وأولى أهمية خاصة بولده عليا (عليه السلام) (زين العابدين) ليكون خليفة له بأمر الله تعالى في عمله الرسالي والإمامة الإبراهيمية (كان عمر علي بن الحسين (عليهما السلام) آنذاك اثنتا عشرة سنة إذ ولد سنة 38هـ).
المرحلة الثانية: بدا عمله الرسالي سرا في بني هاشم وشيعة أبية من الصحابة والتابعين فعقد مؤتمرا في بيوت بني هاشم في منى عباهم بأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) في إمامة أهل بيته وعظيمهم علي تلاها وأملاها عليهم واستشهد عليها الصحابة الحاضرين لتكون الرواية عن النبي متواترة ثم طلب منهم ان يتحركوا سرا في المجتمع ينشرونها بين من يثقون به من عشائرهم. ثم فتح بابه وتصدى للمرجعية الدينية التي فتح بابها إخوة الحسين (عليه السلام) بالإجابة على الاستفتاءات مدة سنتين قبل موت معاوية انتهت بكتاب معاوية للحسين (عليه السلام) يحذره من الفتنة وجواب الحسين (عليه السلام) له.
«صفحة 34»
المرحلة الثالثة: خرج الحسين (عليه السلام) بعد موت معاوية في رجب سنة 59 هـ من المدينة واستودع مواريث الإمامة عند أم سلمة واوصها ان تسلمها ولده عليا (عليه السلام) عند رجوعه، واعلن من مكة انه لا يبايع يزيد وجعل هذا الشعار راس نهضته وربط نفسه مصيريا به قائلا «لو لم يكن لي ملجا ما بايعت يزيد» نظير قول جده النبي (صلى الله عليه وآله) «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الأمر ما تركته أو اهلك دونه»، واستجاب له شيعة أبية ففي الكوفة وغيرها ثم استضعفتهم السلطة الأموية.
المرحلة الرابعة: عرض الحسين (عليه السلام) نفسه على الأخيار من أهل الامصار لنصرته فأجابه وجوه أصحاب أبية واكثرهم من أهل الكوفة وعقد بهم مؤتمر سريا في موسم الحج، وعرف بنو أميه ذلك فقرروا اغتيال الحسين (عليه السلام) في مكة كقرار قريش البطون باغتيال النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة.
المرحلة الخامسة: قرر الحسين (عليه السلام) ان يهاجر إلى بلد النصرة الكوفة وترك مكة نهار يوم الثامن من ذي الحجة يوم التروية وحاول رجال عمرو
«صفحة 35»
بن سعيد الأشدق الأموي ان يثنوه عن قراره بالهجرة وحاولوا منعه فما استطاعوا ودخل العراق فأدركته طلايع خيل بني أميه وحاصروه في كربلاء وخيروه بين ان يسلم نفسه أو يقاتلوه فيقتل.
المرحلة السادسة: اختار الحسين (عليه السلام) القتال على الاستسلام وقاتل هو وأصحابه قتالا حتى استشهد مظلوما وسبيت نساؤه إلى الشام.
المرحلة السابعة: جعل الله تعالى شهادة الحسين (عليه السلام) وظلامته أوسع الابواب للفتح إذ بتر عمر يزيد سنة 63هـ وتزلزلت الأرض تحت حكم بني أميه وتحررت الكوفة سنة 67هـ على يد المختار وتحطمت فيها أصنام بني أميه ورفع فيها شعار ولاية علي وانفتح الجيل الجديد من الأمة التي أضلهم معاوية أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) وذرية الحسين (عليه السلام) وأولهم علي بن الحسين (عليهما السلام) في مشهد قل نظيره سنة 75هـ حين انقسم الناس له سماطين ليستلم الحجر وكان هشام بن عبد الملك جالسا على كرسي ينتظر ان يخف الزحام ولم يابه له الناس وتجاهله وقال الفرزدق قصيدته المشهورة ثم انفتحوا على ولده الباقر (عليه السلام) ثم الصادق يأخذون
«صفحة 36»
عنه وعن الأئمة من ولده العلم في مسيرة تنتهي بظهور التاسع من ذرية الحسين (عليه السلام) المهدي (عليه السلام) الموعود من مكة ليقود العالم بدين محمد (صلى الله عليه وآله) ويستقر في الكوفة.
وفي ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة محمد (صلى الله عليه وآله) المميزة له في حركة الأنبياء.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بحركة جده النبي (صلى الله عليه وآله) فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين. صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث محمد حبيب الله.
«صفحة 37»
السلام عليك يا وارث علي وصي رسول الله
خصوصية علي (عليه السلام) انه أحيا فريضة أماتتها قريش المسلمة ونهت عنها وهي (حج التمتع) ولولا علي (عليه السلام) ما عرف المسلمون حج التمتع.
وهذا الخصوصية للحسين (عليه السلام) فقد أحيا فريضة أماتتها بنو أميه وهي فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولولا الحسين (عليه السلام) ما عرف المسلمون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لم تكن نهضة علي (عليه السلام) رأيا شخصيا بل تكليف إلهي عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله) وكذلك الحسين (عليه السلام).
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة علي (عليه السلام) المميزة له في حركة الأئمة.
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث علي وصي رسول الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بحركة أبية علي (عليه السلام) فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام).
صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث علي (عليه السلام) وصي رسول الله.
«صفحة 38»
السلام عليك يا وارث الحسن الرضي
خصوصية الحسن (عليه السلام) تمثلت بأمرين:
انتهج الصلح لفضح الإعلام الأموي في الشام الذي كان يروج ان عليا (عليه السلام) مفسد في الدين يجب لعنه والبراءة منه وقتاله، وعرف أهل الشام ان عليا إمام هدى يجب توليه بأمر الله ورسوله ليحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
تأسيسه المرجعية الدينية المستقلة عن السلطة الحاكمة.
وهذه الخصوصية نفسها للحسين (عليه السلام):
فقد انتهج (عليه السلام) الشهادة والقتل في سبيل الله لفضح الاعلام الأموي الذي كان يروج في الكوفة والأمة كلها ان عليا مفسد في الدين يجب لعنه والبراءة منه وقتاله، وعرف الجيل الجديد في الكوفة خاصة والبلدان الإسلامية الأحرى ان عليا (عليه السلام) إمام هدى يجب توليه بأمر الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) ليحي من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
أحيا (عليه السلام) المرجعية الدينية المستقلة عن السلطة الحاكمة.
«صفحة 39»
لم يكن منهج الصلح الذي انتهجه الحسن (عليه السلام) لمواجهة معاوية رايا شخصيا له بل كان تكليفا الهيا بواسطة نبيه ولم يكن منهج القتال والشهادة الذي انتهجه الحسين (عليه السلام) في مواجهة يزيد رايا شخصيا له بل كان تكليفا الهيا بواسطة نبيه (صلى الله عليه وآله).
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة الحسن (عليه السلام) الرسالية المميزة له في حركة الائمة(عليهم السلام).
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث الحسن الرضي) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بخصوصية أخيه الحسن (عليه السلام) فكأنه هو، فما أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام).
صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث الحسن الرضي.
«صفحة 40»
السلام عليك يا وارث فاطمة بنت رسول الله
قال النبي (صلى الله عليه وآله) في حقها: «فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني» فاذا ضممنا إلى ذلك قول الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذينَ يؤذونَ اللهَ ورَسولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنيا والآخِرَةِ وأَعَدَّ لَهُم عَذابا مُهينا﴾ كان من آذى فاطمة (عليها السلام) ملعونا من الله، وقد ماتت فاطمة (عليها السلام) وهي غاضبة على الخلافة القرشية الأولى فأسست الموقف منها.
و قال النبي (صلى الله عليه وآله) في حقه: «حسين مني وأنا من حسين احب الله من احب حسينا»، ثم ان الحسين (عليه السلام) قتل وهو غاضب على بني أميه فأسس البراءة منهم.
في ضوء ذلك يكون الحسين (عليه السلام) وارثا لصفة امه فاطمة (عليها السلام) المميزة لها في تاريخ الإسلام بعد النبي (صلى الله عليه وآله).
وهكذا تكون جملة (السلام عليك يا وارث فاطمة بنت رسول الله) قد نبهت على ذلك التماثل. وصار الحسين (عليه السلام) بخصوصيته تلك يذكرنا بخصوصية امه فاطمة (عليها السلام) فكأنه هي، فما
«صفحة 41»
أروعه من تماثل وما اعظمها من حكمة إلهية في الحسين (عليه السلام).
صلى الله عليك يا أبا عبد الله يا وارث فاطمة بنت رسول الله.
«صفحة 42»
خلاصة في دلالة الحسين (عليه السلام) وارث الأنبياء:
حرّفت قريش دين إبراهيم وحرف أهل الكتاب دين الله الذي جاء به موسى وعيسى فبعث الله تعالى محمدا (صلى الله عليه وآله) وإحياء دين إبراهيم ونسخ كتاب موسى وبيانه المحرف بالقرآن وبيانه الذي أملاه على علي (عليه السلام) ثم جاءت قريش المسلمة من خلال السقيفة ووقفت فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله) بوجههم ودعت إلى بيعة علي (عليه السلام) إماما كما عينه الله ورسوله ولم تستجب الأمة إلا نفر لا ينهض بهم امرٌ فماتت وهي غاضبة عليهم، ومنعت الخلافة من تداول حديث النبي (صلى الله عليه وآله) ونشره وحرفوا دين محمد (صلى الله عليه وآله) وبيانه وفسحت المجال لمسلمة أهل الكتاب ان يبثوا القصص الإسرائيلي والثقافة اليهودية والمسيحية المحرفة. فصار أهل البلاد المفتوحة شرقا وغربا إلى سنة 27هـ يأخذون دينهم من الخلفاء وثقافتهم من مسلمة أهل الكتاب.
ونهض علي (عليه السلام) فأحيا سنة النبي (صلى الله عليه وآله) ولما بايعه المسلمون بعد قتل عثمان منع من تداول التحريف واستجاب له النصف الشرقي من
«صفحة 43»
البلاد الإسلامية ومركزها الكوفة، واستطاع معاوية ان يحجب النصف الغربي من البلاد الإسلامية ومركزها الشام عن نهضة علي وطوق عليا (عليه السلام) بإعلام كاذب فيه وعرضه على أهل الشام وغيرهم انه مفسد في الدين يجب قتاله ولعنه والبراءة منه.
واستشهد علي (عليه السلام) والشام كذلك ثم بايعت الشام وما والاها من البلاد الغربية معاوية على الحكم بسيرة الشيخين وسيرة عثمان وبايع أهل العراق وما والاه من البلاد الشرقية الحسن بن علي (عليهما السلام) على الحكم بسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) التي أحياها علي (عليه السلام). وطلب معاوية من الحسن (عليه السلام) الصلح بان يبقى كل طرف على بيعة من بايعه وحقن الدماء وكان معنى ذلك تكريس الانشقاق في أمة محمد (صلى الله عليه وآله) وبقاء أهل الشام على رأيهم الخاطئ في علي (عليه السلام) وعلى الثقافة اليهودية والمسيحية المحرفة في الأنبياء فعرض الحسن (عليه السلام) على معاوية ان يستلم العراق أيضا وفق شروط هو يكتبها ويلتزمها معاوية لمعالجة انشقاق الأمة فتعود أمة النبي (عليه السلام) أمة واحدة كما كانت في عهده، وسُرَّ معاوية بذلك وما كان يحلم به واستجاب
«صفحة 44»
للحسن (عليه السلام) وصار الحسن (عليه السلام) بذلك المصلح العظيم في الأمة لا يدانيه احد.
عاشت الأمة الإسلامية من سنة 41-50 هجرية موحدة كريمة، يحجون سواء إلى بيت الله ويزرون مدينة النبي (صلى الله عليه وآله) سواء، وأخذ معاوية يستقدم أهل العراق إلى الشام لكي يستميل قلوبهم تحمل أحاديثهم عن سيرة علي (عليه السلام) وعن أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) فيه وانفتح أهل الشام وغيرهم من أبناء البلاد الغربية على علي (عليه السلام) إمام هدى يترحمون عليه وقد سمعوا ترحم معاوية عليه لما سمع وصفه من ضرار، أما في الفقه فقد كانت الأمة على مذهبين الأول مذهب علي (عليه السلام) وهو العمل بسنة النبي (صلى الله عليه وآله)، ومذهب الخلفاء الثلاثة وهو العمل باجتهاداتهم التي خالفوا فيها سنة النبي (صلى الله عليه وآله) من بعده ولم تحدث مشكلات بينهم بسبب الخلاف المذهبي.
ثم بدا لمعاوية ان يغدر بالحسن (صلى الله عليه وآله) بعد عشر سنوات من الصلح فدس له السم ونقض شروط الأمان وشرط العمل بكتاب الله وسنة نبيه وذكر علي (عليه السلام) بخير وأمان شيعة علي (عليه السلام)، فاجبر الناس على العمل باجتهادات الخلفاء الثلاثة، ومنعهم
«صفحة 45»
من العمل بمذهب علي (عليه السلام) وذكره بخير واعاد لعنه والبراءة منه وسير خمسين ألفا من شيعة علي (عليه السلام) في العراق إلى خراسان وأخاف البقية واجبرهم على لعن علي (عليه السلام) والبراءة منه أو القتل وطلبهم بكل وجه، وكان اكثر الناس مصيبة هم أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي (عليه السلام) وشجع الوضاعين على وضع أحاديث كذب فيه وفي أسلافه تجعل منهم خلفاء النبي (صلى الله عليه وآله) على الدين والدنيا، وكان نتيجة ذلك تحريف دين محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته وسيرة الأنبياء من قبل وصدق قوله تعالى على المجتمع آنذاك ﴿ أَو كَظُلُماتٍ في بَحرٍ لُجّي يغشاهُ مَوجٌ مِن فَوقِهِ مَوجٌ مِن فَوقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعضُها فَوقَ بَعضٍ إِذا أَخرَجَ يدَهُ لَم يكَد يراها ومَن لَم يجعَلِ اللهُ لَهُ نورا فَما لَهُ مِن نورٍ﴾ النور/40 فساحل البحر اجتهادات اللول ولحة البحر اجتهادات الثاني والموج الاول اجتهادات الثالث والموج الثاني معاوية في غدره والسحاب يزيد . وصار الجيل الجديد في الأمة في ظلمات في بحر لجي لا يكاد يبصر شيئا من نور النبوة والإمامة… أما الجيل القديم فبعضه في الظلمات وبعضه الآخر وهم شيعة علي (عليه السلام) له نور من الله بولايته عليا (عليه السلام).
«صفحة 46»
سكت الحسين (عليه السلام) على مضض زمن معاوية وكان يقول اني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما كما قال ابوه من قبل «وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم، وآلم للقلب من حز الشفار» وقد خاطب معاوية في رسالته قائلا: «لا أَعلَمُ نَظَرا لِنَفسي ولِديني ولامَّةِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله) وعَلَينا أَفضَلَ مِن أَن أُجاهِدَكَ فَإِن فَعَلتُ فَإِنَّهُ قُربَةٌ إِلَى اللهِ، وإِن تَرَكتُهُ فَإِنّي أَستَغفِرُ اللهَ لِديني، وأَسأَلُهُ تَوفيقَهُ لارشادِ أَمري»، ونهض بعد موت معاوية بمشروع القتال والشهادة ليزيل طغمة بني أميه ويفك الطوق عن مشروع علي (عليه السلام) في إحياء السنة ويعيد نشر أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) التي تؤسس إمامة علي (عليه السلام) الهادية، ويحرر الكوفة من سيطرة بني أميه وأصنامهم المعنوية لتعود تحمل مشروع ولاية علي من جديد إلى الأمة. وتحقق للحسين (عليه السلام) ذلك وصارت الأمة بعد الحسين (عليه السلام) على قسمين الأول يلعن بني أميه بما فيهم معاوية ومن مكَّن له ويتولى عليا (عليه السلام) وأهل بيته(عليهم السلام) ويأخذ عنهم سنة النبي (صلى الله عليه وآله) في إطار البكاء على الحسين (عليه السلام) والتفجع لظلامته وعادت الكوفة تحمل ولاية
«صفحة 47»
أهل البيت(عليهم السلام) إلى الأمة والبراءة من يزيد ومعاوية وممن مكن لهم.
وهكذا يتضح ان راس الضلالة في زمانه هو معاوية وارث قابيل قاتل أخيه حسدا ونمرود وفرعون والسامري ووارث غدر أبيه بصلح النبي ووارث اجتهادات قريش المسلمة ووارث امه هند، وصار المسلم الواعي يتذكرهم حينما يقرأ سيرته ومسار حركته في الأمة وصار معاوية كانه هم.
وفي قبال معاوية راس الضلال، الحسين (عليه السلام) رأس الهدى وارث آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وعلي والحسن وفاطمة(عليهم السلام)، وصار المسلم الواعي يتذكرهم حين يقرأ سيرة الحسين (عليه السلام) ومسار حركته في الأمة بالحسين (عليه السلام) وصار الحسين (عليه السلام) كانه هم، والحسين (عليه السلام) بخصوصياته الوارثة تلك يدعو إلى مشروع أبية، وابوه يدعو إلى العمل بكتاب الله الذي ينزه الله وأنبياءه من كل نقص وبسنن نبيه (صلى الله عليه وآله) وأحاديثه ومنها حديث المنزلة والغدير والمباهلة والكساء، في قبال معاوية الذي يدعو إلى اجتهادات من سبقة من الخلفاء الثلاثة التي خالفوا فيها سنن
«صفحة 48»
النبي (صلى الله عليه وآله) والى قصص أهل الكتاب التي تسيء إلى الله وأنبياءه التي روجها مسلمة أهل الكتاب في عهد الثلاثة.
***
السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ آدَمَ صَفوةِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ نوحٍ نَبي الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ إِبراهيمَ خَليلِ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ موسى كَليمِ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عيسى روحِ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ مُحَمَّدٍ حَبيبِ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ عَلي وصي رَسولِ الله السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ الحَسَنِ الرَّضي السَّلامُ عَلَيكَ يا وارِثَ فاطِمَةَ بِنتِ رَسولِ الله.
5 Responses
جزاكم الله خيرا وحفظ لنا جناب الباحث القدير السيد سامي البدري
حفضكم الله على هذا العمل المبارك
حفظك الله عل هذا العالم الرائع والعمل المبارك في خطى اهل البيت عليهم السلام وجعلنا واياكم من خدام اهل البيت وانا نكون انشالله من الصلحين الابرار ورزقنا واياكم زيارة الحسين ع السلام يوم الورود اللهم عجل اوليك الفرج وان كنتم قرب ضريح الحسين نسالكم الدعاء لنا بان يرزقنا زيارته وانا تدعو بتعجيل الفرج لصحاب الزمان بامان الله نرجو المسامحه منكم
Thank you so much!
حفظك الله عل هذا العالم الرائع والعمل المبارك في خطى اهل البيت عليهم السلام وجعلنا واياكم من خدام اهل البيت وانا نكون انشالله من الصلحين الابرار ورزقنا واياكم زيارة الحسين ع السلام يوم الورود اللهم عجل اوليك الفرج وان كنتم قرب ضريح الحسين نسالكم الدعاء لنا بان يرزقنا زيارته وانا تدعو بتعجيل الفرج لصحاب الزمان بامان الله نرجو المسامحه منكم