إنَّ الإنسانَ أثناءَ مسيرِهِ في الحياةِ الدنيا يحتاجُ إلى مُلهمٍ يأنسُ باسمِه، ويَسمو حينَ يتعرَّفُ على خصائصِه وصفاتِه، ويتألَّقُ حينَ يتبعُه ويجعلُه نصبَ عينيَه، والإمامُ الباقرُ (ع) هو من تلك السلسلةِ الذهبيةِ التي تَطَّلعُ إليها العلماءُ والصالحونَ جيلاً بعد جيلٍ ونادوا باسمِه لمِا حَواه من السُّموِّ في الذَّاتِ والصَّلاحِ في الصِّفاتِ وطهارةِ النَّشأةِ والتَّوسُّعِ في العلمِ والمعرفِة، وقدم صدقٍ في وراثةِ خاتمِ النَّبيين ’ فإنَّه: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالآصال﴾[النور:35] ، حيثُ جاءَ هذا الإعدادُ الإلهيُّ والاصطفاءُ من أجلِ أخطر مُهمَّةٍ سوف يضطلعُ بها الأئمةُ الاثنا عشرَ (ص) بعد رحيلِ النبيِّ (ص)، وهي تنميةُ الأمَّةِ على سُنَّةِ نبيِّها علمياً وعملياً وتربوياً في أجواءِ سعي الطُغاةِ والطامعينَ إلى تضييعها وتحريفها وإماتتها.
فالمكانةُ العلميةُ التي تبوَّأها الإمامُ محمد الباقر (ع) في عصرِه يشهدُ لها العلماءُ بأنَّه بَقرَ العِلمَ، أي: شقَّه فعرفَ أصلَه وعَلِم خفيَّه، وقد عني هذا الكراس الذي بين يديك القارئ الكريم الذي يحمل عنوان «الامام الباقر (ع)» بهذا الشخصية العظيمة وهو من اعداد وتاليف د. حسين البدري.