بمناسبة زيارة اربعين الامام الحسين (ع) ـ اصدر مركز فجر عاشوراء الثقافي كراسا الكترونيا تحت عنوان «قيام الدين بزيارة الاربعين» للدكتور الشيخ حسين المياحي، يتناول هذا الكراس دراسة مشروعية زيارة الإمام الحسين (ع) في العشرين من صفر ومناقشة ثلاث من الشبهات مع ملحق وصايا مهمة للزائرين والزائرات و نص الزيارة.
ويثبت هذا البحث ان زيارة الحسين (ع) المسماة بزيارة الأربعين، مما ورد فيها النص الأكيد، فضلاً عن اندراجها في عموم استحباب زيارته (ع) في كل حين. وأن دعوى عدم ورود النص فيها لا قيمة لها. كما أن تفسيرها بغير زيارته في العشرين من صفر مما لا دليل عليه مطلقاً، بل هو مخالف للنص الصريح، ولسيرة الشيعة كابراً عن كابر، وإجماعهم، وما تسالموا عليه على مدى قرون من الزمن، بل مخالف حتى للذوق العربي السليم.
المحتويات
«صفحة 1»
قيام الدين بزيارة الأربعين
بحث موجز في مشروعية زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) في العشرين من صفر مع ملحق وصايا مهمة للزائرين والزائرات و نص الزيارة
«صفحة 2»
عنوان الإصدار : قيام الدين بزيارة الاربعين
تأليف : د. الشيخ حسين المياحي
سنة الإصدار : 2023/1445 ـ رقم (47)
نوع الإصدار : إلكتروني ـ PDF
الناشر : مركز فجر عاشوراء الثقافي
الموقع : fajrashura.com
ترقيم الصفحات موافق لنسخة الاصدار المنشور
«صفحة 3»
«صفحة 4»
«صفحة 5»
المقدِّمة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد المصطفى المبعوث رحمة للعالمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد.
كانت لديّ مجموعة من التعليقات المتناثرة حول زيارة السبط الشهيد في العشرين من صفر، طرحتها من خلال بعض البرامج الإذاعية والتلفزيونية، ثم جمعتها فيما بعد في مقال مستقل، أقدمه بين يدي القراء الكرام، بعد اقتراح من الإخوة الأعزاء في موكب دموع الزهراء (ع) قرب كربلاء المقدسة.
ثم ارتأيت أن أختمه بمجموعة من الوصايا الضرورية الموجهة لزوار أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وجميع من تصدى لخدمته في هذا التجمع
«صفحة 6»
الملائكي المهيب، وأن أجعلها باللغة العربية والفارسية.
وأسأله تعالى أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتنا جميعاً، وأن ينال الأجر والثواب كل من ساهم في إنجاح هذا العمل، سواء على مستوى الإعداد، أو التنفيذ، أو الإرشاد. كما أرجو قراءة سورة الفاتحة لأرواح موتى المؤمنين جميعاً، ونحن منهم.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
حسين المياحي
صفر / 1445 هـ
«صفحة 7»
تمهيد
أصبحت زيارة الأربعين اليوم مسيرة عالمية لا مثيل لها من حيث العدد والإعداد والاهتمام المنقطع النظير، لا سيما أنها اتسعت في السنين الأخيرة لتنفتح على بلدان كانت محرومة من زيارة أبي عبد الله الحسين (عليه السلام).
وقد دار الكلام في بعض الأوساط الإعلامية أو غيرها، حول العديد من المواضيع المتعلقة بهذه الزيارة العظيمة، لا سيما في أصل مشروعيتها.
فقال بعضهم: إن زيارة الأربعين (لم يرد فيها نصٌّ خاص( وادّعى بعضهم (أن النص عليها موجود، لكنه غير تامّ). وبعضٌ قال: إن مفردة (الأربعين) لا تعني زيارة العشرين من صفر.
وسوف نحاول فيما يلي معالجة هذه الدعاوى الثلاث بالتحديد، بما يسمح به المقام.
«صفحة 8»
وتجدر الإشارة هنا إلى أمر مهم، كثيراً ما يتردد على الألسن، تأثراً بالمدارس الأخرى للمسلمين، لا سيما السلفية منها، وهو: هل يلزم وجود النص دليلاً على العبادة بخصوصها؟ أم أنها يمكن أن تندرج تحت عنوان شرعي عام؟
فالدعاء مثلاً، هل تلزمنا فيه صيغة مخصوصة وألفاظ بعينها، ولا بد أن نلتزم بتوقيفية تلك الألفاظ فلا نتجاوزها لغيرها؟ أم أننا يمكن أن ندعو بما نشاء، انطلاقاً من ثبوت مشروعية الدعاء؟ وهكذا الحال في سائر العبادات.
الجواب عن ذلك: أن الكثير من العناوين العامة التي وردت في الشريعة تركت تحديد الكيفية للمكلف نفسه، شرط أن لا يأتي بما يتنافى مع حكم شرعي آخر.
وبناءً على ذلك، إذا ثبت لدينا استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) وعدم ورود النهي عن صيغة مخصوصة منها، فهذا يكفي لأداء الزيارة في الزمان والظرف الذي يحدده المكلف.
وبهذا التفكيك بين دعوى (عدم وجود
«صفحة 9»
النص) ودعوى (عدم وجود الدليل) تتضح الصورة بشكل أكبر، فالدليل أعمّ من النص كما هو واضح، والنص ما هو إلا مصداق من مصاديق الدليل.
وبناء على ذلك أيضاً، لا بد أن يكون البحث في ثلاث جهات:
1 ـ الأدلة العامة على استحباب زيارة الحسين (عليه السلام).
2 ـ النص على زيارة الأربعين بالخصوص.
3 ـ معنى (زيارة الأربعين).
«صفحة 10»
استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) في كل حين
أجمع الشيعة كابراً عن كابر على استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) استحباباً مؤكّداً يضاهي الوجوب كما في بعض النصوص، وصنف بعض العلماء الكبار أسفاراً مخصوصة في الزيارات اشتملت على الكثير من النصوص في ذلك، كما في كامل الزيارات لابن قولويه، والمزار للشيخ المفيد، والمزار للشهيد الأول، وغيرها، وكذلك ما تضمنته كتب الأدعية للشيخ الطوسي والسيد ابن طاوس وغيرهما.
والروايات في هذه المصادر وغيرها تبلغ حدّ التواتر، من حيث أصل الاستحباب، نذكر هنا بعضاً منها:
1 ـ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:
«مُروا شيعتَنا بزيارة قبر الحسين (عليه السلام)
«صفحة 11»
فإنَّ إتيانه مفترض على كل مؤمن يُقرُّ للحسين (عليه السلام) بالإمامة من الله عز وجل»(1).
2 ـ عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال:
«إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم، وتصديقاً لما رغبوا فيه، كان أئمتُهم شفعاءَهم يوم القيامة»(2).
3 ـ عن أم سعيد الأحمسية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قالت: قال لي: «يا أم سعيد، تزورين قبر الحسين؟ قالت: قلت: نعم. فقال لي: زوريه، فإنّ زيارة قبر الحسين واجبةٌ على الرجال والنساء»(3).
4 ـ الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل قال: «قلت: جعلت فداك، ما تقول فيمن ترك زيارته وهو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنه قد عقّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعقّنا واستخفّ بأمرٍ هو له. ومن زاره كان الله له من وراء حوائجه،
ـــــــــــــــــــــــ
(1) كامل الزيارات، ابن قولويه: 121.
(2) المصدر السابق: 122.
(3) المصدر السابق.
«صفحة 12»
وكُفي ما أهمه من أمر دنياه، وإنه ليجلب الرزق على العبد ويخلف عليه ما أنفق…»(1).
5 ـ أبو عبد الله (عليه السلام): «من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي (صلى الله عليه وآله) إن كان ماشياً كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحا عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المصلحين المنتجبين…»(2).
6 ـ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ الرجلَ ليخرج إلى قبر الحسين (عليه السلام) فله إذا خرج من أهله بأول خُطوة مغفرة ذنوبه، ثم لم يزل يُقَدَّس بكل خُطوة حتى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله تعالى فقال: عبدي سلني أُعطِكَ، ادعُني أُجِبْك، اطلبْ منّي أُعطك، سلني حاجة أقضيها [أقضها] لك»(3).
7 ـ أبو عبد الله (عليه السلام) قال: «من أتى قبر الحسين (عليه السلام) ماشياً كتب الله له بكل خُطوة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة، ورفع له ألف درجة، فإذا أتيت الفرات فاغتسل وعلّق نعليك، وامشِ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق: 128.
(2) المصدر السابق: 132.
(3) المصدر السابق.
«صفحة 13»
حافياً، وامش مشي العبد الذليل»(1).
ومن يتأمل تلك الطائفة من الروايات في أبوابها يجد أنها مطلقة من حيث الزمان والظرف، ليس فيها صيغة مخصوصة مقيدة بزمان دون زمان، أو ظرف دون غيره، فضلاً عن الروايات الأخرى التي وردت في أوقات مخصوصة، وأزمنة معينة.
كما أن بعضها نصّ على أن الزائر إن كان ماشياً كان له بكل خطوة حسنة، أو مغفرة، أو محو سيئة. بل يصرح بعضها باستحباب المشي على غيره، والمشي حافياً بعد الاغتسال في الفرات.
بناءً على هذه الطائفة من النصوص، والكثير غيرها، يظهر جلياً أن العنوان العام في استحباب زيارة الحسين (عليه السلام) بل زيارة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام)، مما لا جدال فيه ولا شك.
وبناء على ذلك أيضاً، لا تحتاج زيارة الأربعين لدليل خاص تثبت بموجبه او تنتفي بانتفائه، مع أن النص عليها وراد بشكل صريح كما سيأتي.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق: 133.
«صفحة 14»
استحباب زيارة الحسين (عليه السلام)
في أيام مخصوصة
ورد في الروايات أيضاً استحباب زيارته (عليه السلام) في كل يوم، أو في كل شهر أو في كل جمعة:
ففي الرواية عن سدير الصيرفي، عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «يا سدير، تزور قبر الحسين (عليه السلام) في كل يوم؟ قلت: جعلت فداك، لا. قال: ما أجفاكم! أفتزوره في كل شهر؟ قلت: لا. قال: فتزوره في كل سنة؟ قلت: يكون ذلك. قال: يا سدير، ما أجفاكم بالحسين (عليه السلام) [بذلك] أما علمت أن لله ألف ألف ملك، شُعثاً غُبْراً يبكون ويزورون، لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسين (عليه السلام) في كل جمعة خمس مرات»(1).
أو عند الاشتياق لزيارته: ففي الباب السادس والخمسين من كامل الزيارات، ذكر المرحوم ابن قولويه مجموعة من الروايات التي نصت على ما
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصدر السابق: 287.
«صفحة 15»
لزائر الحسين تشوّقاً إليه من الثواب العظيم.
أو في يوم عرفة، أو في النصف من شعبان، أو في يوم عاشوراء، أو في الأربعين.
وكما هو واضح، أن هذه الزيارات ليست على نحو الحصر والتحديد، إنما لخصوصية في بعض الأيام والأحوال من زيادة الأجر وعظيم الثواب، وإلا لما كان هناك معنى لجميع الروايات التي وردت بنحو الإطلاق الذي لا يحدد زماناً ولا حالاً بعينها.
النصوص الصريحة
في زيارة الأربعين
بعد ثبوت أصل استحباب الزيارة، نجد أن هناك نصوصاً أخرى صريحة في استحباب زيارة الأربعين، وهي:
الرواية الأولى: ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب (وهو أحد الكتب الأربعة الحديثية المعتبرة) وكذلك في المصباح، والسيد ابن طاوس في الإقبال، وغيرهم، وهي:
«صفحة 16»
أخبرنا جماعة من أصحابنا، عن أبي محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن مسعدة، والحسن بن علي بن فضال عن سعدان بن مسلم عن صفوان بن مهران الجمال قال: قال لي مولاي الصادق (صلوات الله عليه) في زيارة الأربعين: «تزور عند ارتفاع النهار وتقول: السلام على ولي الله وحبيبه، السلام على خليل الله ونجيبه، السلام على صفي الله وابن صفيه، السلام على الحسين المظلوم الشهيد، السلام على أسير الكربات وقتيل العبرات …»(1).
ونقلها الكثير من الأكابر على مدى العصور وتلقَّوها بالقبول وعملوا بها.
ومن الجدير بالذكر هنا أن السيد ابن طاوس أفرد فصلاً في زيارة الأربعين افتتحه بقوله:
ـــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب، الطوسي6: 113. مصباح المتهجد، الطوسي ٢: ٧٨٨. إقبال الأعمال، السيد ابن طاوس ٢: ٥٨٩. بإسناده إلى أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري أيضاً.
«صفحة 17»
فصل: فيما نذكره من فضل زيارة الحسين (عليه السلام) يوم العشرين من صفر، وألفاظ الزيارة بما نرويه من الخبر.
ثم ناقش السيد رحمه إشكالية أن يكون العشرون من صفر هو اليوم الحادي والأربعون، وليس الأربعين، فقال: «أقول: فإن قيل: كيف يكون يوم العشرين من صفر يوم الأربعين إذا كان قتل الحسين (عليه السلام) يوم عاشر من محرم، فيكون يوم العاشر من جملة الأربعين فيصير أحداً وأربعين؟
فيقال: لعله قد كان شهر محرم الذي قتل فيه (عليه السلام) ناقصاً، وكان يوم عشرين من صفر تمام أربعين يوماً، فإنه حيث ضبط يوم الأربعين بالعشرين من صفر، فإمّا أن يكون الشهر كما قلنا ناقصاً، أو يكون تاماً، ويكون يوم قتله (عليه السلام) غير محسوب من عدد الأربعين، لأنّ قتله كان في أواخر نهاره، فلم يحصل ذلك اليوم كله في العدد. وهذا تأويل كاف للعارفين، وهم أعرف بأسرار رب العالمين
«صفحة 18»
في تعيين أوقات الزيارة للطاهرين»(1).
ومن هنا نجد أن زيارة الأربعين تعني زيارة مخصوصة للحسين (عليه السلام) ـ بحسب رواية صفوان الجمال ـ وأن سبب تسميتها بهذا الاسم هو مرور أربعين يوماً على مقتل الحسين (عليه السلام).
الرواية الثانية: عن الإمام العسكري عليه (السلام): «علامات المؤمن خمسٌ: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»(2).
قال الشيخ الطوسي قبل ذكر هذه الرواية التي أدرجها في زيارات شهر صفر:
«وفي اليوم العشرين منه كان رجوع حرم سيدنا أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) من الشام إلى مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله) وهو اليوم الذي ورد فيه جابر بن عبد الله بن حرام الأنصاري صاحب
ـــــــــــــــــــــــ
(1) إقبال الأعمال، السيد ابن طاوس2: 589.
(2) المزار، الشيخ المفيد: ٥٣. التهذيب، الشيخ الطوسي ٦ : ٥٢. مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي ٢: ٧٨٨.
«صفحة 19»
رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورضي عنه من المدينة إلى كربلاء لزيارة قبر أبي عبد الله (عليه السلام) فكان أول من زاره من الناس. ويُستحب زيارته (عليه السلام) فيه، وهي زيارة الأربعين»(1).
ولسنا الآن بصدد مناقشة ما إذا كانت السبايا في هذا اليوم وصلت المدينة أو كربلاء، فذلك موضوع منفصل، إنما الكلام في ورود النص على استحباب زيارته في هذا اليوم.
ويلاحظ هنا أيضاً أن الشيخ المفيد رحمه الله ذكر هذه الزيارة في كتاب المزار بعد زيارة العاشر من المحرم، مما يؤكد أنها أشهر الزيارات المعروفة بعد زيارة عاشوراء(2).
معنى (زيارة الأربعين)
بعد هذا البيان الجلي الذي اتضح من خلاله أن هذه الزيارة من المستحبات المؤكدة، سواء بلحاظ العنوان العام لاستحباب زيارته (عليه السلام) أم
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المصباح، الطوسي 2: 787.
(2) انظر: المزار، الشيخ المفيد: 51.
«صفحة 20»
بلحاظ النصوص الخاصة التي ذكرناها. وأن الأربعين تعني مرور أربعين يوماً على شهادته صلوات الله عليه، وأنها في العشرين من صفر كما مرّ، وأن هنالك نصاً في كيفية تلك الزيارة، كما في زيارته عند ارتفاع النهار، أو ما يستحب قوله فيها
ولم يدّع أحدٌ من الشيعة على مدى قرون من الزمن، أيَّ معنى آخر لهذا الاصطلاح (زيارة الأربعين) وقد درج الشيعة على زيارته (عليه السلام) في هذا اليوم ولم يعرفوا معنىً لزيارة الأربعين، سوى زيارته (عليه السلام) في العشرين من صفر.
إلا أن السيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله، المتوفى سنة 1391 هـ ـ 1971م، ذكر قولاً لم ينسبه لقائل بعينه، مفاده أن زيارة الأربعين تعني (زيارة أربعين مؤمناً)، وهو أول من ذكر ذلك للإجابة عنه. بمعنى أن هذا التفسير انتشر بين العامة في الخمسينيات والستينيات من القرن الميلادي الماضي، ولم يكن هنالك قائل به قبل ذلك مطلقاً.
«صفحة 21»
وبملاحظة الظروف التي عاشها السيد المقرم أيام المد الشيوعي الأحمر في العراق، واستشراء حالة النقد لكل ما هو ديني، لا سيما الشعائر المتأصلة في النفوس، لا يبعد أن يكون مصدر هذا الإشكال مَنْ تأثر بالشيوعية من أنصاف المثقفين، أو ممن لا حظّ له في العلم والتحقيق، ثم تبعهم تابعٌ في السنين التالية، مما جعل السيد المقرم يُعير اهتماماً لهذا التفسير. ولولا أن السيد المقرم ذكره لرده والإجابة عنه، لما وجدنا له اليوم عيناً ولا أثراً.
يقول السيد المقرم رحمه الله في الرد على هذا التفسير التبرّعي المتكلَّف للأربعين، بكونها تعني زيارة أربعين مؤمناً:
«والتصرف في هذه الجملة (زيارة الأربعين) بالحمل على زيارة أربعين مؤمناً، التواءٌ في فهم الحديث(1)، وتمحُّل في الاستنتاج، يأباه الذوق
ـــــــــــــــــــــــ
(1) المقصود هو الحديث الوارد عن الإمام العسكري (عليه السلام): «علامات المؤمن خمس: صلاة الاحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم». انظر: المزار للمفيد: 53. التهذيب للشيخ الطوسي6: 52. وكذلك المصباح2: 788.
«صفحة 22»
السليم، مع خلوه عن القرينة الدالة عليه. ولو كان الغرض هو الإرشاد إلى زيارة أربعين مؤمناً لقال (عليه السلام): وزيارة أربعين، فالإتيان بالألف واللام العهدية للتنبيه على أن زيارة الأربعين من سنخ الأمثلة التي نص عليها الحديث بأنها من علائم الإيمان والموالاة للأئمة الاثني عشر»(1).
أقول: إن هذه الخمسة كلها من مختصات الشيعة، ومما يميزهم عن غيرهم، فلا بد أن تكون (زيارة الأربعين) من مختصاتهم أيضاً. أضف إلى ذلك أننا لم نجد تشريعاً يميز الشيعة عن غيرهم، بل حتى يشركهم مع غيرهم بعنوان: زيارة أربعين مؤمناً، مما يعني أن صاحب هذا التفسير الذي ذكره المقرم، لم يكن يفقه من تراث الشيعة شيئاً، ولم يطلع على ثقافتهم وأحاديث أئمتهم (عليهم السلام) ولم يحقق في ذلك تحقيقاً موضوعياً، بل لا يفقه من لغة العرب شيئاً، إنما ارتجل هذا المعنى ارتجالاً، وأرسله إرسالاً، ولواه ليّاً يأباه الذوق العربي السليم،
ـــــــــــــــــــــــ
(1) مقتل الحسين، السيد المقرم: 366.
«صفحة 23»
وقلّد فيه أصحاب الأهواء والدخائل السوداء، فتلقفه منه من تلقفه، ونشره من نشره، دون تحقيق وتمحيص .
نتائج البحث
ـ أن زيارة الحسين (عليه السلام) المسماة بزيارة الأربعين، مما ورد فيها النص الأكيد، فضلاً عن اندراجها في عموم استحباب زيارته (عليه السلام) في كل حين. وأن دعوى عدم ورود النص فيها لا قيمة لها.
ـ كما أن تفسيرها بغير زيارته في العشرين من صفر مما لا دليل عليه مطلقاً، بل هو مخالف للنص الصريح، ولسيرة الشيعة كابراً عن كابر، وإجماعهم، وما تسالموا عليه على مدى قرون من الزمن، بل مخالف حتى للذوق العربي السليم.
والحمد لله رب العالمين
«صفحة 24»
نص زيارة الأربعين
رواها الشيخ الطوسي في كتابيه التهذيب(1) ومصباح المتهجد عن صفوان بن مهران قال:
قال لي مولاي الصادق (ص): في زيارة الأربعين تزور عند ارتفاع النهار، وتقول:
السَّلامُ عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ وَ حَبِيبِهِ السَّلامُ عَلَى خَلِيلِ اللَّهِ وَ نَجِيبِهِ السَّلامُ عَلَى صَفِيِّ اللَّهِ وَ ابْنِ صَفِيِّهِ السَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ الْمَظْلُومِ الشَّهِيدِ السَّلامُ عَلَى أَسِيرِ الْكُرُبَاتِ وَ قَتِيلِ الْعَبَرَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّهُ وَلِيُّكَ وَ ابْنُ وَلِيِّكَ وَ صَفِيُّكَ وَ ابْنُ صَفِيِّكَ الْفَائِزُ بِكَرَامَتِكَ أَكْرَمْتَهُ بِالشَّهَادَةِ
ـــــــــــــــــــــــ
(1) الطوسي، تهذيب الأحكام، ج 6، ص 113.
«صفحة 25»
وَ حَبَوْتَهُ بِالسَّعَادَةِ وَ اجْتَبَيْتَهُ بِطِيبِ الْوِلادَةِ وَ جَعَلْتَهُ سَيِّدا مِنَ السَّادَةِ وَ قَائِدا مِنَ الْقَادَةِ وَ ذَائِدا مِنَ الذَّادَةِ وَ أَعْطَيْتَهُ مَوَارِيثَ الْأَنْبِيَاءِ وَ جَعَلْتَهُ حُجَّةً عَلَى خَلْقِكَ مِنَ الْأَوْصِيَاءِ
فَأَعْذَرَ فِي الدُّعَاءِ وَ مَنَحَ النُّصْحَ وَ بَذَلَ مُهْجَتَهُ فِيكَ لِيَسْتَنْقِذَ عِبَادَكَ مِنَ الْجَهَالَةِ وَ حَيْرَةِ الضَّلالَةِ وَ قَدْ تَوَازَرَ عَلَيْهِ مَنْ غَرَّتْهُ الدُّنْيَا وَ بَاعَ حَظَّهُ بِالْأَرْذَلِ الْأَدْنَى وَ شَرَى آخِرَتَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوْكَسِ وَ تَغَطْرَسَ وَ تَرَدَّى فِي هَوَاهُ وَ أَسْخَطَكَ وَ أَسْخَطَ نَبِيَّكَ، وَ أَطَاعَ مِنْ عِبَادِكَ أَهْلَ الشِّقَاقِ وَ النِّفَاقِ وَ حَمَلَةَ الْأَوْزَارِ الْمُسْتَوْجِبِينَ النَّارَ [لِلنَّارِ] فَجَاهَدَهُمْ فِيكَ صَابِرا مُحْتَسِبا
«صفحة 26»
حَتَّى سُفِكَ فِي طَاعَتِكَ دَمُهُ وَ اسْتُبِيحَ حَرِيمُهُ اللَّهُمَّ فَالْعَنْهُمْ لَعْنا وَبِيلا وَ عَذِّبْهُمْ عَذَابا أَلِيما
السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ سَيِّدِ الْأَوْصِيَاءِ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَمِينُ اللَّهِ وَ ابْنُ أَمِينِهِ عِشْتَ سَعِيدا وَ مَضَيْتَ حَمِيدا وَ مُتَّ فَقِيدا مَظْلُوما شَهِيدا وَ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ مَا وَعَدَكَ وَ مُهْلِكٌ مَنْ خَذَلَكَ وَ مُعَذِّبٌ مَنْ قَتَلَكَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ وَفَيْتَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ جَاهَدْتَ فِي سَبِيلِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةً سَمِعَتْ بِذَلِكَ فَرَضِيَتْ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي وَلِيٌّ لِمَنْ وَالاهُ وَ عَدُوٌّ لِمَنْ
«صفحة 27»
عَادَاهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّكَ كُنْتَ نُورا فِي الْأَصْلابِ الشَّامِخَةِ وَ الْأَرْحَامِ الْمُطَهَّرَةِ [الطَّاهِرَةِ] لَمْ تُنَجِّسْكَ الْجَاهِلِيَّةُ بِأَنْجَاسِهَا وَ لَمْ تُلْبِسْكَ الْمُدْلَهِمَّاتُ مِنْ ثِيَابِهَا وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِنْ دَعَائِمِ الدِّينِ وَ أَرْكَانِ الْمُسْلِمِينَ وَ مَعْقِلِ الْمُؤْمِنِينَ
وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ الْإِمَامُ الْبَرُّ التَّقِيُّ الرَّضِيُّ الزَّكِيُّ الْهَادِي الْمَهْدِيُّ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ وُلْدِكَ كَلِمَةُ التَّقْوَى وَ أَعْلامُ الْهُدَى وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى وَ الْحُجَّةُ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَ أَشْهَدُ أَنِّي بِكُمْ مُؤْمِنٌ وَ بِإِيَابِكُمْ مُوقِنٌ بِشَرَائِعِ دِينِي وَ خَوَاتِيمِ عَمَلِي وَ قَلْبِي لِقَلْبِكُمْ سِلْمٌ وَ أَمْرِي لِأَمْرِكُمْ مُتَّبِعٌ
«صفحة 28»
وَ نُصْرَتِي لَكُمْ مُعَدَّةٌ حَتَّى يَأْذَنَ اللَّهُ لَكُمْ فَمَعَكُمْ مَعَكُمْ لا مَعَ عَدُوِّكُمْ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ عَلَى أَرْوَاحِكُمْ وَ أَجْسَادِكُمْ [أَجْسَامِكُمْ] وَ شَاهِدِكُمْ وَ غَائِبِكُمْ وَ ظَاهِرِكُمْ وَ بَاطِنِكُمْ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
ثم تصلي ركعتين وتدعو بما أحببت وتنصرف إن شاء الله.
***
«صفحة 29»
الوصايا العشر
أخي الزائر… أختي الزائرة:
أولاً ـ اعلم أن الزيارة عمل عبادي، وكل عمل عبادي يشترط فيه الإخلاص، ونية القربة إلى الله تعالى. فلا عبرة بكثرة العدد، ولا سعة الإنفاق، ولا نوعية الخدمة، ما لم يكن بنية القربة إلى الله عز وجل، والإخلاص له في الولاء لأوليائه عليهم السلام.
ثانياً ـ ينبغي أن نتعامل مع هذه الأعداد الغفيرة، القادمة لزيارة الحسين (عليه السلام) من شتى البقاع والبلدان، من منطلق واحد، هو كونهم «زوّار الحسين» دون النظر إلى بلدانهم أو مدنهم أو توجهاتهم السياسية أو انتماءاتهم المذهبية أو العشائرية أو حتى الدينية. فالجميع في هذه المناسبة يحملون هوية واحدة، ولا بد من التعامل معهم على أساسها دون فرق بين زائر أو آخر.
ثالثاً ـ يجب المحافظة على الموازين والتكاليف
«صفحة 30»
الشرعية كما أمرنا الله تعالى، دون تفريط بواجب، أو تقصير بمستحب، أو إخلال بأدب من الآداب التي تعلمناها من النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام). فلا بد من التذكير بالنقاط التالية:
أ ـ المحافظة على الطهارة، في البدن واللباس وغيرهما.
ب ـ المحافظة على أوقات الصلوات، وعدم التفريط بذلك لأي سبب كان، ولنا بالحسين (عليه السلام) أسوة وقدوة يوم صلى صلاة الظهر والسهام تختلف إليه كالمطر، والجيش من حوله، وأكثر الأصحاب صرعى، لكن ذلك لم يمنعه من أداء الصلاة في وقتها.
ج ـ الصلاة جماعة ما أمكن ذلك، لما لها من ثواب عظيم، وأجر جزيل، وما تعكسه من مظهر الوحدة والتلاحم بين المؤمنين، وإظهارهم كالبنيان المرصوص.
د ـ رعاية الحجاب الإسلامي بشكل دقيق، وعدم التفريط بأيّ جزئية منه. بل رعايته حتى في لون اللباس وشكله، بأن يكون متناسباً مع
«صفحة 31»
الذكرى الأليمة الحزينة، وأن تكون المرأة أقرب للتقوى بأخذ الاحتياط الزائد في ذلك.
ه ـ تجنب الذنوب والموبقات في هذه المناسبة وغيرها، والتحلي بالفضائل والآداب العالية، وجعل المناسبة المذكورة مدرسة في التزكية والتربية والتهذيب، شأنها في ذلك شأن الأشهر الثلاثة (رجب، شعبان، رمضان) وأيام الحج وغيرها من المناسبات العبادية المعروفة.
فاحذر أخي الزائر أختي الزائرة من مزالق اللسان، في الكذب والغيبة والنميمة والبهتان، وتجنَّب الجدال والخصومة والفُحش من القول، وإياك وحبائل الشيطان التي نصبها في خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
رابعاً ـ العناية بالنظافة لأقصى الحدود، وعدم التهاون في ذلك مطلقاً، واعلم أن ممارسة التنظيف بنفسك، وجمع النُّفايات في محلها، جزء لا يتجزأ من الخدمة الحسينية، ولا يقل شأناً عن غيره من مظاهر الخدمة، بل لا يبعد أن يكون أفضل من الكثير من مظاهر
«صفحة 32»
الخدمة الأخرى. فضلاً عن كونه يعكس مظهراً حضارياً يليق بالحسين (عليه السلام) وشيعته. فاحرص على أن لا يسبقك إليه غيرك.
خامساً ـ لا تسمح لمن يريد العبث بأجواء المناسبة أن يبلغ مراده، فهنالك من يجد فيها فرصة لبثّ الأفكار المنحرفة المناهضة للمذهب، وما عليه مراجع التقليد العظام، بإثارة الشبهات العقدية أو الفقهية أو غيرها، أو الإساءة إلى بعض الزوار بأي دافع كان، أو إطلاق الشعارات المستفزّة لبعض الزوار أو الجهات، أو المروّجة لجهات أخرى. كل ذلك يجب أن يلاحظ وأن يواجه بوعي وحكمة لكي تحافظ الزيارة على قدسيتها وهويتها الحسينية الأصيلة. وهذه مسؤولية المبلغين والمثقفين وأصحاب الرأي والمشورة بالدرجة الأولى.
سادساً ـ استثمار أوقات الفراغ والاستراحة في التعلم أو العبادة، مهما كانت تلك الأوقات قليلة ومحدودة، من خلال حضور مجالس الذكر والاستماع للمحاضرات النافعة، وقراءة بعض النشرات أو الكتب المنشورة على الانترنت أو المتوفرة في بعض
«صفحة 33»
محطات التبليغ الديني، أو توجيه الأسئلة لطلبة العلم وعلماء الدين، أو التباحث في شؤون الدين والعقيدة، وغيرها من الممارسات النافعة في الدين والدنيا.
سابعاً ـ تجنَّب الزّحامات الشديدة، لا سيما بالقرب من الحرمين المطهرين وما بينهما، وبالخصوص عند اقتراب موعد الزيارة الشريفة في العشرين من صفر. فإن المشي وسط الزحام يسبب بعض الإشكالات الشرعية أحياناً، ويؤدي إلى الإعياء والتعب الشديد، ويقلل من الطاقة والقدرة على الاستمرار بالمشي، وغير ذلك من المشاكل التي ينبغي تجبنها قدر المستطاع.
ثامناً ـ عند استضافتك من قبل أصحاب المواكب أو المنازل، من خدّام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حاول قدر المستطاع أن لا تُثقل عليهم بأكثر من مقدار الضيافة المتعارف، أو ما هو في حدود استطاعة المضيف، واعلم أن استعداد هؤلاء للضيافة الحسينية لا حدود له،
«صفحة 34»
ولا يمكن أن يردّوا طلباً لزائر ولو كلفهم الكثير. فكن أنت خفيف المؤنة، قليل الكلفة، رعايةً لهؤلاء، والسماح لهم بتقديم الخدمة لأكبر عدد ممكن من الزوار، بحسب القدرة والاستطاعة.
فعند دخولك إلى الموكب أو الحسينية أو المنزل، عليك الالتزام بإرشادات وتوجيهات أصحابها، وإن كنت من المدخنين فلا تسبب الأذى لغيرك، خصوصاً في الأماكن المغلقة، قليلة التهوية. وعليك بسؤال القائمين عن كل ما تحتاجه من طعام أو شراب أو خدمة أخرى متوفرة لديهم.
تاسعاً ـ لا بد من جعل المناسبة العظيمة، فرصة لتصفير المشاكل والنزاعات التي كثيراً ما تحدث بين الناس، أو تأجيلها على الأقل قدر الإمكان، واتخاذ شهري محرم وصفر شعاراً للسلم الأهلي، والتعايش الإنساني، خصوصاً أن شهر محرم بالذات من الأشهر الحُرُم المنصوص عليها في الشريعة المقدسة. وليكن هذان الشهران قمة السلام والأمن والابتعاد عن الخصومات مهما كانت صغيرة. فإن تربية النفس وتوطينها على ذلك،
«صفحة 35»
يُكسبها مَلَكةً طويلة الأمد في حب الخير والسلام والعمل على تحقيق الأمن والطمأنينة لجميع الناس.
عاشراً ـ عليك الحذر والانتباه الدائم فيما يخص المحافظة على من يرافقك من أفراد عائلتك أو غيرهم، لا سيما الأطفال والعجزة وذوي الاحتياجات الخاصة، فهي مسؤولية شرعية قبل كل شيء، وإنسانية أيضاً.
وكذلك المحافظة على ممتلكاتك الشخصية، فلا يمكن في أي حال من الأحوال أن يكون المجتمع ملائكياً، مهما بلغ من الصلاح، واعلم أن أصحاب النفوس الضعيفة لا يخلو منهم عصر ولا مِصر، ولا زمان ولا مكان.
***