الرئيسية / الإصدارات / الكراسات الكترونية / خيل أهل الشام في واقعة كربلاء

خيل أهل الشام في واقعة كربلاء

علی اصغر حسینی میلانی
الكراس رقم : 070
عدد الصفحات:26
مؤشرات المضمون 📘
علمي 95%
ثقافي 85%
اجتماعي 50%
1
👁

ان من اكثر الموضوعات التاريخية غموضا في التاريخ الاسلامي عند عموم المسلمين هو حضور خيل اهل الشام في كربلاء واعتماد السلطة الاموية عليهم في محاصرة وقتل الامام الحسين (ع) وهذا ما تناوله هذا الكراس، حيث يبرز دورهم الفاعل في جيش ابن زياد ضد الإمام الحسين عليه السلام. من خلال سرد تاريخي وروايات من مصادر كثيرة ومتنوعة ، ويناقش الكراس مشاركة الشاميين في محاصرة الحسين وأصحابه في كربلاء، إضافة إلى تواطؤهم مع قادة الأمويين. كما يسلط الضوء على كيفية احتفال أهل الشام بمقتل الإمام الحسين عليه السلام، وتورطهم في الأعياد التي أقامها بنو أمية بعد انتصارهم في تلك المعركة.

والنتائج التي توصل إلى البحث :

إليك عشرة نتائج توصل إليها المؤلف في الكراس السابق:

  1. وجود خيل من أهل الشام في جيش ابن زياد: حيث شارك الجنود الشاميون في المعركة ضد الإمام الحسين عليه السلام.
  2. تواطؤ أهل الشام مع قادة الأمويين: لم يكن دورهم محصورًا في المشاركة العسكرية فقط، بل في التحالف مع قادة الأمويين ضد الإمام الحسين.
  3. تسليط الضوء على قادة خيول الشام: مثل شمر بن ذي الجوشن، الذين كانوا يقودون الجند الشاميين في معركة الطف.
  4. احتفال بني أمية بمقتل الحسين (ع): اعتبرت الحادثة عيدًا عند أهل الشام، حيث كانوا يحتفلون بقتل الإمام الحسين بعد انتصارهم.
  5. وجود جنود من الشام بين القتلة: فقد شارك العديد من الشاميين في قتل الإمام الحسين عليه السلام.
  6. استقبال أهل الشام لقتل الحسين (ع) بفرح: يظهر في الروايات أن بعض الجنود الشاميين كانوا مبتهجين بمقتل الإمام الحسين (ع).
  7. حضور شامي في معركة الطف باعتباره جزءًا من الجند النظامي: يتضح أن الجيش الذي شارك في معركة الطف كان يتضمن جنودًا من الشام كجزء من القوى العسكرية الأمويّة في تلك الفترة.

وأصل هذا الكراس بحث من كتاب من “هم قتلة الحسين (ع)” للعلامة المحقق السيد علي الميلاني حفظه الله.

صفحة 1
cover image

صفحة 2

العراق ـ النجف الأشرف – حي الكرامة
هاتف: 009647728220543

الهوية:

عنوان الإصدار  : خيل أهل الشام في واقعة كربلاء

تأليف : آية الله السيد علي الميلاني

سنة الإصدار : 2025/1447 ـ رقم (70)

نوع الإصدار  : إلكتروني ـ PDF

الناشر  : مركز فجر عاشوراء الثقافي

صفحة 3

صفحة 4

صفحة 5

مقدمة المركز

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل الطاهرين.

إن من الحقائق العلمية التي تأبى عن التَّغييب والإنكار في علم التاريخ هي:

عَبثُ بني العباس بأخبار التاريخ الإسلامي، لا سيما ما ارتبط منها بالقرن الأول الهجري، كالأحداث التي وقعت بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله (السقيفة)، وكمقتل عثمان بن عفان، وكحروب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الثلاث، ونقلِه عليه السلام عاصمة العالم الإسلامي من المدينة إلى الكوفة، وحُكمِه فيها، وما أنتجته

صفحة 6

تلك التجربة من إحياءٍ عميق للسنة النبوية، وتأسيسِ التشيع في الكوفة.

وكذلك صُلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية، وما خلّفه من نتائج باهرة في توحيد الأمة الإسلامية ونشر الحديث النبوي في البلاد الغربية، وإعادة السِّلم إلى المجتمع الإسلامي.

وأيضًا نهضة الإمام الحسين عليه السلام، وما انتهجته من رفضٍ للكذب الذي صنعه معاوية بن أبي سفيان وأعوانه بأحاديث النبي صلى الله عليه وآله في أهل بيته عليهم السلام، وفكٍّ للطوق السلطوي والاجتماعي عن حملة الحديث، ليتخطّى الحديثُ النبوي بذلك أشدّ مرحلةٍ عرفها تاريخه، وينتقل إلى الأجيال المتعاقبة، وليحيا من حي عن بيِّنة وليضل ويهلك من هلك عن بيِّنة.

أضف إلى المحاور السابقة تركيز العباسيين على تحريف أخبار “الكوفة” بصفتها المركز الاجتماعي للتشيع والوَلاء والنُّصرة لأهل البيت  عليهم السلام.

صفحة 7

وكانت أساليب عبث بني العباس ومن باع ذمته لهم من الأخباريين والمعنيين بتدوين التاريخ هي :

1. الكتمان، من اجل تغييب الحقائق؛ بتقطيع الأخبار وحذف ما لا يلتقي مع أطروحتهم.

2. التحريف الضمني للأخبار المشتملة على الكلمات والخطب والأحداث والمواقف.

3. الاختلاق والكذب، بافتعال أخبار وأحداث وكلمات وخطب ومواقف؛ من اجل تغييب الحقائق وإبدالها بالكذب والباطل.(1)

وقد مُلئت بطون كتب التاريخ من تلك الأخبار المزيفة والمقطعة والمختلقة. وذلك خلال القرنين الهجريين الثالث والرابع.

وخلال القرن الرابع والخامس استفاد مؤلفو كتب الملل والنحل والمقالات من تلك الأخبار المقطعة والمحرفة والمختلقة في مواجهة


(1) راجع كتاب: “المدخل إلى دراسة مصادر السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي” للعلامة المحقق السيد سامي البدري. وكذلك مقاله بعنوان: “رسائل جامعية في مواجهة التشيع”.

صفحة 8

خصومهم في المذهب (الشيعة) ، واعتمدوها على أنها أخبار صحيحة، وبعد مدة دخلت تلك التصورات المزيفة عن الشيعة وأئمتهم وتاريخهم إلى وجدان المسلمين الثقافي على أنها حقائق “تاريخ الشيعة”، ثم عقائد يجب الإيمان بها.(1)

وشواهد وأمثلة في ذلك كثيرة نبَّه علماءنا المحققون عليها في كتبهم ومقالاتهم، ولعل من أوضح تلك الأكاذيب هي الأسطورة السبئية التي تصوِّر أنَّ التشيع اخترعه شخص يهودي جاء من اليمن باسم عبد الله بن سبأ ضمن أحداث مقتل عثمان بن عفان وانه هو من اظهر القول بإمامة الأمام علي عليه السلام، وان صلح الإمام الحسن عليه السلام كان وراءه دنيا معاوية. وان نهضة الإمام الحسين عليه السلام كان وراءها طلب السلطة وخداع أهل الكوفة، وان الشيعة يعتقدون بان


(1) راجع: قراءة المدرسة السلفية المعاصرة لتاريخ الشيعة الإمامية، رسالة دكتوراه، السيد حسين البدري.

صفحة 9

الأمين جبرئيل عليه السلام قد خان الأمانة وبدل أن ينزل على علي بن أبي طالب عليه السلام نزل على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله. وغيرها الكثير والكثير من الزيف والأكاذيب.

أما الحقائق التي حذفت من كتب التاريخ واهمل ذكرها “تعمدا” فهي الأخرى الجديرة بالاهتمام والدراسة، وهي كثيرة .

قال الطبري في حوادث سنة 30 هـ : «وفي هذه السنة – أعني سنة (30هـ) –كان ما ذكر من أمر أبي ذر ومعاوية وإشخاص معاوية إياه منها (أي المدينة) أمور كثيرة كرهت ذكرها، أمَّا العاذرون معاوية في ذلك فإنهم ذكروا في ذلك قصة كتب بها إلي السري يذكر: إنَّ شعيباً حدَّثه سيف ، عن عطيّة ، عن يزيد الفقعسي، قال : لمّا ورد ابن السوداء الشام لقي أبا ذر … الخ» .(1)

ويقول في حوادث سنة (35هـ) : «وذُكِرتْ


(1) ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري 4 : 283 .

صفحة 10

أُمور كثيرة في سبب مسير المصريين إلى عثمان ونزولهم ذا خشب ، منها ما تقدم ذكره ، ومنها ما أعرضت عن ذكره كراهة مني لبشاعته»(1)، ثم يذكر رواية سيف بن عمر في ذلك تفصيلاً.

ويقول في حوادث السنة نفسها أيضاً: «إنَّ محمد بن أبي بكر كتب إلى معاوية بن أبي سفيان لمَّا ولّي، فذكر-أي هشام عن أبي مخنف-مكاتبات جرت بينهما ، كرهت ذكرها لما فيها مما لا يحتمل سماعَها العامة».(2)

هذا ما صرح بحذفه الطبري وما لم يصرح به وخفي اكثر واكثر .

***

ومن تلك الموارد هو التي حذفوها وربَّما خفيت: وجود أهل الشام في يوم عاشوراء ضمن جيش ابن زياد وعمر بن سعد عليهم لعنة الله، وحصارهم وقتالهم للإمام الحسين عليه السلام.


(1) ابن جرير الطبري : تاريخ الطبري 4 : 35 .

(2) ابن ابي الحديد : شرح نهج البلاغة ج3 ص 188 .

صفحة 11

فهذا الحصين بن نُمير السَّكوني(1) شامي من أهل حمص وكان على 4000 آلاف في كربلاء -ويرجح أن كلهم أو غالبهم شاميون-، وكان الحصين صاحب شرطة ابن زياد(2)، وله ممارسات قمعية عديدة هو وزبانيته لاضطهاد الشيعة في الكوفة. وقد أرسله ابن زياد يرصد قدوم الأمام الحسين عليه السلام من مكة، وهو الذي حمل عددا من الرؤوس الشريفة إلى يزيد لعنه الله. وهو الذي قاد جيوش الشام وكانوا أربعين ألفا ضد ثورة أهل الكوفة بقيادة الصحابي سليمان بن صرد الخزاعي.

وكان الحصين أحد زعماء أهل الشام الذين دعموا معاوية في اختيار يزيد خلفاً له في عام 56 هـ.(3)

والحصين بن نمير كما يذكر ابن حجر عن


(1) ويعود نسبه إلى شبيب بن سَكون أحد شيوخ قبيلة كندة من القبائل العربية اليمنية.

(2) الطبري، تاريخ الطبري، ج3 ص327.

(3) ابن أعثم الكوفي، كتاب الفتوح: ج4 ص334؛ الطبري، تاريخ الطبري: ج5 ص301.

صفحة 12

الكلبي: كان من “أعلام حمص” سمَّىٰ ولده يزيد وحفيده معاوية، وكانا قد وليا أمر حمص لبني أمية فيما بعد.(1)

وأهل حمص يومئذ من النَّواصب، قال ياقوت الحموي: «إن اشد الناس على علي رضي الله عنه بصفين مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضاً عليه وجِداً في حربه».(2)

***

ولعل السؤال يبقى: من أين جاء أهل الشام إلى الكوفة وحضروا واقعة كربلاء؟

والجواب عليه: أن العالم الإسلامي آنذاك عرف ظاهرة ربما يجهلها الكثيرين اليوم، وهي “النواقل”. وهي ببساطة التغيير الديمغرافي، فمعاوية هجَّر أكثر من 50 ألفا من العراقيين سنة 51 بعيالاتهم قبل قتل حجر بن عدي إلى خراسان بحجة مواجهة تمرُّد حصل في


(1) ابن حجر، الإصابة في معرفة الصحابة: ج2 ص 92.

(2) ياقوت الحموي، معجم البلدان: ج2 ص 349 رقم3914.

صفحة 13

خراسان (وقد افتعلته السطلة الاموية) من اجل أن تُفرغ الكوفة من ثقلها الشعي، ونقل معاوية من أهل الشام النواصب بدلهم إلى الكوفة والبصرة واسكنهم فيهما.(1)

***

وفيما يلي بحث قيِّم حول وجود أهل الشام في جيش ابن زياد (لعنه الله) وحضورهم في واقعة كربلاء للمحقق آية الله السيد علي الحسيني الميلاني (أطال الله بقاءه) نعيد نشره ضمن كراسات فجر عاشوراء الإلكترونية.

د. السيد حسين البدري

مسؤول وحدة الأبحاث العلمية والإصدارات العامة

22 محرم 1447 هجرية – قم المشرفة


(1) راجع التفصيل: العلامة المحقق السيد سامي البدري، بحوث في النهضة الحسينينة: ص166.

صفحة 14

استل هذا البحث من كتاب

“من هم قتلة الحسين عليه السلام

للعلامة المحقق آية الله السيد علي الميلاني

ص369 فما بعد

أهل الشام في جيش ابن زياد

وبعد أن تبيّن أنّ الّذين قادوا عساكر ابن زياد لقتال الإمام عليه السلام هم رجال من الخوارج، وزعماء الحزب الأُموي في الكوفة…

فالذي يظهر من خلال النظر في الأخبار وتتبّع الكلمات: هو وجود رجال من أهل الشام في جيش ابن زياد في واقعة الطفّ…

وقد روى الشيخ الكليني بإسناده عن الإمام

صفحة 15

الصادق عليه السلام، عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرَّم، فقال: «تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين عليه السلام وأصحابه رضي اللَّه عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام وأناخوا عليه، وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين صلوات اللَّه عليه وأصحابه رضي اللَّه عنهم، وأيقنوا أنّه لا يأتي الحسين عليه السلام ناصر، ولا يمدّه أهل العراق، بأبي المستضعَف الغريب…»(1).

وروى الشيخ ابن بابويه الصدوق القمّي بإسناده، قال: «ونظر الحسين عليه السلام يميناً وشمالًا ولا يرى أحداً، فرفع رأسه إلى السماء فقال: اللّهمّ إنّك ترى ما يُصنع بولد نبيّك.

وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره وخرّ عن فرسه، فأخذ السهم


(1) الكافي 4/ 147 ح 7.

صفحة 16

فرمى به وجعل يتلقّى الدم بكفّه، فلمّا امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته وهو يقول: ألقى اللَّه عزّ وجلّ وأنا مظلوم متلطّخ بدمي.

ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعاً.

وأقبل عدوّ اللَّه سنان بن أنس الإيادي وشمر بن ذي الجوشن العامري لعنهما اللَّه في رجالٍ من أهل الشام، حتّى وقفوا على رأس الحسين عليه السّلام…»(1).

وروى الشيخ الطوسي بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام، عن صوم يوم عاشوراء، فقال: «ذاك يوم قتل فيه الحسين عليه السلام، فإن كنتَ شامتاً فصم.

ثمّ قال: إنّ آل أُميّة عليهم لعنة اللَّه ومن أعانهم على قتل الحسين من أهل الشام نذروا نذراً، إنْ قتل الحسين عليه السلام، وسلم من خرج إلى الحسين عليه السلام، وصارت


(1) الأمالي- للشيخ الصدوق-: 226 المجلس 30.

صفحة 17

الخلافة في آل أبي سفيان، أن يتّخذوا ذلك اليوم عيداً لهم، وأن يصوموا فيه شكراً، ويفرّحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سُنّة إلى اليوم في الناس…»(1).

أقول:

أمّا «الحصين بن نمير» فقد تقدّم كونه من أهل حمص.

وأمّا من كان مع شمر، فهم خمسون من الرجّالة، ومنهم أبو الجنوب عبد الرحمن الجعفي، وترجمته في بغية الطلب(2).

وقد تقّدم سابقاً أنّه قد خرج- مع عبيد اللَّه لقتال المختار في جيش الشام- رجالٌ من قتلة الحسين، منهم:

عمير بن الحباب

وفرات بن سالم


(1) الأمالي- للشيخ الطوسي-: 667 ح 1397.

(2) انظر: بغية الطلب 10/ 4380.

صفحة 18

ويزيد بن الحضين

وأُناس سوى هؤلاء كثير(1).

و «عمير بن حباب» من عشيرة أبي الأعور السلمي(2) صاحب معاوية.

و «فرات بن سالم» الجزري، هو والد: نوفل بن فرات، ترجم له ابن منظور في «مختصر تاريخ دمشق»، فقال: «ثقة»(3).

رجل من أهل الشام يقترح الأمان على عليّ بن الحسين عليه السلام

قال ابن سعد: «دعا رجل من أهل الشام عليَّ بن حسين الأكبر- وأُمّه آمنة بنت أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي، وأُمّها بنت أبي سفيان ابن حرب- فقال: إنّ لك بأمير المؤمنين قرابةً ورحماً، فإنْ شئت آمنّاك وامض حيث ما


(1) الأخبار الطوال: 293.

(2) أنساب الأشراف 13/ 331.

(3) مختصر تاريخ دمشق 20/ 261 رقم 95.

صفحة 19

أحببت.

فقال: أما واللَّه لقرابة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم كانت أَوْلى أن تُرعى من قرابة أبي سفيان؛ ثمّ كرّ عليه وهو يقول:

أنا عليُّ بن حسين بن علي

نحن وبيت اللَّه أَوْلى بالنبي

من شمر وعمر وابن الدعي»(1)

وعبد الرحمن بن أَبْزى

وكان في جيش يزيد: عبد الرحمن بن أبزى.

ذكره غير واحدٍ في الصحابة، روى عنه أصحاب الصحاح الستّة، قال المزّي: «سكن الكوفة واستُعمل عليها»(2)، لكنْ في «الأخبار الطوال» ما هو ظاهر في كونه من أهل الشام، وكان ممّن حضر قتال الإمام عليه السلام


(1) الطبقات الكبرى 6/ 439، وانظر: نسب قريش: 57.

(2) تهذيب الكمال 11/ 90 رقم 3731.

صفحة 20

بكربلاء، إلّاأنّه ادّعى أنّه لم يقاتل، بل أتى الكوفة في حاجةٍ؛ وهذا نصّ الخبر:

«ولمّا تجرّد المختار لطلب قتلة الحسين، هرب منه عمر بن سعد ومحمّد بن الأشعث- وهما كانا المتولّيَين للحرب يوم الحسين-، وأُتي بعبد الرحمن بن أبزى الخزاعي، وكان ممّن حضر قتال الحسين، فقال له:

يا عدوّ اللَّه! أكنت ممّن قاتل الحسين؟!

قال: لا، بل كنت ممّن حضر ولم يقاتل.

قال: كذبت، اضربوا عنقه!

فقال عبد الرحمن: ما يمكنك قتلي اليوم حتّى تعطى الظفر على بني أُميّة، ويصفو لك الشام، وتهدم مدينة دمشق حجراً حجراً، فتأخذني عند ذلك فتصلبني على شجرة بشاطئ نهر، كأنّي أنظر إليها الساعة.

فالتفت المختار إلى أصحابه وقال: أما إنّ هذا الرجل عالم بالملاحم.

صفحة 21

ثمّ أمر به إلى السجن، فلمّا جنّ عليه الليل بعث إليه من أتاه به، فقال له: يا أخا خزاعة! أظرفاً عند الموت؟!

فقال عبد الرحمن بن أبزى: أنشدك اللَّه أيّها الأمير أنْ أموت ها هنا ضيعةً.

قال: فما جاء بك من الشام؟!

قال: بأربعة آلاف درهم لي على رجل من أهل الكوفة أتيته متقاضياً.

فأمر له المختار بأربعة آلاف درهم، وقال له: إنْ أصبحتَ بالكوفة قتلتك.

فخرج من ليلته حتّى لحق بالشام»(1).

وآخرون من أهل الشام بكربلاء

وقال بعض المحقّقين- بعد نقل رواية الشيخ الكليني المتقدّمة(2)-:


(1) الأخبار الطوال: 298- 299.

(2) تقدمت في الصفحة 368.

صفحة 22

«الرواية صريحة في اجتماع أهل الشام في كربلاء، وسنذكر في ترجمة مسلم بن عقيل أنّ في صبيحة يوم شهادته- وهو التاسع من ذي الحجّة- ورد الكوفة عشرة آلاف من جند أهل الشام، ذكره الطبري وغيره.

فما في بعض الروايات- أنّه ازدلف عليه ثلاثون ألفاً لا فيها شامي ولا غيره، وفي كتاب ابن زياد إلى ابن سعد أنّه بعث إليه جنوداً لا فيها شامي ولا حجازي، ومثله في بعض العبائر وكتب المقاتل- إنّما أراد بذلك الجند النظامي والعسكر الحكومي الكوفي، وهم ثلاثون ألفاً، ليس فيهم شامي ولا غيرهم، قد مرّ غير مرّة تحقيق ذلك.(1)

وسنذكر أنّ أزرق الشامي وأمثاله من جند الشام، إمّا شامي يسكن الكوفة، أو أنّه شبامي


(1) ومن المحتمل جدا أن الطبري أراد إخفاء حقيقة وجود الشاميين في جيش عمر ابن سعد من اجل نسبتهم الجيش إلى الكوفة بشكل خالص. (البدري)

صفحة 23

تصحيف شامي.

فمن أنكر وجود جنودٍ من الشام، فهو من عدم علمه بالتاريخ.

بل في (المناقب) أنّ خيل شمر بن ذي الجوشن- وهم أربعة آلاف- كلّهم شاميّون.

وفي الأربعين الحسينيّة- تأليف الفاضل المعاصر المحدّث القمّي قدّس سرّه-: رأيت في بعض كتب الأنساب أنّ خيل الشام لمّا ورد كربلاء جاؤوا بأمان من يزيد بن معاوية لعليّ بن الحسين عليه السلام…»(1).(2)


(1) الإمام الحسين وأصحابه- للشيخ فضل علي القزويني- 1/ 253- 254.

(2) حسينى ميلانى، على، من هم قتلة الحسين «عليه السلام» – شيعة الكوفة؟، 1جلد، الحقايق – قم – ايران، چاپ: 1، 1429 ه.ق.

تم بحمد الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أحدث العناوين