حول المهدي المنتظر (ع) والأطروحة الإلهية لآخر الزمان

الكاتب: العلامة المحقق السيد سامي البدري

نشر هذا المقال في مجلة فجر عاشوراء العدد 6و7

ألقي قسم من هذا البحث في ندوة فكرية أقامتها مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية في 14شعبان 1421 هـ  وألقي القسم الآخر منه في الملتقى الفكري الثاني عشر الذي أقامه المركز الإسلامي في انجلترا بتاريخ 22شعبان/1421هـ.

 ارتباط قضية المهدي (ع) بنهاية حركة التاريخ:

آخر الزمان تعبير آخر عن المرحلة النهائية لحركة التاريخ، وقد عني بها الفلاسفة الوضعيون عموما والماركسيون خصوصا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين وكان افضل ما قدمته الماركسية للفكر البشري هو تبنيها للحتمية التاريخية[1]ومحاولتها اكتشاف سنن التاريخ ومراحله وتنبيهها إلى أهمية معرفة قوانين التاريخ في النبوءة  باتجاه حركة التاريخ ونتائجها ودور هذه المعرفة في الارتقاء بوعي الإنسان وتفعيل حركته الإيجابية باتجاه المرحلة التاريخية التي يرتقبها، غير ان الماركسية كانت قد تورطت في خطأ قاتل حين أنكرت وجود الله تعالى وتعاملت مع حركة النبوات من خلال الصيغ المحرفة للدين الإلهي ومن ثم فشلت في اكتشاف المراحل العامة لحركة التاريخ واكتشاف السنن التي تنقل الواقع من مرحلة إلى أخرى ثم تقف به عند نهايته المحتومة.

ولئن انفتح الفكر البشري الوضعي من خلال الفكر الماركسي في القرن التاسع عشر الميلادي على إدراك الحتمية التاريخية ومن ثم العمل على اكتشاف مراحل التاريخ الحتمية والقوانين العامة للتاريخ ثم اخطأ في اكتشافها[2]، فإنّ الفكر النبوي منذ انطلاقته الأولى قبل آلاف السنين قد بنى تصوراته عن حركة المجتمع البشري على أساس هذه الحتمية وقدم فكرة واضحة عن سنن التاريخ و مراحله، وقد احتفظ التراث الديني لليهود والنصارى والمسلمين بنصوص مشتركة حول ذلك، ويستطيع الباحث ان يقول ان هذه القضية هي إحدى اهم القضايا الأساسية المشتركة بين الأديان الثلاثة.

وهنا  أود  ان أؤكد ان النصوص الدينية التي يحفل بها تراث الأديان الثلاثة يقدم بالإضافة إلى ذلك معلومات موحدة عن الشخوص التاريخيين الذين تتقوم بهم حركة التاريخ ونهايتها، فلسنا فقط أمام فكرة مشتركة حول نهاية حركة التاريخ بل أمام تصورات مشتركة عن بداية التاريخ وعن هوية أبطال كل مرحلة يمكن استفادتها من تلك النصوص.

نعم بلحاظ هذه النصوص التي تتحدث عن الأشخاص التاريخيين وجدت قراءات وتفسيرات مختلفة جعلتنا أمام مصاديق مختلفة للفكرة الواحدة والباب مفتوح لحوار علمي هادئ بين الأديان الثلاثة واتجاهاتها الداخلية لبحث سبل الوصول إلى القراءة الموحدة لتلك النصوص.

وفي ضوء هذه المقدمة نستطيع القول:

ان قضية المهدي الموعود الحجة بن الحسن العسكري (ع) بن الحسين المظلوم(ع) ترتبط أساسا بنهاية حركة التاريخ وسننها كما تقدمها الحركة النبوية ككل من خلال وثائقها الأساسية القرآن الكريم والتوراة والإنجيل.

وان الحركة الشيعية تدعي من خلال تراثها المعتبر ان المهدي الموعود(ع) بطل نهاية التاريخ الذي تشخصه النصوص الشيعية بمحمد بن الحسن العسكري (ع) بن الحسين المظلوم(ع)  هو نفسه الذي تشخصه النصوص الدينية المسيحية واليهودية.

دليلنا على هذا التصور ما يؤكده القرآن الكريم من ان نهاية التاريخ المشرقة أمر حتمه الله تعالى وبينه في القرآن الكريم وفي كتبه التي انزلها على الأنبياء السابقين، وتأكيد القران الكريم على ان خبر بعثة النبي المكي موجود في التوراة والإنجيل وتأكيد أهل البيت(ع) في أخبارهم ان الكتب السابقة بشرت بمحمد (ص) وأهل بيته(ع) وان عليا والحسين والمهدي(ع) قد ذكروا في الكتب السابقة كما ذكر النبي (ص).

القدر المتفق عليه بين أهل الديانات السماوية الثلاث حول نهاية التاريخ:

يتفق اتباع الديانات السماوية الثلاث المسلمون والنصارى واليهود على الإيمان بأن المستقبل النهائي لمسيرة الحياة على الأرض هي انتصار أطروحة الإيمان على أطروحة الكفر وسيادة الحق والعلم والعدل الاجتماعي وعبادة الله تعالى ووراثة الأرض من قبل الصالحين وانتهاء الخرافة والضلال والظلم وكل أشكال الانحراف.

ويتفقون أيضا على ان الشخص الذي سيحقق الله على يده  العهد هو من ذرية إبراهيم(ع).

وان الشريعة التي يحكم بها هذا الشخص ليست هي شريعة موسى(ع) وانما هي شريعة النبي الذي سيبعثه الله تعالى إلى الأزمنة الأخيرة[3]هذا النبي الذي ينتظره الأميون.

ففي القرآن الكريم قوله تعالى:

﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ، إِنَّ فِي هذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ الأنبياء/105-106 

وفي الكتاب المقدس المزمور السابع والثلاثون لداود:

1. لاَ يُقْلِقْكَ أَمْرُ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَحْسِدْ فَاعِلِي الإِثْمِ، 2. فَإِنَّهُمْ مِثْلَ الْحَشِيشِ سَرِيعاً يَذْوُونَ، وَكَالْعُشْبِ الأَخْضَرِ يَذْبُلُونَ. 3. تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ. اسْكُنْ فِي الأَرْضِ (مُطْمَئِنّاً) وَرَاعِ الأَمَانَةَ. 4. ابْتَهِجْ بِالرَّبِّ فَيَمْنَحَكَ بُغْيَةَ قَلْبِكَ. 5.سَلِّمْ لِلرَّبِّ طَرِيقَكَ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ فَيَتَوَلَّى أَمْرَكَ. 6.يُظْهِرُ بَرَاءَتَكَ كَالنُّورِ، وَحَقَّكَ ظَاهِراً كَشَمْسِ الظَّهِيرَةِ. 7. اسْكُنْ أَمَامَ الرَّبِّ وَانْتَظِرْهُ بِصَبْرٍ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي مَسْعَاهُ، بِفَضْلِ مَكَائِدِهِ. 8.كُفَّ عَنِ الْغَضَبِ، وَانْبُذِ السَّخَطَ، وَلاَ تَتَهَوَّرْ لِئَلاَّ تَفْعَلَ الشَّرَّ. 9.لأَنَّ فَاعِلِي الشَّرِّ يُسْتَأْصَلُونَ. أَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَإِنَّهُمْ يَرِثُونَ خَيْرَاتِ الأَرْضِ. 10فَعَمَّا قَلِيلٍ (يَنْقَرِضُ) الشِّرِّيرُ، إِذْ تَطْلُبُهُ وَلاَ تَجِدُهُ. 11أَمَّا. الْوُدَعَاءُ فَيَرِثُونَ خَيْرَاتِ الأَرْضِ وَيَتَمَتَّعُونَ بِفَيْضِ السَّلاَمِ…16. الْخَيْرُ الْقَلِيلُ الَّذِي يَمْلِكُهُ الصِّدِّيقُ أَفْضَلُ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ، 17لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ سَتُكْسَرُ، أَمَّا الأَبْرَارُ فَالرَّبُّ يَسْنِدُهُمْ. 18الرَّبُّ عَلِيمٌ بِأَيَّامِ الْكَامِلِينَ، وَمِيرَاثُهُمْ يَدُومُ إِلَى الأَبَدِ….27حِدْ عَنِ الشَّرِّ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ، فَتَسْكُنَ مُطْمَئِنّاً إِلَى الأَبَدِ. 28لأَنَّ الرَّبَّ يُحِبُّ الْعَدْلَ، وَلاَ يَتَخَلَّى عَنْ أَتْقِيَائِهِ، بَلْ يَحْفَظُهُمْ إِلَى الأَبَدِ. أَمَّا ذُرِّيَّةُ الأَشْرَارِ فَتَفْنَى. 29الصِّدِّيقُونَ يَرِثُونَ خَيْرَاتِ الأَرْضِ وَيَسْكُنُونَ فِيهَا إِلَى الأَبَدِ. 30فَمُ الصِّدِّيقِ يَنْطِقُ دَائِماً بِالْحِكْمَةِ، وَيَتَفَوَّهُ بِكَلاَمِ الْحَقِّ 31شَرِيعَةُ إِلَهِهِ ثَابِتَةٌ فِي قَلْبِهِ، فَلاَ تَتَقَلْقَلُ خَطَوَاتُهُ. 32يَتَرَبَّصُ الشِّرِّيرُ بِالصِّدِّيقِ وَيَسْعَى إِلَى قَتْلِهِ. 33لَكِنَّ الرَّبَّ لاَ يَدَعُهُ يَقَعُ فِي قَبْضَتِهِ، وَلاَ يَدِينُهُ عِنْدَ مُحَاكَمَتِهِ. 34انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاسْلُكْ دَائِماً فِي طَرِيقِهِ، فَيَرْفَعَكَ لِتَمْتَلِكَ الأَرْضَ، وَتَشْهَدَ انْقِرَاضَ الأَشْرَارِ.35قَدْ رَأَيْتُ الشِّرِّيرَ مُزْدَهِراً وَارِفاً كَالشَّجَرَةِ الْخَضْرَاءِ الْمُتَأَصِّلَةِ فِي تُرْبَةِ مَوْطِنِهَا، 36ثُمَّ عَبَرَ وَمَضَى، لَمْ يُوجَدْ. فَتَّشْتُ عَنْهُ فَلَمْ أَعْثُرْ لَهُ عَلَى أَثَرٍ. 37لاَحِظِ الْكَامِلَ وَانْظُرِ الْمُسْتَقِيمَ، فَإِنَّ نِهَايَةَ ذَلِكَ الإِنْسَانِ تَكُونُ سَلاَماً. 38أَمَّا الْعُصَاةُ فَيُبَادُونَ جَمِيعاً. وَنِهَايَةُ الأَشْرَارِ انْدِثَارُهُمْ، 39لَكِنَّ خَلاَصَ الأَبْرَارِ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، فَهُوَ حِصْنُهُمْ فِي زَمَانِ الضِّيقِ. 40يُعِينُهُمُ الرَّبُّ حَقّاً، وَيُنْقِذُهُمْ مِنَ الأَشْرَارِ، وَيُخَلِّصُهُمْ لأَنَّهُمُ احْتَمَوْا بِهِ.

اختلاف المسلمين عن النصارى واليهود في هوية القائد الإلهي الموعود وكتابه:

ويختلف المسلمون عن اليهود والنصارى في هوية الشخص الذي يجري الله تعالى على يده هذا الحدث العظيم المرتقب وفي الأمة التي ينطلق منها ذلك القائد الإلهي الكبير وفي الشريعة الإلهية التي يعمل بها ويطبقها.

فيعتقد المسلمون جميعا بأنه من ذرية إسماعيل(ع) من ذرية محمد(ص) خاتم الأنبياء من فاطمة بنت النبي (ص). وان أمة هذا القائد هي أمة محمد (ص) وان شريعته هي شريعة محمد (ص).

روى ابو داود وابن ماجة وابن حنبل والطبراني والحاكم في المستدرك وغيرهم:

قول النبي (ص): «لو لم يبق من الدهر (الدنيا) الا يوم واحد لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملؤها (الأرض) عدلا كما ملئت جورا».

وقوله (ص) أيضا: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».

ويعتقد اليهود والنصارى انه من ذرية إسحاق(ع) من ذرية يعقوب(ع) ومن ذرية داود(ع).

ويقول النصارى بأن هذا القائد الإسرائيلي هو المسيح عيسى بن مريم وانه قتل على يد اليهود ثم أحياه الله تعالى وأقامه من الأموات ورفعه إلى السماء و سينزله في آخر الدنيا ليحقق به وعده.

اما اليهود فيقولون انه لم يولد بعد.

قال المفسر اليهودي كنعان ايل في تعليقته على الفقرة 20 من الإصحاح 17 من سفر التكوين التي تشير إلى وعد الله تعالى في إسماعيل(ع) وهي: «أما إسماعيل فقد سمعت قولك فيه ها أنا ذا أباركه وأنميه وأكثره جدا جدا ويلد اثني عشر رئيسا واجعله أمة عظيمة».

«We see from the prophecy in this verse, that 2337 years elapsed before the Arabs, Ishmael’s descendants, became a great nation (with the rise of Islam in 624 C.E.)… Throughout this period, Ishmael hoped anxiously, until finally the promise was fulfilled and they dominated the world.

We the descendant of Isaac, for whom the fulfillment of the promises made to us is delayed due to our sins… should surely anticipate the fulfillment of God’s promises and not despair».[4]

وترجمته كما يلي:

«نلاحظ من هذه النبوءة في هذه الآية ان 2337 سنة مضت قبل ان يصبح العرب /سلالة إسماعيل/ أمة عظيمة [بظهور الإسلام سنة 624م] في هذه الفترة انتظر إسماعيل بشوق حتى تحقق الوعد الإلهي أخيرا وسيطر العرب على العالم.

 أما نحن ذرية اسحق فقد تأخر تحقق الوعد الذي أعطي لنا بسبب ذنوبنا. من المؤكد ان هذا الوعد الإلهي سيتحقق فيما بعد فلا نيأس».[5]

وفي سفر اشعيا 11: 1: وَيُفْرِخُ بُرْعُمٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ جُذُورِهِ،

2: وَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ، رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفِطْنَةِ، رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ، رُوحُ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ وَمَخَافَتِهِ. 3وَتَكُونُ مَسَرَّتُهُ فِي تَقْوى الرَّبِّ، وَلاَ يَقْضِي بِحَسَبِ مَا تَشْهَدُ عَيْنَاهُ، وَلاَ يَحْكُمُ بِمُقْتَضَى مَا تَسْمَعُ أُذُنَاهُ، 4إِنَّمَا يَقْضِي بِعَدْلٍ لِلْمَسَاكِينِ، وَيَحَكُمُ بِالإِنْصَافِ لِبَائِسِي الأَرْضِ، وَيُعَاقِبُ الأَرْضَ بِقَضِيبِ فَمِهِ، وَيُمِيتُ الْمُنَافِقَ بِنَفْخَةِ شَفَتَيْهِ، 5لأَنَّهُ سَيَرْتَدِي الْبِرَّ وَيَتَمَنْطَقُ بِالأَمَانَةِ. 6فَيَسْكُنُ الذِّئْبُ مَعَ الْحَمَلِ، وَيَرْبِضُ النِّمْرُ إِلَى جِوَارِ الْجَدْيِ، وَيَتَآلَفُ الْعِجْلُ وَالأَسَدُ وَكُلُّ حَيَوَانٍ مَعْلُوفٍ مَعاً، وَيَسُوقُهَا جَمِيعاً صَبِيٌّ صَغِيرٌ. 7تَرْعَى الْبَقَرَةُ وَالدُّبُّ مَعاً، وَيَرْبِضُ أَوْلاَدُهُمَا مُتجَاوِرِينَ، وَيَأْكُلُ الأَسَدُ التِّبْنَ كَالثَّوْرِ، 8وَيَلْعَبُ الرَّضِيعُ فِي (أَمَانٍ) عِنْدَ جُحْرِ الصِّلِّ، وَيَمُدُّ الفَطِيمُ يَدَهُ إِلَى وَكْرِ الأَفْعَى (فَلاَ يُصِيبُهُ سُوءٌ). 9لاَ يُؤْذُونَ وَلاَ يُسِيئُونَ فِي كُلِّ جَبَلِ قُدْسِي، لأَنَّ الأَرْضَ تَمْتَلِيءُ مِنْ مَعْرِفَةِ الرَّبِّ كَمَا تَغْمُرُ الْمِيَاهُ الْبَحْرَ.

 10: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَنْتَصِبُ أَصْلُ يَسَّى رَايَةً لِلأُمَم ِ،

 وَإِلَيْهِ تَسْعَى (واياه تنتظر) جَمِيعُ الشُّعُوبِ (Gentiles)، وَيَكُونُ مَسْكَنُهُ مَجِيداً.

والقول الفصل فيما اختلف فيه المسلمون عن النصارى واليهود بشأن القائد الموعود وهل هو من ذرية إسحاق(ع) او ذرية إسماعيل(ع) يكون من خلال التحقيق في مسالة:

 من هو النبي الذي ينتظره الأميون هل هو عيسى(ع) ام محمد (ص)؟.

ومسألة من هو الوارث الأبدي لإمامة إبراهيم هل هو إسماعيل(ع) والأصفياء من ذريته ام إسحاق(ع) والأصفياء من ذريته؟

وكذلك من هو القائد الإلهي الذي سيتعرض لمحنة الذبح بلا ذنب ويكون قتله سببا لهداية كثيرين كما يكون قتله سببا لحفظ الدين ونشره كما يكون من ذريته نسل تطول أيامه يتحقق على يده الغد المشرق في تاريخ البشرية؟

والمسالتان الأوليان بحثهما علماء المسلمين وأدركهما الكثير من علماء اليهود والنصارى واعلنوا اتباعهم للنبي (ص) وأهل بيته (ع) [6].

اما المسالة الثالثة فقد قامت المسيحية البولسية على تفسير النصوص التي تتحدث عن رجل الآلام والمحن المذبوح كما يذبح الكبش على انه عيسى بن مريم(ع) الا ان النص يأبى الانطباق عليه لان عيسى(ع)  لم يكن له نسل سواء أطالت أيامه ام قصرت [7].

اما لفظة (يسى) التي تشير الى والد داود في النص الانف الذكر فإنه بعد استقرارا المسائل الثلاث الآنفة الذكر يصبح من السهل اكتشاف تحريفها،وكونها في الأصل تشير إلى محمد (ص) وولده المهدي(ع).

اختلاف الشيعة عن السنة في قضية القائد الموعود:

يعتقد الشيعة ان هذا القائد الموعود هو محمد بن الحسن العسكري(ع) الذي ولد سنة 255 هجرية وقد نص ابوه الحسن العسكري على إمامته، ثم غاب المهدي (ع) بإذن الله تعالى غيبتين صغرى وكبرى نظير غيبتي عيسى (ع) الأولى وهي الغيبة الصغرى كانت حين أنجاه الله تعالى من مكر السلطة العباسية فكان يعيش حالة الاختفاء منذ ولادته حيث أخفاه ابوه وبعد وفاة ابيه سنة 261هـ صار يوجه شيعة ابيه بواسطة وكلائه النواب الأربعة الذين استمرت نيابتهم تسعا وستين سنة (261-329)، الثانية وهي الغيبة الكبرى التي بدأت بعد موت النائب الرابع علي بن محمد السمري 2 وقد اخبر الشيعة عند موته بعدم وجود نائب خاص بعده حتى يظهر الله تعالى وليه في آخر الزمان.

ويرى السنة ان المهدي لم يولد بعد بل يولد في آخر الزمان.

والقول الفصل فيما اختلف فيه الشيعة عن السنة بشأن القائد الموعود وهل هو مولود حقا وهو ابن الحسن العسكري (ع)؟ او سوف يولد في المستقبل؟

يكون من خلال التحقيق في مسالة وجود أوصياء معصومين للنبي(ص) وان شيعة هؤلاء الأوصياء مصدَّقون في النقل عن ائمتهم شانهم في ذلك شان اتباع المذاهب الأخرى حينما ينقلون عن ائمتهم مسائل الفقه ومسائل التاريخ الخاص بهم.

وقد أجمع جمهور الشيعة منذ أقدم عصورهم على ان أئمتهم قد نص النبي(ص) عليهم وبين عددهم وان الأئمة(ع) قد نص السابق منهم على اللاحق وان الحسن العسكري(ع) اخبر ان له ولد وانه وصيه وانه المهدي المنتظر(ع)[8].

وقد استدل الشيعة على مسالة النص من النبي (ص) على الإمامة الإلهية لأهل بيته بحديث الثقلين وحديث السفينة واستدلوا على عددهم بحديث الاثني عشر واستدلوا على ان أول الأئمة الإلهيين هو علي(ع) ثم الحسن(ع) ثم الحسين(ع) بحديث الغدير وحديث المنزلة وحديث الكساء وحديث الحسن والحسين سبطان من الأسباط وكلها مروية في كتب الحديث  السنية المعتبرة.

اما إمامة التسعة من ذرية الحسين (ع) فقد استدلوا عليها:

● بأحاديث الوصية في كتب الشيعة المعتبرة كقول الإمام الباقر(ع): (يكون تسعة أئمة من ذرية الحسين بن علي(ع) تاسعهم قائمهم) رواه الكليني. وقول الإمام الصادق(ع) «أترون ان الموصي منا يوصي إلى من يريد لا والله ولكنه عهد معهود من رسول الله(ص)  إلى رجل فرجل حتى انتهى إلى نفسه». وفي لفظ آخر «إلى ان ينتهي إلى صاحب هذا الأمر»[9].

● وبالواقع التاريخي الذي تميزت به سيرة هؤلاء التسعة من وراثة الجامعة والجفر التي كتبها علي(ع) عن النبي(ص) في لقاءاتهما الخاصة وما جرى على يدهم من الإخبار بالمغيبات والكرامات التي لا يجريها الله تعالى الا على يد أصفياءه المؤيدين بتأييد خاص منه.

وقد حاول الأخوة من أهل السنة رد فكرة النص من النبي(ص) على الأئمة (ع) وعلى أولهم علي(ع) بمنع دلالة او تضعيف أسانيد النصوص النبوية التي يستشهد بها الشيعة على دعواهم، وقد قابلهم علماء الشيعة بمناقشة ردودهم وبيان خطئها.

وقد حاول البعض من فرق الشيعة وبخاصة الزيدية رد فكرة الإثني عشرية وقابلهم علماء الشيعة بالرد عليهم أيضا.

وحاول بعض المعاصرين من الكتاب رد فكرة ولادة المهدي(ع) بدعوى ان القائلين بذلك هم واحد من اثني عشرة فرقة انقسمت إليها شيعة الحسن العسكري(ع) استنادا إلى كتابي فرق الشيعة للنوبختي والمقالات والفرق للأشعري الشيعي وقد اجبنا عن ذلك مفصلا في كتابنا حول إمامة أهل البيت ووجود المهدي (ع)[10]..

الغيبة لا تعني تعطيل العمل بالأحكام الإسلامية

لم تكن الغيبة الكبرى للمهدي التي تجاوزت الألف سنة لتعني تعطيل العمل بأحكام الإسلام.

كيف يكون ذلك؟

لأن أصل مسالة وجود أوصياء للنبي(ص) إنما هي الحفاظ على الإسلام ليبقى سليما ميسرا لمن أراد العمل به، وقد أدى الأئمة (ع) وظيفتهم هذه على أتم وجه، وربوا حملة أمناء لعلومهم.

ولم يكن تسلم الحكم في المجتمع الإسلامي ككل من قبلهم الا بعض شؤونهم ولم يتوفر الشرط الأساس لنهوض اغلبهم فيه وهو شرط وجود الناصر الكفوء وانقياده لهم كما أشار أمير المؤمنين(ع) (اما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكاس أولها)،

ان الغيبة كانت مكرا الهيا في قبال مكر العباسيين أرادوا قتل الإمام(ع) وأراد الله تعالى حفظه وادخاره لليوم الموعود.

ومن جانب آخر فان من ابرز حكم الغيبة وا سرارها الواضحة على صعيد الأمة الخاصة – شيعة أهل البيت – هي إتاحة الفرصة لحملة تراث الأئمة ان يمارسوا مسؤولياتهم الفكرية والعلمية والسياسية ككل على أساس فهمهم البشري غير المعصوم للقرآن الكريم  والتراث الفكري الذي خلفته التجربة المعصومة للنبي (ص) والأئمة (ع).

وتأتي فكرة عودة المعصوم الغائب في آ خر الدنيا وظهوره مرة ثانية على المسرح الاجتماعي والسياسي لتقييم التجارب السابقة للمسيرة غير المعصومة والكشف عن مستوى تمثيلها وصدق تعبيرها وأمانتها من ناحية، ومن ناحية أخرى لتحقيق الوعد الإلهي الانف الذكر.

ان مفهوم انتظار الفرج يرتبط بالمهدي محمد بن الحسن العسكري(ع) الذي عاش مشردا مختفيا ولا زالت هذه الحالة ترافق وجوده الشريف (اللهم عجل فرج وليك الحجة بن الحسن (ع))،  ليس له ربط بالأمة الا من ناحية كونه قائدها المعصوم المعد لأداء وظيفة إلهية خاصة قدر الله لها ان تكون خاتمة المسيرة على الأرض كلها وان يعينه فيها النبي عيسى (ع).

ويتضح من ذلك سر انحصار هذا المفهوم ضمن الدائرة الشيعية، إذ ان الدائرة السنية لا تؤمن بمهدي مولود غائب مشرد خائف طريد.

علامات الظهور:

الأخبار التي تتحدث عن علامات ظهور المهدي (ع) سواء في الكتب الشيعية ام في الكتب السنية تستهدف غالبا تشخيص زمن الظهور، ويوجد اتجاهان في دراستها:

 الأول: يدرسها على انها تخبر بحوادث مستقلة عن بعضها البعض.

الثاني: يدرسها على انها تخبر عن وضع اجتماعي وسياسي وتكنولوجي يعيشه العالم قبيل الظهور. وبعبارة أخرى ترسم لنا حالة العالم السياسية والاجتماعية والتكنولوجية قبيل الظهور.

وفي ظل الاتجاه الثاني يتضح لأي باحث في علامات الظهور ان العالم اليوم اقرب من أي وقت مضى إلى عهد الظهور.

فمن الناحية التكنولوجية تتحدث الأخبار عن عالم فيه طائرات تنقل المسافرين من بلد إلى بلد وإذاعات بعدد شعوب العالم تستطيع بث الخبر الواحد في ان واحد للعالم اجمع وتلفون متلفز يسمع من في المشرق أخاه الذي في المغرب ويرى صورته،وكومبيوترات يدوية تحتوي على برامج متنوعة تغني حاملها عن اصطحاب آلاف الكتب.

ومن الناحية الاجتماعية تتحدث عن وضع اجتماعي للنساء تظهرن فيه كاسيات عاريات وهو كناية عن التبرج والسفور، وظهور أنواع من المنكرات مما لا يتصوره الإنسان قبل حدوثه.

ومن الناحية السياسية تتحدث عن كشف هيكل سليمان (ع) الذي يستلزم قيام دولة إسرائيل في قلب العالم العربي والإسلامي. وعن قيام دولة توطئ للمهدي (ع) في المشرق، وعن ظهور دعوات مهدوية كاذبة وغير ذلك.

 الأساس الموضوعي لتمييز الصادق الذي يدعي المهدوية من الكاذب:

 الأساس الموضوعي الوحيد الذي يمكننا ان نعتمده هو المؤيدات الإلهية والمعجزة التي تجري على يد من يدعي المهدوية بعد تصديقه للنبوة الخاتمة وحركة آبائه اوصياء النبي الخاتم(ص)، كما هو الحال مع أي مدعي للنبوة والرسالة وتختم هذه المؤيدات بظهور عيسى بن مريم (ع) الذي قص القرآن علينا خبره انه يحيي الموتى ويبرئ الا كمه والأبرص [11].

وبهذا الأساس يقطع الطريق على كل حالة كاذبة سواء أتعمّد صاحبها الكذب أم  وقع ضحية حالة كشف عرفاني كاذب من قبيل ما وقع للمهدي السوداني حين خيل إليه انه هو المهدي الموعود بما تجسد في خياله ان النبي (ص) قد اخبره مباشرة بانه هو حيث قال في إحدى رسائله (المؤرخة في 16شعبان 1299هجرية:

«اخبرني سيد الوجود (ص) باني المهدي المنتظر وخلفني عليه السلام بالجلوس على كرسيه مرارا بحضرة الخلفاء الأربعة والأقطاب والخضر (ع) وايدني بالملائكة المقربين والأولياء الأحياء والميتين من لدن ادم إلى زماننا هذا وكذلك المؤمنين من الجن وفي ساعة الحرب يحضر معهم أمام الجيش سيد الوجود (ص) بذاته الكريمة وكذلك الخلفاء الأربعة والأقطاب والخضر وأعطاني سيف النصر من حضرته (ص) وأعلمت انه لا ينصر علي معه احد ولو كان الثقلين الأنس والجن ثم اخبرني سيد الوجود (ص) …بانه تخرج راية من نور وتكون معي في حالة الحرب يحملها عزرائيل (ع) فيثبت بها أصحابي وينزل الرعب في قلوب أعدائي فلا يلقاني احد بعداوة الا خذله الله. فمن له سعادة صدق صدِّق باني المهدي المنتظر ولكن الله جعل في قلوب الذين يحبون الجاه النفاق فلا يصدقون حرصا على جاههم …وأمرني سيد الوجود (ص) بالهجرة إلى ماسة بجبل قدير وامرني ان أكاتب بها جميع المكلفين أمرا عاما فكاتبنا بذلك الأمراء ومشايخ الدين فانكر الأشقياء وصدق الصديقون …وقد اخبرني سيد الوجود (ص) بانه من شك في مهديتك فقد كفر بالله ورسوله كررها ثلاث مرات، وجميع ما أخبرتكم به من خلافتي على المهدية الخ فقد اخبرني به سيد الوجود (ع) يقظة في حال الصحة خاليا من الموانع الشرعية لا بنوم ولا جذب ولا سكر ولا جنون…»[12].

وقال في رسالة أخرى «…فلولا أني على نور من الله وتأييد من رسول الله (ص)  لما قدرت على شيء ولا ساغ لي ان احكي شيئا، وما أخبرت عن النبي (ص) بما أخبرت الا بأمر من رسول الله وقد اخبرني(ص) بأخبار ليست عند الأولياء ولا عند العلماء وليكن معلوما عندكم اني لا افعل شيئا الا بأمر النبي (ص) او ملك الإلهام مأذونا من النبي (ص) وقد اخبرني (ص) ان الأمة تهتدي بي بدون المشقة التي حصلت له (ص)، واني مخلوق من نور عنان قلبه (ص) وبشرني (ص) ان أصحابي كأصحابه وان عوامهم لهم رتبة عند الله كرتبة الشيخ عبد القادر الجيلاني»[13].

فالملاحظ على فقرات الرسالتين هو انحصار الأدلة على صدق مدعي المهدية، الصفة الذاتية وليس الموضوعية مضافا إلى عدم تحقق ما اخبر به من النصر المؤزر لحركته.

 ان المهدي (ع) على التصور الشيعي إنسان مشخص وهو ابن الحسن العسكري (ع) ولد سنة 255 هجرية وعايش أهل الأرض من القرن الثالث الهجري والى القرن الخامس عشر الهجري والى ما شاء الله فلا بد له ان يثبت ذلك بطريقة موضوعية وهي:

اما جريان المعجزات على يده وقد جرت المعجزات على يد اصف بن برخيا وزير سليمان (ع) ولم يكن اصف نبيا وذلك حين احضر عرش ملكة سبأ بأقل من لمح البصر ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ … (39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنْ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40)﴾ النمل/38-40.

او يستخدم طرقا اعتيادية تكشف عن عمر صاحبها وهويته من قبيل ان يخبر- مثلا –  أهل لندن انه مر من بلادهم في القرن  العاشر الميلادي ووضع رسالة بخط يده على رق غزال في المنطقة الفلانية وكانت في ذلك الوقت مكتبة المدينة ولكنها اندثرت بفعل عوامل مختلفة ثم يخاطب الانكليز بإمكانكم الحفر عدة أمتار لتعثروا على مكتبتكم المندثرة وفيها وثائق تعتزون بها وبإمكانكم ان تفتحوا  اللفافة الفلانية لتجدوا رسالتي إليكم وهذه نسخة ثانية منها، وبنفس الأسلوب يخاطب الروس او الإيرانيين او العرب او الصينيين وغيرهم ممن تعمر به الأرض عند ظهوره، ولا بد انه يطرح مثل هكذا طلب بما يكشف عن درايته وعلمه بالحلقات المفقودة العزيزة في كل بلد من اجل ان يحرك أهل كل بلاد نحو التنقيب لكشف الحقيقة.

ولو ظهر في السنين أو الازمنة القادمة وأخبر أنه محمد بن الحسن العسكري (ع) وان عمره 1187سنة هجرية قمرية وهو بمنظر ابن الاربعين كما في الروايات بالتأكيد سوف يتبادر إلى أذهان السياسيين وغيرهم آنذاك ان هذا الشخص المدعي قد جُن او أصيب بالهذيان ولكنهم حين يرون منه المعجزة وتحقق كلماته سيكون الأمر مختلفا  تماما.

ولا مانع من اجتماع الطريقتين.

خصائص دولة المهدي (ع) المرتقبة

 ان دولة المهدي (ع)  المرتقبة لا تعني ان الإسلام سوف يبقى معطلا حتى تقام دولته عند ظهوره الشريف، بل تعني قيام دولة خاصة كان نموذجها المصغر هو دولة النبي سليمان (ع) فقد كان ملكه مؤيدا بقوى الجن والريح والحيوان فضلا عن مؤمني الإنس وتزيد على دولة سليمان بان دولة المهدي (ع) تعم الأرض كلها ولا توجد دولة بعدها وتتصل بعهد القيامة الصغرى ثم تختم الحياة على الأرض وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه القيامة الصغرى في آخر الزمان بقوله  ﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (82) وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنطِقُونَ (85) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86) وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88)﴾ النمل/82-88

﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم﴾: أي جاء الوقت المحدد لإظهار ما خفي من الحق.

﴿أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنْ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ﴾: والدابة كل ماش على الأرض كما في قوله تعالى ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا (56)﴾  هود/56 وهي هنا إنسان ميت يحييه الله تعالى بقرينة قوله تعالى (أخرجنا لهم من الأرض) وقوله (تكلمهم)، والحاجة إلى هذه المعجزة والآية هي ان الناس بعد ظهور المهدي (ع) والمسيح (ع) يبقى الكثير منهم على ما ألفه من دين او مذهب آبائه كما اخبر القرآن الكريم عن الناس في زمن الأنبياء ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104)﴾ المائدة/104.

﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾: أي نحشر من أمة جماعة ممن يكذب بآياتنا.

﴿وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ﴾، إشارة إلى الحشر الأكبر والقيامة الكبرى.

هذه القيامة الصغرى تقوم على فكرة عدم الاكتفاء بإقامة دولة العدل المطلق وأن ينعم كل إنسان وكل فئة بالأمان والعدل والكفاية الاقتصادية والاجتماعية في ظلها كهدف يستوعب حركة المهدي(ع) والمسيح (ع)  المرتقبة، بل هناك هدف آخر وهو الحوار بين الأديان والمذاهب ومحاكمتها على أساس وسائل الإثبات الواقعية والتاريخية التي تستدعي إحياء شهودها ورجالها التاريخيين الذين كانوا طرفا أساسا في تلك المذاهب او الأفكار وقد ادخر الله تعالى رسوله عيسى (ع) ليقوم بمهمة إحياء هؤلاء الشهود التاريخيين بين يدي الحاكم الأعلى المهدي (ع) من آل محمد (ص).

 ومن الطريف ان البعض يستنكر على الشيعة قولهم بهذه القيامة الصغرى والتي تسمى بالرجعة وهو يعتقد ان عيسى بن مريم (ع) سوف يعود مرة ثانية إلى الحياة الدنيا ويقتدي بإمام المسلمين آنذاك كما في رواية البخاري (كيف بكم اذا نزل عيسى بن مريم وأمامكم منكم).

ألا يسائل هذا البعض نفسه كيف سيعرف الناس ان هذا الشخص هو عيسى بن مريم (ع)؟ اذا لم يمارس إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص؟ و حين يحيي الموتى هل يتصور انه سيحيي إنسانا مات لتوه ثم يعيش ساعة يموت بعدها ام ان الأبلغ في الأمر هو ان يحيي ميتا مضت عليه قرون ثم يحيي بعدها سنون أخرى، والأبلغ منه حين يحيي علي بن ابي طالب (ع) و قد اختلف المسلمون على موقعه بعد الرسول(ص) بين قائل هو كالرسول في موقعه الرسالي والسياسي الا انه لا نبي بعد الرسول وانه لا تجوز مخالفته كما لا تجوز مخالفة الرسول(ص) واستند في ذلك إلى الأحاديث النبوية الصحيحة وبين منكر لذلك ليجعل منه الشخص الرابع في الفضل بل لا يعد له بعضهم فضلا بعد الأول والثاني.

ان المهدي (ع) يخرج للناس الصحيفة الجامعة التي كتبها علي (ع) على الجلد بخط يده وإملاء النبي(ص) وتوارثها الأئمة (ع) بنص الهي من النبي(ص) على واحد واحد منهم ونشروا ما فيها وكتب الشيعة عن ائمتهم (ع) السنة النبوية بهذا الطريق الوثائقي الفريد معصوم يكتب عن النبي(ص) ثم يروي المعصوم بنفسه كما في قول الإمام الصادق (ع) (إنّا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكنها آثار من رسول الله (ص) أصل علم نتوارثها كابرا عن كابر نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم)[14]. غير ان البعض قد يبقى على ما عنده لما ألفه عن آبائه وهنا من أجل توفير حجة حسية تقطع العذر ليس لدينا الا إحياء صاحب الكتاب ليكتب بيده وليُعرَف أنه الذي كتب الكتاب الذي أظهره المهدي (ع) وليحدثهم عن مجريات الأمور كما شاهدها وجرت.

وهكذا حين يقول عيسى (ع) للمسيحيين ان المسيحية التي بأيديكم هي لم تكن مني بل من بولس مثلا، ويحيي لهم بولس ليحدثهم كيف حرف المسيحية من رسالة جاءت تبشر بمحمد (ص) وأهل بيته (ع) إلى رسالة تجعل من المسيح (ع) خاتم الرسل بل تجعله ثالث ثلاثة.

ويتضح ان دولة المهدي(ع) ليست لإقامة العدل المطلق في المجتمع البشري حسب بل للانتقال به إلى الوحدة الفكرية والمذهبية القائمة على أساس الوثائق الواقعية والتاريخية وهي بذلك تمثل خاتمة المطاف لحركة الأنبياء والرسل جميعا وانتصار العقل والعلم والتوحيد على الجهل والخرافة والشرك.

مشروع انتظار القائد الموعود عند اليهود والمسيحيين

على الرغم من العداوة التاريخية الشديدة بين اليهود والنصارى وذلك بسبب دعوى اليهود انهم قتلوا عيسى بن مريم (ع)، وتصديق النصارى بذلك فانهم التقوا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين الميلادي على العقيدة بانتظار المسيح ودعم مشروع سياسي يقوم على تلك العقيدة وهو مشروع قيام إسرائيل بصفتها مقدمة لظهور المسيح ومن ثم جندت مئات الكنائس والجمعيات المسيحية في أمريكا وأوربا تدعو لدعم دولة إسرائيل بعد قيامها بتلك الصفة ([15]).

ففي 1980م  تم إعلان تأسيس منظمة في القدس المحتلة باسم (السفارة المسيحية الدولية في القدس) وقد اختصر مؤسسها أهدافها بقوله: (إننا صهاينة اكثر من الإسرائيليين انفسهم، وان القدس هي المدينة الوحيدة التي تحظى باهتمام الله وان الله قد أعطى هذه الأرض لإسرائيل إلى الأبد).

ويرى أعضاء هذه السفارة: «انه اذا لم تبق إسرائيل فانه لا مكان للمسيح عند مجيئه الثاني».

وبدأت السفارة فور تأسيسها بالاحتفال الدولي السنوي بالعيد اليهودي المسيحي عيد العريش فحضره اكثر من ألف رجل دين مسيحي وفي عام 1982م  حضره ثلاثة آلاف رجل دين مسيحي.

وصارت السفارة المسيحية الدولية إحدى المنظمات الرئيسية التي تدعى لجلسات الاستماع أمام لجان الكونغرس الأمريكي عند طرح قضايا الصراع العربي الإسرائيلي وبخاصة مسألة القدس.

وفي سنة 1985م أعلنت القيادات الصهيونية المسيحية في مؤتمرها المنعقد في بال في سويسرا قولهم: «نحن الوفود المجتمعين هنا من دول مختلفة وممثلي كنائس متنوعة، وفي نفس هذه القاعة الصغيرة والتي اجتمع فيها منذ 88 عاماً الدكتور تيودور هرتزل ومعه وفود المؤتمر الصهيوني الأول والذي وضع اللبنة الأولى لإعادة ميلاد دولة إسرائيل جئنا معا للصلاة ولإرضاء الرب، ولكي نعبر عن شغفنا العظيم بإسرائيل (الشعب والأرض والعقيدة) ولكي نعبر عن التضامن معها وتأييدنا لها»[16].

وقد تأسست في أميركا كنيسة باسم الكنيسة التدبيرية (Indespensationalism) بلغ عدد اتباعها نحو ستين مليون شخص تؤمن هذه الكنيسة بان للعودة الثانية للمسيح (ع) شروطا منها قيام دولة صهيون وتجميع يهود العالم فيها[17].

وقد كان من اتباع هذه الكنيسة (جورج بوش) و (ريغان) رئيسا الولايات المتحدة السابقان.

وفي تشرين الأول عام 1983 م قال (ريغان) امام لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية: «انني أتساءل هل اننا نحن الجيل الذي سيشهد معركة (هرمجيدون).  ان النبوءات في العهد القديم تصف تماما الوقت الذي نحن فيه»[18].

وقول (ريغان) هذا يستند إلى كتاب (كوكب الأرض العظيم الراحل) (THE late great planet Earth) تأليف هال ليندسي (Hal lindsey) نشره لأول مرة عام 1970م وباع منه اكثر من (15) مليون نسخة يركز فيه على ان اهم إشارة لنهاية التاريخ وعودة المسيح الثانية هي عودة اليهود إلى ارض إسرائيل بعد آلاف السنين، كما أشار فيه إلى ان الاتحاد السوفيتي هو يأجوج الذي يتعاون معه العرب وحلفاؤهم لمهاجمة إسرائيل ويؤكد على ان قوة إسرائيل العسكرية، ستنتصر على قوى الشر تمهيدا للقدوم الثاني للمسيح المنقذ بعد معركة (هرمجيدون) (الموقع الذي ستجرى فيه المعركة الفاصلة بين قوى الخير وقوى الشر في سهل المجدل في فلسطين)([19]).

مشروع الحوار بين المسلمين حول المهدي الموعود:

في ضوء القدر المشترك بين التصورين الشيعي والسني حول الأطروحة الإلهية في آخر الزمان الذي يتمثل بأن القائد الموعود هو المهدي (ع) من ذرية النبي(ص) من ذرية فاطمة 3 وان الأمة الإسلامية هي مادة الانطلاق وان القرآن الكريم والسنة هي المنهج فإن أمام السنة والشيعة مشروعين للحوار هما:

أولا: مشروع الحوار الشيعي السني بهدف بناء القاعدة الصلبة للوحدة الإسلامية التي تقوم على وحدة القبلة ووحدة الكتاب وخاتمية النبي(ص) ووحدة المستقبل المشرق بظهور المهدي (ع) من آل محمد(ص) ثم دراسة المسائل المختلف عليها بروح المحبة والأخوة ومنهج البحث العلمي ولعل من اخطر المسائل التي تواجه المسلمين جميعا هي مسالة الضوابط الموضوعية التي تشخص المهدي الموعود خاصة وان تجربتين سياستين كبيرتين قد حصلتا تحت هذا العنوان وهما تجربة المهدي الإسماعيلي في القرن الثالث والرابع الهجري والمهدي السوداني في القرن الثالث عشر الهجري.

ثانيا: مشروع الحوار الإسلامي المسيحي.

مشروع الحوار الإسلامي المسيحي:

هناك دائرة واسعة من التصورات الدينية يشترك فيها المسيحيون والمسلمون سواء فيما يتعلق بالله تعالى او النبوة او الخاتمة السعيدة على الأرض ودور المسيح (ع)   في صناعة هذه الخاتمة وهذه التصورات المشتركة يجهلها الكثير من الشعوب المسيحية والإسلامية، ونشرها بينهم يقلل من الفجوة الكبيرة التي فصلت بينهم والعواطف السلبية التي تكونت بفعل ظروف استثنائية وسياسات خاطئة مارستها دول الطرفين تاريخيا وإذا ما ردمت تلك الفجوة ومحيت تلك النظرة العدائية وحلت محلها نظرة التقدير والاحترام المتبادل امكن عند ذاك بحث المسائل المختلف عليها بروح المحبة والاحترام والمسالة ليست صعبة ولا مستحيلة، إذ ان ما بين المسلمين والمسيحيين لم يكن ليرقى إلى مستوى العداوة التاريخية التي حكمت العلاقة التاريخية بين المسيحيين واليهود حيث ان اليهود لا يعترفون بالمسيح عيسى بن مريم (ع)  بل ينعتونه وامه بنعوت قبيحة ثم هم يعترفون انه قتلوه وقد صدقهم المسيحيون بذلك ومع ذلك فان جهود اليهود الصهاينة قد أثمرت نتيجة إيجابية وصار المعسكر المسيحي حليفا قويا لإسرائيل بل وجد ملايين المسيحيين مؤيدين لإسرائيل أكثر من قسم من اليهود انفسهم.   


[1] هناك نوعان من الحتمية:

 أ. الحتميّة في الطبيعة: ويراد بها القول بوجود علاقات ضرورية ثابتة في الطبيعة توجب أن تكون كلّ ظاهرة من ظواهرها مشروطة بما يتقدّمها أو يصحبها من الظواهر الأخرى. ومعنى ذلك أنّ القول بالحتمية ضروريّ لتعميم نتائج الاستقراء العلمي، فلولا اعتقادنا أنّ ظواهر الطبيعة تجري وفق نظامٍ كلّيٍّ دائم لما استطعنا أن نعمّم نتائج الاستقراء.

 ب. الحتميّة التأريخيّة: ونريد بها الوقوع الضروري للحدث التأريخي، أو الاتجاه التأريخي، بمعنى أنّهما لو توفّرت الشروط التي توجب حدوثهما لحدثا اضطراراً.

 ويوجد في الفكر البشري موقفان من الحتمية التأريخية: الأوّل: موقف ينادي بالحتمية التأريخية، ويدعو إلى استخلاص الأحكام الكلّية التي تمكنّ من التنبّؤ بما سيحدث في المستقبل 2.

الثاني: موقف ينكر الحتمية التأريخية ويرفضها، مدّعياً عدم إمكانية استخلاص قوانين كلّية للتأريخ، ومن ثمّ التنبّؤ بالحوادث التأريخيّة أو الاتجاه التأريخي على أساسها 4.

1 المعجم الفلسفي، مصطلح الحتمية. (3) المادية التأريخته: 3.(2) اُنظر في فلسفة التأريخ، محمود صبحي: 36.

4 الماديه التأريخية:. (3) انظر في فلسفة التأريخ، محمد صبحي: 41 – 55.

[2] ان انتماء ماركس إلى اليهودية قبل الإلحاد يفرض علينا ان نفسر إدراكه لحتمية بلوغ المجتمع البشري مرحلة تصفى فيها كل التناقضات الاجتماعية ويسود فيها الوئام والسلام كان بتأثير التراث الديني الذي دان به لفترة غير قليلة من حياته.

[3] في إنجيل يوحنا 14:6 «فلما رأى الناس الآية التي أتى بها يسوع قالوا: حقا هذا هو النبي الآتي إلى العالم. وبهامش طبعة دار المشرق يعلق المحقق على هذا النص قائلا: كان انتظار نبي للأزمنة الأخيرة منتشرا في بيئات مختلفة».

[4] The stone edtion , The chumash , by R. Nosson scherman, R.meir ziotowitz , Third edtion first impression 1994.p.76:

[5] (كنعان ايل) (Chananel) صاحب النص الآنف الذكر هو رأس علماء اليهود في القيروان تـ (1055م) (447هجـ) مؤلف اشهر تفسير للتلمود وتفسير للأسفار الخمسة الأولى من التوراة، وقد استشهد بآرائه المفسرون من بعده منهم المفسر (بكيا) (Bachya) (1263-1340م)(662-741م) وقد احتوى تفسيره على أربعة مناهج من التفسير، وهي المنهج الظاهري والمنهج المدراشي والمنهج الفلسفي والمنهج الصوفي واحتوى تفسيره على آراء كنعان ايل.

[6] قال ابـــن تيمية (661-729هـ) في قوله: (وغلط كثير ممن تشرف بالإسلام من اليهود فظنوا انهم (أي الإثني عشر رئيسا) الذين تدعوا إليهم فرقة الرافضة فاتبعوهم) البداية والنهاية لابن كثير ط1 ج6/250.

[7] انظر دراستنا عن الفصل الثالث والخمسين من سفر أشعيا غير مطبوع.

[8] انظر بحثنا في شبهات وردود، وأيضا في كراسة الحسين7 وارث ادم7.

[9]  الكافي ج 1 ص 277 الروايات 1-4. وأيضا بصائر الدرجات للصفار ص470 الروايات 1-10،12.

[10] انظر كتابنا شبهات وردود الحلقة الرابعة او الكتاب الكبير الذي جمع الحلقات الأربع.

[11] كثرت الأمراض المستعصية على العلاج زمن المسيح 7 وكانت من معجزاته انه عالج تلك الأمراض بالمسح عليها، وسيتكرر هذا الأمر بالظهور الثاني للمسيح 7 حيث سيكون العالم قبيل ظهوره قد شاعت فيه ظاهرة المشوهين خلقيا بسبب أشعة الراديوم المستخدمة في الحروب ولعلنا نعيش إرهاصات هذه المرحلة وبخاصة بعد ان جربت الأسلحة الجديدة في حرب الخليج وينتظر الخبراء ظهور حالات التشوه الخلقي بسبب تلك الإشعاعات.

[12] انظر الآثار الكاملة للامام المهدي (السوداني)في سبع مجلدات، المجلد الأول ص 139-143 وأيضا سعادة المهتدي بسيرة الإمام المهدي ص 01تاليف إسماعيل عبد القادر الكردفاني تحقيق د.محمد إبراهيم ابو سليم ط1سنة 1972 بيروت.

[13] الاثار الكاملة المجلد الخامس ص 94 نسخة معدلة من الرسالة 40.

[14] بصائر الدرجات 299.

[15] انظر كتاب البعد الديني في السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي / يوسف الحسن / رسالة دكتوراه.

[16] انظر مقال: الصهيونية المسيحية في أميركا حسني حداد مجلة شؤون فلسطينية العدوان 92-93 10/9/1990.

[17] المنهج التدبيري هو منهج لتفسير الكتاب المقدس ظهر في إنكلترا في القرن التاسع عشر بشكل أساسي بفضل جهود جون نلسون داربي من كنيسة الإخوة البليموث. تلعب التدبيرية أو القدرية كما يسميها البعض دوراً رئيسياً في الفكر اللاهوتي للصهاينة المسيحيين، فلفهم علاقة الله مع الجنس البشري يقسمون تاريخ هذه العلاقة إلى سبعة أقدار أو حقب زمنية يخضع فيها الله الإنسان لتجارب تمتحن طاعته، فيقول سكوفيلد أحد أهم مفكري هذا المذهب «كل قدر دور من الزمان يمتحن فيه البشر حسبما أوحاه الله من وحي مخصوص».و وفقاً للتدبيريين فنحن نعيش اليوم في الحقبة السادسة أو ما يسمى «دور الكنيسة والنعمة» بانتظار حلول الحقبة السابعة والأخيرة برجوع المسيح للأرض لتأسيس حكمه الألفي. وهكذا تفصل التدبيرية بين مفهومي إسرائيل والكنيسة، فبالنسبة للمسيحية التقليدية الكنيسة كما يقول أوغسطينوس هي وارثة الوعود التي أعطاها الله لإسرائيل، فهي بذلك إسرائيل الجديدة التي تسعى بشوق لبلوغ أورشليم السماوية، ففي هذا المفهوم تصبح أورشليم أو أرض الموعد للمسيحيين ذات طبيعة روحانية أزلية لا صلة مباشرة لها مع أرض إسرائيل التاريخية، على عكس الصهاينة المسيحيين الذين يشددون على الفصل بين إسرائيل كشعب يهودي أو شعب الله على الأرض والكنيسة أو شعب الله في السماء، مؤكدين على التفسير الحرفي للكتاب المقدس. يفضي هذا بهم إلى نتيجة حتمية مفادها أن أرض فلسطين التاريخية هي ملك أبدي للشعب اليهودي، وأن نبوءات الكتاب المقدس التي أعلنت عن عودة اليهود إلى أرضهم قد تحققت في القرنين التاسع عشر والعشرين.

[18] انظر مقال: الخليج في الطريق إلى هرمجيدون. محمد السماك جريدة السفير 10/9/1990.

[19] مقال حسني حداد السابق.

عدد الزوار: 334

معلومات الاصدار

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *