التعريف بكتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر

الكاتب: السيد حيدر العذاري

نشر هذا المقال في مجلة فجر عاشوراء الثقافي العد 6 و 7

نبذة مختصرة عن المؤلف

ولد الشيخ لطف الله الصافي الگلبايگاني في مدينة گلبايگان في (19 جمادي الاولى من عام 1337هـ)، والده هوآية الله الآخوند محمد جواد الگلبايگاني، كان عالما جليلا مؤلفا قديرا.

أنهى دراسة المقدمات والسطوح في مسقط راسه، لدى الآخوند الملاّ أبي القاسم المشهور بـ(القطب)، وكذلك عند والده عام 1360هـ ثم هاجر إلى مدينة قم.

حضر الأبحاث العالية في الفقه والأصول والحديث والتفسير عند السيد محمد تقي الخونساري، والسيد محمد حجٌة الكوهكمري، والسيد صدر الدين الصدر، والسيد حسين البروجردي، والسيد محمد رضا الگلبايگاني.

هاجر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزويّة وحضر دروس اساتذتها المشهورين منهم: آية الله الشيخ محمد كاظم الشيرازي، وآية الله السيد جمال الدين الگلبايگاني، وآية الله الشيخ محمد علي الكاظمي.

قام بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران بالمشاركة في كتابة مسوّدة القانون الأساسي (الدستور)، ثم انتُخب عضواً في مجلس الخبراء، لكتابة دستور الجمهورية الإسلامية، وقد عيّنه السيد الخميني عضواً في مجلس صيانة الدستور، وظل يشغل هذا المنصب مدة طويلة.

له مجموعة من المؤلفات في اللغتين العربية والفارسية ومن مؤلفاته العربية: إرث العصبة، الأحكام الشرعية ثابتة لا تتغير، ضرورة وجود الحكومة، مع الخطيب في خطوطه العريضة، هداية العباد، توضيح المسائل، منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر في ثلاثة أجزاء وهو الكتاب الذي سنتناوله في هذا  المقال.
كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر:

تمحور موضوع الكتاب حول الأحاديث المرويّة عن النبي وأهل بيته (صلّى الله عليهم أجمعين) التي روتها مصادر الفريقين حول الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت (ع) مع تحقيقات وتعليقات تاريخية وعقدية ونقدية، وقد رأى المؤلف قبل الدخول في دراسة أحاديث الإمام الثاني عشر دراسة أحاديث النبي (ص) حول الاثني عشر كمدخل للبحث.

ويعتقد المؤلف بأهمية تراث النبي (ص) وأهل بيته (ع) الروائي الشامل بصورة عامة وحقل المهدويات بصورة خاصة قال:

«ولم يقع المسلمون فيما وقعوا فيه من الفساد الاجتماعي والتفرّق والتخالف والتخاصم وغلبة الأشرار وسلطة الكفّار والمعيشة الضنك، إلا للإعراض عن هذه المناهج الحكيمة الالهية وجهل بعضهم بقوة هذه التعاليم الرشيدة البنّاءة، وأخذهم بالبرامج الاستيرادية العلمانية الشرقية أو الغربية، فلم يكن حالهم إلا كحال تاجر، خزائنه مملوءة بالجواهر والأحجار الكريمة وهو غافل عنها ولا يعرف قيمتها، ويشتري من غيره الرمال والأحجار عوضا عن الجواهر بقيمتها وبذهاب عزّه ومجده وحريته واستقلاله، ولا يفتح خزائنه ليرى أنّ ما يوجد عنده من أنواع الجواهر لا يوجد في سوق من الأسواق ولا عند تاجر من التجّار.

نعم، قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم من النار الا وقد أمرتكم به، وما من شيء يقرّبكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه».

إن الأحاديث الشريفة تتضمن جميع ما يحتاج إليه الإنسان، فيجب علينا الاهتمام بها، بدراستها والتفقه فيها في الكليات والجامعات وفي المحاضرات وجميع المناسبات، وفي الصحف والمجلات والجرائد والإذاعات وغيرها. وأيم الله إني لا أظن بأحد درس هذه الأحاديث وما تحويه من العلوم والمعارف أن يعدل عنها إلى غيرها، اللّهمّ إلّا أن يكون في قلبه مرض» انتهى كلامه راجع  منتخب الأثر، ج1 ص6.

وصف الكتاب:

يشتمل الكتاب في طبعته الأخيرة على ثلاثة أجزاء من القطع الوزيري (23.5×16.5سم) بأكثر من 1300 صفحة.

اما الجزء الأول فقد اشتمل على بابين، الأول: تحت عنوان الأحاديث الناصّة على الخلفاء الاثني عشر بالعدد وبأنهم عِدة نقباء بني إسرائيل وحواري عيسى وفيه 148 حديثا، والثاني: تحت عنوان الأحاديث الناصّة على الاثني عشر والمفسرة للأحاديث المخرجة في الباب الأول وفيه 161 حديثا. وهناك ملحقا في آخر الجزء تحت عنوان: من هم الخلفاء الاثنا عشر؟ وفيه مقامان وختمها بتتمة لما تقدم من بحوث.

قال المؤلف في مقدمة الجزء الأول: «أحاديث الخلفاء الاثني عشر من الأحاديث التي تطلب إلمام كل باحث بالنظر فيها ودراسة ما قصد منها، بل مما يجب على كل مسلم أن يقف عندها ولا يتجاوزها حتى يدرك مغزاها ويعرف مؤدّاها، الأحاديث المتواترة التي تنصّ على عدد الخلفاء والأئمّة ومن يملك أمر هذه الأمّة، فإنّها لم تصدر من النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، لمجرد الحكاية والإخبار بأمر من الأمور المستقبلة بل لأنّها أمر ديني تجب معرفته والعقيدة به فهي جمل إنشائية أمرية حكمية وان كان تركيبها جملا خبريه، وهي نصوص على شخصيات ممتازة فذّة لا يوجد لهم مثيل وبديل في الأمّة وهم اثنا عشر، لا يزاد عليهم أحد ولا ينقص منهم أحد».

أما الجزء الثاني ففيه أربعة أبواب، الباب الأول تحت عنوان: ما يدل على ظهور المهدي (ع) وأسمائه وأوصافه وخصائصه وشمائله والبشارة به وفيه (51) فصلا. أما الباب الثاني فتحت عنوان: في ولادة المهدي(ع)، وكيفيتها، وتاريخها، وبعض حالات أمه واسمها، ومعجزاته في حياة أبيه، ومن رآه في أيامه وفيه ثلاثة فصول. أما الباب الثالث فتحت عنوان: في حالاته ومعجزاته في الغيبة الصغرى بعد وفاة أبيه، وذكر من تشرف بمقام السفارة في الغيبة الصغرى ومن فاز برؤيته فيها، وفيه ثلاثة فصول. أما الباب الرابع فتحت عنوان: في حالاته ومعجزاته في الغيبة الكبرى وذكر بعض من تشرف بزيارته وفيه فصلان.

قال المؤلف في مقدمة الجزء الثاني: «لا يخفى على كلّ من له إلمام بالتاريخ والآثار والأحاديث تواتر البشارات المرويّة عن النبيّ وآله صلّى اللّه عليه وعليهم وعن أصحابه في ظهور المهدي عليه السلام في آخر الزمان، وطلوع شمس وجوده لإزالة ظلمة الجهل، ورفع الظلم والجور، ونشر أعلام العدل، وإعلاء كلمة الحقّ، وإظهار الدين كلّه ولوكره المشركون. فهو بإذن اللّه تعالى يخلّص‏ العالم من ذلّ العبوديّة لغير اللّه، ويلغي العادات والأخلاق الذميمة، ويرفض القوانين الناقصة الّتي أحدثتها أفراد البشر حسب أهوائهم، ويميت جميع ما يورث العداوة والبغضاء ويقطع أواصر التعصّبات، التعصّب القوميّ والعنصري، التعصّب الوطني، وغير ذلك ممّا هو سبب لاختلاف الامّة وافتراق الكلمة، واشتعال نيران الفتن والمنازعات».[1]

والجزء الثالث فهو تتمة لمباحث الجزء الثاني وفيه خمسة أبواب، الباب الأول تحت عنوان: في علائم ظهوره وما يكون قبله وفيه أحد عشر فصلا. أما الباب الثاني فتحت عنوان: فيما يكون بعد خروجه وفيه 13 فصلا. أما الباب الثالث فتحت عنوان: حالات أصحابه وأنصاره وفيه فصلان. أما الباب الرابع فتحت عنوان: مدة ملكه بعد ظهوره، وكيفية عيشه بين الناس، وما يعمل به ويدعو إليه وفيه ثلاثة فصول. أما الباب الخامس ففيه عدة بحوث جاءت في ستة فصول.

طبعات الكتاب:

طبع الكتاب عدة طبعات وامتازت طبعته الثالثة (الأخيرة) بمزايا متنوعة إذ قال المؤلف عنها: «لا يخفى على البصير بفنون الحديث وعلومه أن كتابنا (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) قد بلغ بحمد الله تعالى وبركة موضوعه الشريف العالي السامي، مقاماً ممتازاً رفيعاً عند العلماء الأعلام والأساتذة المهرة في الحديث. ولذا جددت طبعته مرات، وذلك لامتيازه بامتيازات علمية وفنية مهمة، بعضها مبتكر والحمد لله».

أقول: ومن جملة تلك الأمور المبتكرة هو الإحصاء العددي لموضوع ومحمور كل حديث.

مميزات الطبعة الأخيرة:

أما هذه الطبعة الجديدة فقد توفرت فيها فوائد عالية، وفرائد غالية، لا تحصل إلّا بتحقيق وتتبع طويل، وتأمل عميق، ولكن نشير اجمالاً:

أولا: اشتمالها على زيادات كثيرة من الأحاديث المعتبرة، تتجاوز الثلاثمائة وخمسين حديثا.

ثانيا: إضافة بعض الأبواب والفصول.

ثالثا: استخراج الأحاديث من المصادر الكثيرة المعتبرة المعتمدة.

رابعا: تنبيهات وتحقيقات علمية حول الأحاديث الشريفة، سنداً ولفظاً ومضموناً. كاستشهاده بكلام بعض الأكابر كما عبر في صفحة 19 من المجلد الأول. وبيان خطأ تسمية كتاب (مسند أحمد) بالمسند في ص 22. وذكر نكتة أدبية في ص26. وذكر رأي أبي داود في المهدي في ص30. وبحث مختصر حول اصطفاء بني هاشم في ص39. وتفسير آية (إنما أنت منذر) ص51-52. وبيان شدة الأمر على من يروي عن أمير المؤمنين (ع) في زمان الحجاج في ص81. وبيان حول معنى الخليفة والإمام والمولى في ص262-273. من تنطبق عليه الأحاديث؟ ص274-292. وبحث عن حديث موضوع في ص293-302. ورده على الكاتب المصري (أحمد أمين) حول ما عرف من رده لأحاديث المهدي في ج2/ص13-14. وغيرها الكثير والكثير.

خامسا: فوائد رجالية وتمييز وتعيين الطبقات في بعض الموارد.

سادسا: الإشارة والإيعاز إلى علو الاسناد في طائفة كثيرة من الأحاديث والكتب المؤلفة في القرن الرابع والخامس بل في القرن الثاني.

سابعا: مراجعة بعض المخطوطات للتأكد من ألفاظ الأحاديث وبيان الاختلاف إن وجد. كما ذكر – سبيل المثال- ذلك بقوله: «وفي النسخة المخطوطة منه – التي كانت عندنا أمانة من مالكها صديقنا العالم الجليل الحاج آقا محمد المقدس الأصفهاني، وهي الآن موجودة في مكتبة الجامع الأعظم الذي بناه بقم سيدنا الأستاذ الزعيم الأكبر السيد البروجردي..آلخ»[2].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  المصدر نفسه ج2 ص6.

[2]  المصدر نفسه ج3 ص7.

عدد الزوار: 235

معلومات الاصدار

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *