من الغدير إلى عاشوراء

الكاتب: العلامة السيد سامي البدري

نشر هذا المقال في مجلة فجر عاشوراء العدد 4 و 5

أولا: ولاية علي (ع) يوم الغدير في 18 من ذي الحجة سنة 10هـ ضمانة الهداية والعمل بالسنة النبوية:

يمثل النص على علي (ع) بالولاية في حادثة الغدير اللبنة الأخيرة في بناء المجتمع الإسلامي على عهد النبي (ص) وذلك حين بين (ص) لأمته ولاية علي (ع) كما قال تعالى: ﴿اليومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي ورَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينا﴾ وكونها امتدادا لولاية الله وولاية رسوله وضمانة لمن أراد ان يحافظ على طاعة النبي (ص) ومن ثم المحافظة على الهداية وعدم الوقوع في الضلال، قال تعالى ﴿قُل أَطيعوا اللهَ واطيعوا الرَّسولَ فان تَولَّوا فانَّما عَلَيهِ ما حُمِّلَ وعَلَيكُم ما حُمِّلتُم وان تُطيعوهُ تَهتَدوا وما عَلَى الرَّسولِ إِلا البَلاغُ المُبينُ﴾ النور/54، والضمير في قوله تعالى ﴿وان تُطيعوهُ تَهتَدوا﴾ يعود إلى الرسول وبخلاف ذلك فانهم ان يعصوه يضلوا ويهلكوا، قال تعالى ﴿فَكَيفَ إِذا جِئنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهيدٍ وجِئنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهيدا 41 يومَئِذٍ يودُّ الَّذينَ كَفَروا وعَصَوا الرَّسولَ لَو تُسَوى بِهِمُ الأَرضُ﴾ النساء/41-42.

ومن هنا كانت فريضة الولاية يوم الغدير لعلي (ع) افضل الفرائض.

روى زرارة عن أبي جعفر (ع) قال:

«بني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية.

قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل ؟

فقال: الولاية أفضل، لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن…

ثم قال ذروة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته، إن الله عز وجل يقول: «من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا» أما لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله عز وجل حق في ثوابه ولا كان من أهل الإيمان، ثم قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته».

وقوله (ع) «ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه…» : أي ان الطريق لمعرفة هذه العبادات على وجهها الصحيح هو الإمام مضافا إلى ان اعتقاد الولاية هو بنفسه شرط في قبول العمل كالنية شرط في صحة الصلاة مثلا، والسر في ذلك انها مما أمر به الرسول (ص) ثم الإمام (ع) هو باب مدينة علم الرسول فلا يعرف علم الرسول (ص) الا من خلاله ولا يأمر الا بما أمر به الرسول.

 ثانيا: الانقلاب على الأعقاب بعد وفاة النبي (ص) إعراضٌ عن ولاية علي (ع) ومن ثم تضييعٌ لسنة النبي (ص) واتباع سنن أخرى حلت محلها وهي سيرة الشيخين وتربية مسلمة الفتوح عليها (11-26هـ).

يكشف الحوار في السقيفة بين أبي بكر والأنصار بشكل واضح حالة الانقلاب على الأعقاب حين قال لهم أبو بكر:

«لن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا.

ولم تعرف العرب هذا الأمر الا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا».[1]

ومراده من ذلك: ان العرب تدين لقريش في أمر الدين، فهم افضلهم دارا وهي مكة، وافضلهم نسبا لأنهم صريح إسماعيل.

وليس من شك ان هذه الميزة لقريش قد كانت في الجاهلية وقد انتحلت لقب (آل الله) بعد موت عبد المطلب وقد كان هذا اللقب خاصا به منذ قصة الفيل.

ولما جاء الإسلام هدم مكانة قريش الدينية التي حرفت دين إبراهيم ورفع من شان محمد (ص) وأهل بيته(ع) ؛ قال النبي (ص) «إن الله عز وجل اختار العرب ثم اختار منهم النضر بن كنانة ثم اختار منهم قريشا ثم اختار من قريش بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم» وقال تعالى ﴿إِنَّما يريدُ اللهُ ليذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ ويطَهِّرَكُم تَطهيرا﴾ الأحزاب/33. وأوجب محبة أهل بيته (ع) وقرن اتّباعهم باتّباع كتاب الله وجعل ذلك أمانا من الضلالة. ومن الواضح ان منطق السقيفة قد تجاوز أهل بيت النبي (ص) ورجع يحتج باستحقاق قريش للإمامة بعد النبي (ص) بمكانتها في الجاهلية، وهذا هو الانقلاب المشار إليه في قوله تعالى ﴿و ما مُحَمَّدٌ إِلا رَسولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرُّسُلُ أَفان ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلى أَعقابِكُم ومَن ينقَلِب عَلى عَقِبَيهِ فَلَن يضُرَّ اللهَ شَيئا وسَيجزي اللهُ الشّاكِرينَ﴾ آل عمران/144، بصيغة الاستفهام الإنكاري للتوبيخ، ومعنى انقلبتم على أعقابكم أي ارتددتم ورجعتم إلى خلفكم وهي الجاهلية، أي صرتم أهل جاهلية، وقد اخبرنا النبي (ص) انهم سوف ينقلبون بعده ويرتدون على أدبارهم القهقرى فيحلؤون عن حوض الكوثر فلا يخلص منهم الا كهمل النًّعم. وقد روي عنه (ص):

«يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس لو تعلمون ما نجاكم الله منه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها الآخرة شر من الأولى». [2]

وروى علي (ع) عنه (ص):

«كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة، فإذا غير منها شيء قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكرا».

لقد بويع الخليفتان من قريش ورفعا شعار «حسبنا كتاب الله» في قبال السنة النبوية حيث تصرفوا فيها باجتهاداتهم منعا وكتمانا وتغييرا وسمي ذلك ب «سيرة الشيخين» وبويع عثمان على التقيد بها. وفتحت البلاد شرقا وغربا على ذلك.

قال الإمام علي (ع) يشرح ما جرى بعد النبي (ص):

«إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع يخالف فيها حكم اللّه يتولّى فيها رجال رجالا، الا انّ الحقّ لو خلص لم يكن اختلاف، ولو انّ الباطل خلص لم يخف على ذى حجى، لكنّه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجتمعان فيجلّلان معا فهنا لك يستولى الشّيطان على أوليائه، ونجا الّذين سبقت لهم من اللّه الحسنى».

«انّي سمعت رسول الله (ص) يقول: كيف أنتم اذا لبستكم فتنة يربو فيها الصّغير ويهرم فيها الكبير يجرى النّاس عليها ويتّخذونها سنّة فاذا غير منها شي‏ء قيل قد غيرت السّنّة وقد أتى النّاس منكرا، ثمّ تشتدّ البلية وتسبى الذُّرية».

ثمّ اقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته فقال:

«قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم متعمّدين لخلافه ناقضين لعهده مغيرين لسنّته».

و كان من ابرز معالم تغيير السنة: المنع من نشر أحاديث النبي (ص) في أهل بيته (ع)، والنهي عن السؤال عن تفسير القرآن تحريم متعة الحج ومتعة النساء ومعاقبة المخالف وتغيير مقام إبراهيم، وامضاء التطليقات الثلاث بتطليقة واحدة، وإحداث الطبقية في المناكح، والعطاء، وحصر الحكم ببطون قريش، وفسح المجال لمسلمة أهل الكتاب ان يبثوا قصص التوراة ومواعظهم بين المسلمين، ومسائل أخرى كثيرة.

وكان نتيجة ذلك: ان جَهِلَ مسلمةُ الفتوح أهل البيت(ع)، وسنن النبي (ص)، وتولوا الخلفاء من قريش بصفتهم انهم يقودون إلى الله، وتثقفوا بثقافة التوراة التي نقلها اليهم مُسلمة أهل الكتاب حين فسح لهم المجال الخلفاء من قريش وهي ثقافة قد أصابها الكثير من التحريف.

ثالثا: نهضة علي (ع) الإحيائية للسنة النبوية وهداية النصف الشرقي من مسلمة الفتوح إلى سنة النبي (ص) وولاية علي (ع) (سنة 27 إلى 40هجرية):

قال الإمام علي (ع) «أيها الناس، أنا الذي فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجترئ عليها غيري. وأيمُ الله لو لم أكن فيكم لما قوتلَ أهلُ الجمل ولا أهلُ صفين ولا أهلُ النهروان. وأيم الله لولا أن تتكلموا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيه صلى الله عليه وآله لمن قاتلهم مستبصرا في ضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه».

(الفتنة) هي التي أشار اليها النبي (ص) بقوله: «كيف أنتم إذا لبستكم فتنة…».

وقوله (ع) «ولم يكن ليجترئ عليها غيري» أي لم يكن الأنصار ولا مسلمة الفتوح ليستطيعوا ان يقفوا أمام عملية تعطيل السنن وتحريفها من قبل قريش الحاكمة باسم الإسلام ولا مسلمة الفتوح من قبيل تحريم متعة الحج والعقوبة عليها، فانه ليس يقدر ان يحيي متعة الحج ويعلن للامة انها سنة النبي (ص) وان التحريم رأي شخصي من عمر ثم عثمان الا علي (ع) الذي عينه النبي (ص) وليا على الأمة بأمر الله تعالى ؛ وجعل ولايته كولايته (ص). الذي كلفه بالنهضة لإحياء سنته من بعده وهداية مسلمة الفتوح إليها، روي عن ابن عباس، قال: لما نزلت ﴿إِنَّما أَنتَ مُنذِرٌ ولِكُلِّ قَومٍ هادٍ﴾ وضع (ص) يده على صدره، فقال: «أنا المنذر ولكل قوم هاد»، وأومأ بيده إلى منكب علي، فقال: «أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون بعدي».

وقوله «وأيم الله لو لم أكن فيكم لما قوتل أهل الجمل ولا أهل صفين ولا أهل النهروان»: والسر في ذلك ان الذي يقود معركة الجمل هي أم المؤمنين عائشة وطلحة والزبير وصحابة قرشيون آخرون كان مسلمة الفتوح يرونهم أولياء نعمتهم في الدين، وكذلك أهل صفين أما أهل النهروان فهم القراء وأصحاب الجباه السود من العبادة ولكنهم بالقياس إلى علي (ع) فانه اكثر عبادة منهم، واسبقهم طرا إلى التصديق بالنبي (ص)، مضافا إلى ذلك فان عليا كانت لديه عهود من النبي بقتال هذه الأصناف. وقد اخبر القرآن بذلك في قوله تعالى ﴿ يا أَيها الَّذينَ آمَنوا مَن يرتَدَّ مِنكُم عَن دينِهِ فَسَوفَ يأتي اللهُ بِقَومٍ يحِبُّهُم ويحِبّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكافِرينَ يجاهِدونَ في سَبيلِ اللهِ ولا يخافونَ لَومَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضلُ اللهِ يؤتيهِ مَن يشاءُ واللهُ واسِعٌ عَليمٌ﴾ المائدة/ 54، وقوله «من يرتد منكم عن دينه» أي من ينقلب على عقبيه، وهم الذين قال عنهم النبي (ص) في أحاديث الحوض «فيحلؤون عن الحوض فأقول أي رب أصحابي فيقال انك لا تدري ما احدثوا بعدك انهم لا يزالون مرتدين على ادبارهم القهقرى…» قوله ﴿فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه﴾ قال الطبرسي في مجمع البيان «هم أمير المؤمنين علي عليه السلام وأصحابه، حين قاتل من قاتله من الناكثين، والقاسطين، والمارقين، وروي ذلك عن عمار، وحذيفة، وابن عباس، وهو المروي عن أبي جعفر، وأبي عبد الله عليه السلام».

قوله «مستبصرا في ضلالتهم عارفا بالهدى الذي نحن عليه» (ضلالتهم) هي تغييرهم للسنة النبوية بتحريمهم متعة الحج ومتعة النساء وتغييرهم مكان مقام إبراهيم وغيرها وبدعهم في صلاة التراويح والطلاق والوضوء والصلاة وغيرها. و«الهدى الذي عليه علي (ع) وأصحابه» هو عملهم بالسنة النبوية وتقيدهم بها.

قال مالك الاشتر يخطب في أصحابه في معركة صفين يحثهم على الاستبسال والقتال: «إن هؤلاء القوم والله لن يقارعوكم إلا عن دينكم، ليطفئوا السنة، ويحيوا البدعة، ويدخلوكم في أمر قد أخرجكم الله منه بحسن البصيرة».[3]

وقوله «لن يقارعوكم الا عن دينكم» أي يقاتلونكم لأجل ان يردوكم عن دينكم القهقرى ويدخلوكم في ضلالتهم التي أخرجكم الله منها، وقوله «بحسن البصيرة» يشير إلى قوله تعالى ﴿قَد جاءَكُم بَصائِرُ مِن رَبِّكُم فَمَن أَبصَرَ فَلِنَفسِهِ ومَن عَمي فَعَلَيها وما أَنا عَلَيكُم بِحَفيظٍ﴾ الأنعام/104، وقد ابصر أصحاب علي (ع) الحق مع علي (ع) لان شعاره «ما كنت لأدع سنة رسول الله لقول احد من الناس» وأولئك شعارهم حسبنا كتاب الله مفصولا عن السنة وقد غيروها باجتهاداتهم وآرائهم.

نجح علي (ع) في إحياء السنة النبوية حين نهض سنة 27هـ وإحياء حج التمتع وأحاديث النبي (ص) في أهل بيته(ع) وانكشف للناس في النصف الشرقي من البلاد الاسلامية مدى مخالفة السلطة القرشية لسنة النبي (ص)، وصارت الكوفة مركز هذه النهضة الإحيائية، وبرز علي (ع) في النصف الشرقي من مجتمع مسلمة الفتوح إماما ووليا هاديا كما نصبه النبي (ص) في الغدير يدعو إلى سنة النبي (ص)، وبرز معاوية في الشام قائدا يدعو إلى سيرة الشيخين وتطبيقات عثمان لها.

رابعا: 41 هـ ـ 50 هـ صلح الإمام الحسن (ع) يعالج الانشقاق الأموي ويهدي النصف الغربي من مسلمة الفتوح إلى سنة النبي (ص) وولاية علي (ع)

استشهد علي (ع) على يد الخوارج وبايع أهل العراق الحسن بن علي سبط رسول الله (ص) على الكتاب والسنة، وبايع أهل الشام معاوية على سيرة الشيخين وتطبيقات عثمان لها. ثم عرض معاوية على الإمام الحسن (ع) صيغة من الصلح هي ان يبقى كل واحد على بلده وان يجمد القتال، ورأى الإمام الحسن (ع) انَّ إجابة معاوية على ذلك سوف يكرس الانشقاق في الأمة، ويبقى أهل الشام على جهلهم بسنة النبي (ص) وولاية علي (ع) الهادية، ولم يجد الحسن (ع) طريقا لتفهيم أهل الشام بذلك الا بتوحيد الدولة ليختلط الناس مع بعضهم البعض مع أمان الجميع، وليس من طريق إلى تحقيق ذلك الا بتنازله المشروط عن الحكم لمعاوية، ومن ثم عرض على معاوية ان يسلمه حكم العراق لتكون الأمة موحدة بشرط ان يحكم بالكتاب والسنة فقط دون سيرة الشيخين، وان يكون الحكم للحسن (ع) من بعده وان حدثَ حدثٌ بالحسن فيكون الأمر للحسين (ع) وليس لمعاوية ان يعهد إلى احد من بعده، وشروط أخرى تضمن لشيعة علي (ع) حقوقهم. وطار معاوية فرحا بذلك.

وتحقق الأمان للناس عشر سنوات وصار كل واحد منهم يتعبد بالطريقة التي يعتقد بها، فهناك من يحج حج التمتع وهناك من يمتنع عنه فيحج حج الافراد، وعرف وجوه أهل الشام من خلال استضافات معاوية لوجوه شيعة علي (ع) في العراق وحواراته معهم في بلاطه كما عرف عامة أهل الشام من خلال مواسم الحج والعمرة واختلاطهم مع العراقيين أحاديث النبي (ص) في أهل بيته(ع). منها حديثه (ص) يوم الغدير: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله». وحديث المنزلة. وحديث الكساء. كما عرفوا أخبار حج التمتع التي حاولت السلطات القرشية والإعلام الأموي الكاذب التعتيم عليها ووصف حركة علي (ع) باتجاه إحياء حج التمتع بالإفساد في الدين، وعرفوا أنَّ عليا قد أحيا الحج الذي جاء به النبي (ص) وهو حج التمتع. كما عرفوا أخبارًا أخرى كثيرة تتصل بسنن النبي (ص) التي عملت قريش المسلمة على تغييرها أو التعتيم عليها.

وعرفوا وصف ضرار له بل سمعوه منه في بلاط معاوية حين طلب منه أن يصفه قائلا: «كان واللهِ بعيدَ المدى، شديدَ القِوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجَّرُ العلمُ من جوانِبِه، وتنطِقُ الحِكمَةُ من نواحيه، يستوحشُ من الدنيا وزَهرتها، ويأنسُ بالليلِ ووحشتِه، غزيرَ العَبرة، طويلَ الفكرة، يعجِبُه من اللِّباس ما قَصُر، ومن الطعام ما خَشُن. كان فينا كأحِدِنا، يجيبُنا إذا سألناه، وينبئُنا إذا استفتيناه، ونحن واللهِ مع تقريبِه إيانا وقُربِه منّا لا نكاد نكلِّمه هيبةً له. يعظِّم أهلَ الدين ويقرِّب المساكين. لا يطمع القَوي في باطله، ولا ييأَسُ الضعيفُ من عدله، وأشهدُ لقد رأيتُه في بعض مواقفه، وقد أرخى الليلُ سدولَه، وغارت نجومُه، قابضا على لحيته، يتململُ تململَ السَّليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غُرّي غيري، أبي تَعرضَّتِ أم إلي تَشوفتِ. هيهات هيهات قد باينتُك ثلاثا لا رجعة لي فيها، فعُمرك قصير وخطرك حقير. آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق». وشهدوا من معاوية بعد هذا الوصف نزف دموعه على لحيته وقوله: رحم الله أبا حسن كان والله كذلك. وسمعوا جواب ضرار حين سأله معاوية: عن حزنه على علي. قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها[4]. وشهد معاوية للعراقيين بالوفاء لعلي وبفقههم وجرأتهم.

وهكذا تجانست رؤية المسلمين لعلي (ع) من خلال انتشار الأحاديث النبوية فيه ومن خلال سيرته العملية التي أحيا فيها سنة النبي (ص) وصار مسلمة الفتوح متساوين في ذلك مع مجتمع الصحابة سنة عشر هجرية يوم الغدير ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة.

 وخلاصة الأمر في مفاصل الفترة  الزمنية الآنفة  10هـ  الى 50هـ:

  1. 1. ان المسلمين في غدير خم /وهم مائة ألف أو يزيدون/ في الثامن عشر من ذي الحجة سنة 10 للهجرة قد سمعوا مباشرة وصية النبي (ص) في قوله: «يوشك ان ادعى فأجيب اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ثم قال الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ثم أخذ بيد علي فرفعها وقال: فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه». وفهموا منها ان وليهم الله عز وجل ورسوله (ص) وعلي (ع) وان طاعة علي (ع) هي طاعة النبي (ص) وان طاعة النبي (ص) هي طاعة الله عز وجل، وبعبارة أخرى ان القرآن يدعو إلى طاعة أوامر الله عز وجل ولا تعرف الكثير منها الا من خلال سنة النبي (ص) فيجب إطاعة النبي (ص) وبها تكون الهداية، وان إدامة هذه الهداية تتم باتباع علي (ع)، لان عليا (ع) باب مدينة العلم المتقيد حرفيا باتباع أوامر النبي (ص) مع طهارته المنصوص عليها، ومن ثم كان النبي (ص) يدعو لمن يتبع عليا (ع) بان يتولاه الله عز وجل ولمن يخالف عليا (ع) بان يعاديه الله عز وجل، كما عرفوا ان الإسلام قد هدم الطبقية الدينية القرشية ورفع شعار ﴿ان أكرمكم عند الله اتقاكم﴾ وساوى بينهم في الحقوق المدنية، فالكل سواء في العطاء والمؤمن كفئ المؤمنة فلا اعتبار للأحساب والأنساب.
  2. في أواخر صفر سنة 11هجرية أي بعد سبعين يوما من واقعة الغدير نقضت قريش المسلمة ومن معها من الأنصار عهد النبي (ص) في علي (ع) بصفته الولي بعده بنص منه (ص) واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة والنبي (ص) بعد لما يدفن يتداولون من يكون خلفا له وغلبت قريش الأنصار بقول أبي بكر: «ان هذا الأمر لن تعرفه العرب في غير قريش» مع ان الإسلام جاء بهدم مكانة قريش في الجاهلية وشيد بيت النبي (ص) وعترته، وهكذا ارتدوا على ادبارهم القهقرى إلى الجاهلية وغيروا سنن النبي (ص) وفتحت البلاد شرقا غربا على الضلال، وتربى مُسلمة الفتوح على تولي سيرة الشيخين بدلا من سنة النبي (ص) ونُسي أمر أهل بيته(ع)، فبرزت الطبقية الدينية من جديد لقريش وأضيفت اليها الطبقية السياسية وصار الذي يليهم في الفضل هم العرب وجعلوهم جنود الفتح وولوهم الولايات الصغرى وتركوا الأعمال الخدمية والمهنية لأهل المدن بشكل عام.
  3. نهض علي (ع) سنة 27هجرية واحيا حج التمتع وحديث الغدير ثم بويع في 18 من ذي الحجة سنة 35هـ بعد ان قتلت قريش الخليفة عثمان لاختلافها معه وانشقاقها عليه. وألغى الطبقية بين الناس وساوى بينهم في العطاء والزواج، والمسلمون حيثما كانوا هم طبقة واحدة: اكرمهم عند الله اتقاهم.
  4. اجتمعت قريش واتباعها على حرب علي (ع) في الجمل وصفين والنهروان، واستشهد علي (ع) وقد انفتح النصف الشرقي من البلاد الاسلامية على علي (ع) بصفته إمام الهدى يهدي إلى سنة النبي (ص) فاخذ بقوله من شاء ان يتخذ إلى ربه سبيلا وصارت الكوفة مركز الهداية، وبقيت الشام مركز الضلالة وقد رفع معاوية شعار سيرة الشيخين مع لعن علي (ع) والبراءة منه مع أحاديث كذب وضعها القصاصون لتكريس رؤية ان عليا (ع) وشيعته مفسدون في الدين والدين يهدر دماءهم ويحل أموالهم، ثم حول معاوية جيش الشام إلى سرايا تغير على أطراف الكوفة تنهب وتقتل وتشرد.
  5. 5. استشهد علي (ع) سنة 40 هجرية، وبايع أهل العراق وأهل الحجاز واليمن وإيران وما والاها ولده الحسن (ع) بصفته الإمام الهادي بعد النبي (ص)، وبايع أهل الشام وأهل مصر وما والاها معاوية / بصفته ثقة عمر وعثمان /على سيرة الشيخين، ثم بادر معاوية في عرض الصلح على الحسن (ع) وحقن الدماء بان يحكم كل أطراف البلاد التي بايعته ورأى الحسن (ع) ان ذلك سوف يكرس الانشقاق في الأمة وجهلها بسنة النبي (ص) وأحاديثه (ص) في علي (ع) مضافا إلى تكريس الطبقية الدينية والسياسية فعرض الحسن (ع) على معاوية صيغة أخرى تجعل الحكم واحدا على الكتاب والسنة فقط، وعلى ذِكرِ علي (ع) وترك لعنه وأمان الناس، وحريتهم في التعبد، والرواية عن النبي (ص). واستجاب معاوية عشر سنوات وصار مسلمة الفتوح في الشرق والغرب سنة 50هـ كمجتمع الصحابة سنة 10هجرية بلحاظ حديث الغدير ومعرفة ولاية علي الهادية إلى سنة النبي (ص) وان الخلفاء كانوا قد غيروا سنن النبي (ص) عن عمد.
  6. استطاع علي (ع) بنهضته مدة ثمان سنوات وحكومته مدة خمس سنوات وابنه الحسن (ع) بصلحه مدة عشر سنوات أي مدة ثلاث وعشرين سنة ان ينشرا سنة النبي (ص) في مجتمع مسلمة الفتوح ويحررا الناس من الطبقية المقيتة لقريش المسلمة ويعالجا فتنتها، كما نشر النبي (ص) سنته في مجتمع الصحابة خلال ثلاث وعشرين سنة ويعالج فتنة قريش المشركة وطبقيتها الدينية بعد موت عبد المطلب حين غيرت دين إبراهيم.

وصار علي (ع) في مجتمع مسلمة الفتوح رمزا للهداية إلى سُنة النبي (ص) كما كان موقعه زمن النبي (ص) شريك النبي في رمزية الهداية إلى دين إبراهيم «الا ان موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته كموضعي منه أيام حياته» «انا من رسول الله كالصنو من الصنو والذراع من العضد».

خامسا: 50 إلى 60هـ معاوية يغدر بالحسن (ع) ويفرض سيرة الشيخين ويضل الجيل الجديد من الأمة عن سنة النبي (ص) ويربيه على لعن علي (ع) بوصفه ملحدا في الدين وعلى تولي بني أميه بوصفهم هداة إلى الله.

لم يكن معاوية لتخفى عليه أهداف الحسن (ع) من وراء الصلح، ولكنه اضمر الغدر ثم إحياء سيرة الشيخين في الحكم مع إضافة لعن علي (ع) وطمس ذكره الا بسوء مع رفع شأن معاوية ويزيد ووصفهم انهم الهداة بعد الخلفاء الثلاثة.

ولم يطِق معاوية نجاح خطة الحسن (ع) وظهور آثارها خلال عشر سنوات في الأمة كلها فقد برز الحسن في مدينة جده مرجعا دينيا وإماما في عمل الخير لا يدانيه احد في عصره، قال محمد بن إسحاق: «ما بلغ احد من الشرف بعد رسول الله (ص) ما بلغ الحسن بن علي 8. كان يبسط له على باب داره فإذا خرج وجلس انقطع الطريق فما يمر احد من خلق الله الا جلس إجلالا له فاذا علم قام ودخل بيته فيمر الناس. ونزل عن راحلته في طريق مكة فمشى فما من خلق الله احد الا نزل ومشى حتى سعد بن أبي وقاص فقد نزل ومشى إلى جنبه»[5].

لقد أحيا الحسن (ع) سيرة أبية علي (ع) وتميزه في العلم وكل أعمال الخير الذي كان يقول «ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير».

وأدرك معاوية انه اذا توفي وتسلم الحسن (ع) بعده حكم الأمة سوف لن يبقى له ولا للثلاثة من قبله اثر في المجتمع إلا الذكر السيِّئ، فقرر معالجة الموقف، وليس أمامه إلا الغدر بالحسن (ع) فدس له السم ثم نقض شروطه شرطا شرطا واحيا سيرة الشيخين في الحكم وأعاد لعن علي (ع) في الأمة بصفته مفسدا في الدين، ويريد به سيرة الخليفتين التي أدخلت في الدين قهرا على الأمة، وهو واقع حال نهضة علي (ع) فقد كشف للامة ان سيرة الشيخين هي آراء شخصية خالف بها الشيخان سنة النبي (ص) فتخلى عنها من تخلى زمن النبي (ص) وبقي من شاء ان يبقى عليها، واي إفساد في دين الخليفتين اكثر من هذا واستعار معاوية دور علي (ع) الإحيائي للسنة، فتقمصه في إحياء سيرة الشيخين واصفا عليا (ع) بما كان علي يصف الخلفاء من قبله به، قال أبو عثمان الجاحظ أن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة: «اللهم إن أبا تراب الحد في دينك، وصد عن سبيلك فالعنوه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا أليما وكتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشاربها على المنابر».[6]

وأضاف إلى ذلك المنع من نشر فضائل علي (ع) ومعاقبة الممتنع اشد عقوبة، ووضع أحاديث في فضائل الشيخين وعثمان ومعاوية ويزيد.

قال المدائني: «كتب معاوية إلى قضاته وولاته في الأمصار ان لا يجيزوا لاحد من شيعة علي (ع) الذين يروون فضله ويتحدثون بمناقبه شهادة. ثم كتب أيضا: انظروا من قامت عليه البينة انه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان. ثم كتب كتابا آخر من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة فاقتلوه !. ثم كتب: (أن برئت الذمَّة ممَّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته) ثم كتب إلى عُمّاله: «إنَّ الحديث في عثمان قد كَثُر وفَشا في كل مِصر وفي كل وجه وناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وتأتوني له في الصحابة فإنَّ هذا أحبُّ إلىَّ وأقرُّ لعيني وأدحض لِحُجَّة أبي تراب وشيعته وأشدُّ عليهم من مناقب عثمان وفضله». فقُرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها. حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوه ورووها وهم يظنون إنها حق، ولو علموا إنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها»[7]. وتربى على ذلك الجيل الجديد من المسلمين شرق الأرض وغربها إلا من رحم ربك.

وأخيرا فرض على الأمة بيعة ولده يزيد خليفة يقودهم إلى الله ويشفع لهم عنده مستعيرا ما جرى في غدير خم من تعيين علي (ع) إماما وهاديا وشفيعا يقودهم إلى الله ونصب خيمة لبيعته.

تربى الجيل الجديد من عمر 15 سنة إلى عمر ثلاثين سنة على ان أئمة الهدى هم الخلفاء الثلاثة من قريش ثم معاوية مقرونا بلعن علي (ع) بوصفه رمز الضلالة.

ثم انضاف اليهم يزيد سنة 56هـ حين أخذت له البيعة من غالبية الناس من كل الأعمار.

صار معاوية بذلك نظير السامري في بني إسرائيل حين صنع لهم العجل وقال لهم هذا إلهكم واله موسى. كذلك معاوية قال للامة هذا يزيد خليفتكم خليفة الله عليكم وعليكم وعلى الحسين (ع) مبايعته ومن مات من دون بيعته مات ميتة جاهلية. ولم يكن عند يزيد إثارة من علم ولا سابقة من جهاد ولا تأييد الهي ليكون قائدا إلى الله، بل حب أبية له دفعه إلى ترشيحه لهذا الموقع قال معاوية وقد ضربه اللقو «أخشى ان تكون عقوبة عجلت لي ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي».

وقد انبأ أمير المؤمنين علي (ع) عن فتنة بني أميه بما عنده من أخبار نبوية عنها بكلمات كثيرة منها:

قال أمير المؤمنين (ع): «الا وان أخوف الفتن عندي عليكم فتنة بني أمية، فإنها فتنة عمياء مظلمة: عمت خطتها، وخصت بليتها، وأصاب البلاء من ابصر فيها، واخطأ البلاء من عمي عنها…. ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية، وقطعا جاهلية، ليس فيها منار هدى، ولا علم يرى نحن أهل البيت منها بمنجاة».[8]

وقال (ع): «و إِنَّهُ سَياتي عَلَيكُم مِن بَعدي زَمانٌ لَيسَ فيهِ شَي‏ءٌ أَخفَى مِنَ الحَقِّ ولا أَظهَرَ مِنَ الباطِلِ ولا أَكثَرَ مِنَ الكَذِبِ عَلَى اللهِ ورَسولِهِ ولَيسَ عِندَ أَهلِ ذَلِكَ الزَّمانِ سِلعَةٌ أَبورَ مِنَ الكِتابِ إِذا تُلي حَقَّ تِلاوتِهِ ولا أَنفَقَ مِنهُ إِذا حُرِّفَ عَن مَواضِعِهِ ولا في البِلادِ شَي‏ءٌ أَنكَرَ مِنَ المَعروفِ ولا أَعرَفَ مِنَ المُنكَرِ فالكِتابُ يومَئِذٍ وأَهلُهُ طَريدانِ مَنفيانِ وصاحِبانِ مُصطَحِبانِ في طَريقٍ واحِدٍ لا يؤويهِما مُؤو فالكِتابُ وأَهلُهُ في ذَلِكَ الزَّمانِ في النّاسِ ولَيسا فيهِم ومَعَهُم ولَيسا مَعَهُم لِأَنَّ الضَّلالَةَ لا توافِقُ الهُدَى وإِنِ اجتَمَعا فاجتَمَعَ القَومُ عَلَى الفُرقَةِ وافتَرَقوا عَلَى الجَماعَةِ كانَّهُم أَئِمَّةُ الكِتابِ ولَيسَ الكِتابُ إِمامَهُم فَلَم يبقَ عِندَهُم مِنهُ إِلّا اسمُهُ ولا يعرِفونَ إِلّا خَطَّهُ وزَبرَهُ ومِن قَبلُ ما مَثَّلوا بِالصّالِحينَ كُلَّ مُثلَةٍ وسَمَّوا صِدقَهُم عَلَى اللهِ فِريةً وجَعَلوا في الحَسَنَةِ عُقوبَةَ السَّيئَةِ.»..

سادسا: 60 إلى 61 هـ نهضة الحسين (ع) لإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهداية الجيل الذي أضله معاوية. وتحرير الكوفة من سيطرة بني أميه لتنطلق بمشروع علي (ع) من جديد.

كان الحسين (ع) هو المعد إلهياً في مواجهة فتنة معاوية وضلالته كما كان أبوه علي (ع) من قَبل معد إلهياً ليقف أمام ضلالة قريش المسلمة حين قال (ع): «أنا فقأت عين الفتنة ولم يكن ليجترئ عليها غيري».

وقد جاء في الزيارة قال الإمام الصادق (ع):

«اللهم إني أشهد ان هذا الحسين وليك وابن وليك وصفيك وابن صفيك الفائز بكرامتك، أكرمته بالشهادة… وأعطيته مواريث الأنبياء وجعلته حجة على خلقك، فأعذر في الدعاء ومنح النصح وبذل مهجته فيك ليستنقذ عبادك من الجهالة وحيرة الضلالة، وقد توازر عليه من غرته الدنيا وباع حظه بالأرذل الأدنى وشرى آخرته بالثمن الأوكس وتغطرس وتردى في هواه وأسخطك وأسخط نبيك وأطاع من عبادك أهل الشقاق والنفاق وحملة الأوزار المستوجبين للنار فجاهدهم فيك صابرا محتسبا، حتى سفك في طاعتك دمه واستبيح حريمه، اللهم ! فالعنهم لعنا وبيلا وعذبهم عذابا أليما».

وتناولنا تفصيل ذلك في بحوثنا حول النهضة الحسينية.

***

[1] مسند احمدج1ص56.

[2] مسند احمد 3/489.

[3] ابن مزاحم المنقري، وقعة صفين ص251.

[4]ابن عبد البر في الاستيعاب، ج2ص52.

[5] المجلسي، بحار الانوار ج43 ص254 نقلا عن المناقب.

[6]  شرح النهج 4/56.

[7] ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة ج11ص45ـ46.

[8] نهج البلاغة /الخطبة 93.

عدد الزوار: 167

معلومات الاصدار

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *