براءة عبيد الله بن العباس من قضبان التاريخ

الكاتب: السيد حسين الصافي الموسوي

نشر هذا المقال في مجلة فجر عاشوراء الثقافي العدد 6 و 7

من أهم العلوم التي يحتاجها الانسان في رسم خارطة المستقبل وتوخي العقبات, والاضرار المتوقعة والسير قدما في معترك الحياة وغير ذلك من الفوائد, هي دراسة التأريخ والوقوف على الاحداث والتجارب المنصرمة لاسيما وان هذه سنن الهية تعيد نفسها في العصور والامصار بمواقفها وافعالها وليس بالضرورة بجزئياتها واقوامها, كما اشار لذلك المولى سبحانه وتعالى: ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ (الانشقاق: 19). فقد جاء في تفسير القمي حيث يقول: حالا بعد حال، حيث قال رسول (ص): لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة ولا تخطئون طريقتهم شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع…الخ (تفسير علی بن ابراهيم القمي,ج2 ص413. ). وكما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى:﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ﴾ اي لتسلكن سبل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء(الاحتجاج, الطبرسي,ج1 ص369.). وفي هذا المعنى روايات كثيرة من الفريقين.

فعليه ينبغي قراءة التأريخ بشكل دقيق معتمدا الموضوعية والعلمية لاثبات وقائع الأحداث أو القرب منها لاسيما وان تاريخنا عاش فترة طويلة في أحضان الظالمين والمغرضين واثبات حقائقه يحتاج جدا واجتهادا.كيف نقرأ التأريخ:

نلاحظ مع الاسف الكثير من العلماء والمختصين يتعاملون مع التاريخ والسير بالاسلوب السردي والاعتماد على النقول وما تداولته الالسن والاقلام وما شاكلها من سيناريوهات ولم نجد منهجية معينة يتبعها الباحث في هذا المجال وانما يكتفي بما هو مبثوث في صفحات الكتب, وهذا في الحقيقة لا يوصل إلى البت أو الوقوف على الوقائع الحاصلة, وعليه لابد ان نقف هنا على سبيل الاختصار لذكر جملة من الخطوات التي تساعد على اثبات صحة حصول الوقائع والاحداث في التاريخ الاسلامي.

منهجية  قراءة التاريخ:

هناك جملة من القواعد والخطوات التي تساعد على سير البحث العلمي في مضامين التاريخ والوصول إلى الاهداف المنشودة التي يروم إليها الباحث, وقد نجملها في هذه المقالة ونترك التوسعة لمحلها ان شاء الله تعالى.

اولا: التمييز بين الاحداث والوقائع الكلية من الجزئية:

هناك احداث وقعت في مراحل التاريخ الاسلامي سواءاً كانت في طيات الماضي البعيد ام المعاصر القريب, ويمكن لنا ان نقسمها إلى قسمين:

الأول: الاحداث الكلية: وهي ما نقصد بها الوقائع العامة التي تحتوي على مصاديق جزئية كثيرة, من قبيل بعثة النبي(ص) او هجرته(ص) من مكة إلى المدينة أو غزوة بدر واحد وغيرهما او صلح الحديبية او السقيفة او صلح الامام الحسن(ع) او معركة صفين, أو ثورة الحسين(ع) وغيرها من الحوادث العامة التي وقعت في مراحل التاريخ, وأيضا في التاريخ المعاصر من قبيل ثورة العشرين أو الغزو الامريكي للعراق وما شاكلها. وهذه الأحداث بهذه العناوين لا يمكن اخفؤها عادة والتلاعب بها بما هي عناوين عامة, بل تداولتها الاجيال وتناقلتها الاذهان وتعد من المسلمات الحسيات البديهيات.

الثاني: الأحداث الجزئية: وهي ما تحصل عادة من الاحداث الكلية وتعد من مصاديقا وجزئياتها من قبيل كيف هاجر النبي(ص) ليلا ام نهارا أو من الذي هاجر معه ومن استقبله, او في الغزوات من الذي صمد مع النبي(ص) او من السبب في انتكاسة غزوة احد, او من بارز عمرو بن عبد ود العامري, او جزئيات ثورة عاشوراء وهكذا من الأحداث الجزئية الكثيرة. وهذه  الأحداث قابلة غالبا للتحريف والتغيير, بل والاعفاء لا سيما اذا كانت تعارض سياسات وأهداف الحكومات المعاصرة لها آنذاك, ومن هنا ياتي دور الجد والاجتهاد والبحث والتدقيق والاعتماد على الادلة والشواهد والقرائن وغير ذلك للخلوص إلى صحة او عدم هذه الجزئيات من وقائع التاريخ المعاصر كان ام الماضي.

الثاني: ملاحظة الزمان بين المؤرخين:

من الخطوات التي ينبغي اتباعها في اثبات الواقعة من عدمها هي ملاحظة زمان المؤرخ فكلما كان اقرب للواقع كان اقرب للصواب واجدر للجواب, وذلك بما تحصل له الشواهد والادلة سواء أكانت شفاها او كتابة ام غيرها من القرائن. فعندما ناتي إلى المؤرخين نجد منهم القدماء في القرن الثاني والثالث والرابع وهناك من هم في القرن السابع والثامن وحتى بعد الالف الهجري بلا ريب الاوائل اجدر واضبط بالاخذ منهم ومراجعة اسفارهم لقربهم من الوقائع المنشودة ولكون المتأخرين عادة عيال عليهم.

الثالث: ملاحظة المكان بين المؤرخين:

أيضا من جملة الخطوات التي تساعد على سير البحث العلمي والوصول إلى الحقيقة ملاحظة مكان المؤرخين فكلما كان اقرب للواقعة من الناحية المكانية كان افضل ممن هو ابعد منها مكانا وان تعاصرا زمانا, من قبيل محمد بن جرير الطبري السني المتوفي سنة 310 هـ. مع احمد ابن اعثم الكوفي المتوفى سنة 314 هـ فهما في عصر واحد من الناحية الزمانية ولكن يختلفان من الناحية المكانية حيث ان الطبري من طبرستان منطقة آمل وسنة 290 هـ سافر إلى العراق بغداد وتوفي فيها, بخلاف ابن اعثم فهو من سكنة الكوفة فحديثه عن حوادث الكوفة وكربلاء افضل ممن هو يبعد عنها مكانا لتوفر الشواهد والقرائن وما توارثه القوم من آبائهم وحتى الكتب والمخطوطات لا سيما في العصور القديمة التي لم يوجد فيها التواصل عن بعد وتوثيق الوقائع وما شابهها كعصرنا الراهن, وحتى انتقال الكتب حينذاك كان صعب الانتشار في البلدان كما هو عليه اليوم, وربما هذا احد الاسباب التي جعلت المفيد(رح) ياخذ من الطبري بدلاً من ابن اعثم الكوفي.

الثالث: عرض النصوص التاريخية على القرآن والسنة:

لا بد ان نخضع لمرجعية وامامة القرآن الكريم والسنة الشريفة في كل حركاتنا وبحوثنا لا سيما البحوث المختلف فيها ولا يقتصر الامر على المسائل العقدية والفقهية, بل حتى في المطالب التاريخية وغيرها فهناك جملة من الوقائع التي ذكرها التاريخ لم تحظ بتأييد من قبل القرآن اوسنة النبي الاكرم(ص) وأهل بيته (ع) من قبيل ما ذكره الطبري وتابعه الشيخ المفيد وغيره من العلماء من ان الحسين(ع) طلب من عمر بن سعد الرجوع إلى المدينة أو مبايعة يزيد بن معاوية أو الاتحاق في جيش عبيدا لله بن زياد. كما جاء في نص عبارته, (أما بعد فان الله قد أطفأ النائرة وجمع الكلمة وأصلح أمر الأمة هذا حسين قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى أو أن نسيره إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئنا فيكون رجلا من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم أو أن يأتي يزيد أمير المؤمنين فيضع يده في يده فيرى فيما بينه وبينه رأيه وفى هذا لكم رضى وللأمة صلاح) [1]. وغيرها مما لا يقبلها القران الكريم لكونها من الركون للظالمين وأيضا مخالفة لسيرة أهل البيت(ع) لاسيما الحسين(ع) القائل كما عن ابن أعثم الكوفي: إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق، مثلي لا يبايع لمثله… [2]. والحمد لله افردنا بحثا مستقلا لبحث هذه الجزئية وردها بالادلة العلمية الموضوعية.

الرابع: ملاحظة المؤرخ من الناحية العقدية:

هناك عدد كبير من المؤرخين لهم ميولات وتوجهات عقدية معينه وهذا ما يعكس بطبيعة الحال على مداد اقلامهم وبيان الحوادث التي تنسجم مع توجهاتهم واعتقاداتهم, بل ربما يغير الوقائع بما تنسجم مع اهدافه ومقاصده وهذه من الافات التي اصيب بها التاريخ الاسلامي وأدى إلى خلط الاوراق. فلابد ان يلاحظ هذا الجانب ويؤخذ بعين الاعتبار.

الخامس: ملاحظة المؤرخ من كونه ناقل او معتقد:

هناك بعض المؤرخين ينقلون الحوادث كما وردت ووصلت اليهم من دون ان يؤخذ فيها مدى اعتقادهم وميولاتهم, بل يتعامل معها بامانة النقل حتى اذا كانت تخالف معتقده او هو غير معتقد بوقوعها, بل هو يكتب بعنوان محدث وراو ليس بعنوان محقق, وهذا ربما يختلف باختلاف المؤرخين واحيانا يتعامل المؤرخ مع النصوص بازدواجية في بعض النصوص يتعامل معها مجرد ناقل وراو, وبعضها يتعامل معها باسلوب النقد والتحقيق فلا بأس ان تلاحظ هذه الجنبة.

السادس: جمع الشواهد والقرائن:

ينبغي للباحث في مفردات التاريخ وجزئياته ان يعتمد في سير بحثه وقراءته الادلة والشواهد والقرائن – سواء أكانت حالية أم عقلية أم لفظية- الموصلة لصحة الحادثة ام عدمها وهذا يحتاج إلى جهود ومطالعات حثيثة وتاملات كي يفرغ ذمته مما توصل إليه بقناعة وثبات حيث تكون بمثابة الفتوى في مجال التأريخ. فمن ضمن الشواهد او الادلة اذا وجد هذا النص التأريخي او مضمونه ما نقل عن معصوم خصوصا اذا كان معنعنا بسند معتبر. او وجد لهذا النص تأييدا من الكتب القديمة المعاصرة للمعصوم(ع) او حصل على بعض الشواهد بالدلالة الالتزامية.

السابع: الزمان والمكان من الناحية السياسية:

هناك نصوص تاريخية تؤثر بها الاهواء السياسية والضغوطات الامنية, فنلاحظ المؤرخ يتجنب المخالفات السياسية ويغير في وقائع الحوادث التاريخية جلبا  لرضى السلطات الحاكمة او دفعا للضرر المتوجه إليه فلابد ان يدرس النص في هذه الحالة بملاحظة اهواء السياسات الحاكمة في زمان وفي أي مكان مثلا اهواء السياسات الأموية معروفة وبعدها الاهواء العباسية فينبغي ان يلاحظ المؤرخ في أي زمان وأيضا في أي مكان, هل هو في مندوحة من أمره او يواجه مضايقات وما شاكلها.

الثامن: ملاحظة الحوادث المسندة من غيرها:

عندما نرجع إلى تراث التاريخ الإسلامي بالخصوص نجد هناك مِن المؤرخين مَن يكتبون ضمن منهجية الاسناد فلا يكتفون بذكر الحوادث بالارسال او غيره, بل يحرصون على نقلها بالسند إلى وقت محل الحادثة او قريب منها كما نراه في الجملة عند الطبري وغيره, بخلاف البعض امثال البلاذري وغيره حيث ينقلون النصوص وكانهم وكالة انباء, قالوا؟ فينبغي للباحث في هذه الناحية ان يراجع مستندات المؤرخين ويعطيهم الاهمية اكثر من غيرهم.

صلح الامام الحسن(ع) :

من الاحداث التي أثبتها التاريخ وتعد من الوقائع والحواث التأريخية الکلية, هي صلح الإمام الحسن(ع) لمعاوية بن أبي سفيان وهی من الاحداث العامة التي لا يختلف عليها اثنان، وقد تناولتها الاقلام والافهام وتناقلتها الاجيال إلى عصرنا هذا ولا غبار عليه, ولكن هناك ثمة وقائع جزئية ذكرها المؤرخون واصحاب السير تحت هذه الدائرة (صلح الامام الحسن(ع)) من قبيل الهجوم على الامام الحسن(ع), ونهب متاعه من قبل أصحابه حين سماعهم قصد الامام مصالحة معاوية بن ابي سفيان, او جرح الامام(ع) کما ذكر, او املاء شروط الصلح ثم نقضها من قبل معاوية, او خيانة قائد جيشه عبيدالله بن العباس والتحاقه بمعاوية برشوة مالية قدرها الف الف درهم (مليون درهم), وغيرها من الحوادث الجزئية المنطوية تحت هذه الكلية المعنونة بصلح الامام الحسن(ع). ونحن بعون الله تعالى وتسديده نريد ان نقف فی هذه المقالة عند جزئية واحدة من هذه الجزئيات المذكورة في دائرة صلح الامام الحسن(ع) وهي تهمة خيانة عبيدالله بن العباس بن عبد المطلب, ودراستها ضمن منهجية علمية موضوعية.

عبيد الله بن العباس وتهمة التأريخ:

بعدما بايع الناس أمير المؤمنين(ع) حصلت انشقاقات في البصرة وعصيان في الشام، فخرج الإمام(ع) إلى البصرة وحصلت معركة الجمل، ثم حول العاصمة الإسلامية إلى الكوفة، وجعل ولاة من قبله ثلاثة من ولد عمه العباس بن عبد المطلب (ذلك الرجل المؤمن بالنبي(ص) وتحمل معه المشاق وكان في الشعب حين الحصار حتى ان ابنه عبدالله ولد في الشعب، له من الابناء عشر ومن البنات اربعة) فکان حبر الامة عبدالله بن العباس واليه على البصرة والأهواز وبلاد فارس. وعبيد الله ابن العباس كان واليه على اليمن وما حواليها(وقالوا قبل ذلك كان واليه على مكة)، وقُثم ابن العباس كان واليه على مكة والطائف، اما المدينة فكان واليه عليها سهل ابن حنيف،لكنه توفي بعد سنة، وجعل الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاری (خالد بن زيد بن كليب الانصاري) وهو معروف بالولاء، وقد نزل النبي(ص) في داره عند الهجرة، وشارك فی الغزوات مع النبي(ص) ومع الامام أمير المؤمنين(ع)). اما واليه على مصر محمد بن ابي بكر وبعد شهادته ارسل مالك الاشتر وقد استشهد في الطريق مسموما, اما واليه على المدائن سعد بن مسعود الثقفي وقد اقره الحسن(ع). وكلامنا هنا سيكون بالخصوص حول الفرية التي اطلقها التاريخ على ابن عم الامام أمير المؤمنين(ع) عبيد الله بن العباس وهي: هل ان عبيد الله ابن العباس خان الامام الحسن(ع)؟

نبذة عن عبيدالله بن العباس:

هو عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي, ولد في حياة النبي (ص) وهو شقيق عبد الله (ابن عباس) وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية, تكنى ام الفضل مرضعة للحسن(ع) كما جاء في النصوص: أمه (أي قثم اخو عبيدالله بن عباس) أم الفضل، وهو رضيع الحسن بن علي(ع) كما في الدرجات الرفيعة وغيره: روى أنّ أمّ الفضل قالت لرسول الله(ص): رأيت عضواً من أعضائك في بيتي، قال: خيراً رأيته، تلد فاطمة غلاماً ترضعينه بلبن قثم، فولد الحسن(ع) فأرضعته بلبن قثم، وكان قثم يشبه النبي(ص)[3]. وكان عبيد الله أصغر سنا من أخيه عبد الله بسنة استعمله علي بن أبي طالب(ع) على اليمن وأمره على الموسم فحج بالناس سنة ست وثلاثين وسنة سبع وثلاثين, وكان عبيد الله أحد الأجواد فكان يقال من أراد الجمال والفقه والسخاء فليأتِ دار العباس الجمال للفضل والفقه لعبد الله والسخاء لعبيد الله, وكان عبيد الله ينحر كل يوم جزور. وفي وفاته خلاف فقيل سنة ثمان وخمسين وقيل في أيام يزيد وقيل مات باليمن وقيل سنة سبع وثمانين في خلافة عبد الملك وأردفه النبي (ص) وخلفه[4].

وجاء في طرائف المقال: عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، من أشراف الصحابة وسادات أصحاب علي(ع) وكان أصغر من أخيه عبد الله بسنة الا أنه بعد ما صار أميرا للعسكر من جانب الامام المجتبى (ع) التحق بعسكر معاوية بترغيبه بالدرهم، وقام قيس بن سعد بأمر الناس وقال: هذا وأباه لم يأتيا بخير قط[5].

نص الاتهام:

نذكر نص التهمة التي الصقها التأريخ بحق عبيد الله بن العباس ليتسنى لنا نقاشها وبيان جوانبها فقد جاء في كتب التأريخ (…ثم إن معاوية وافى حتى نزل قرية يقال لها الحيوضية بمسكن، فأقبل عبيد الله بن العباس حتى نزل بإزائه، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله بن العباس فيمن معه، فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل ارسل معاوية إلى عبيد الله بن العباس ان الحسن قد راسلني في الصلح وهو مسلم الامر إلي فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع ولك إن جئتني الآن ان أعطيك الف ألف درهم، يعجل لك في هذا الوقت النصف وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيد الله ليلا فدخل عسكر معاوية فوفى له بما وعده فأصبح الناس ينتظرون ان يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة ثم خطبهم فقال: أيها الناس: لا يهولنكم ولا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الورع أي الجبان إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط، إن أباه عم رسول الله(ص) خرج يقاتله ببدر فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري فأتى به رسول الله(ص)، فأخذ فداءه فقسمه بين المسلمين، وإن أخاه ولاه علي أمير المؤمنين على البصرة فسرق مال الله ومال المسلمين فاشترى به الجواري وزعم أن ذلك له حلال وإن هذا ولاه على اليمن فهرب من بسر بن أرطأة وترك ولده حتى قتلوا وصنع الآن هذا الذي صنع…الخ) [6].

مناقشة هذه التهمة:

أولا: من الشخص الذي ذكر هذه التهمة بهذا التفصيل والاسهاب:

أول من ذكرها وفصل فيها هوأبو الفر ج الاصفهاني في كتابه مقاتل الطالبيين کما تقدم. ومما يؤيد ذلك ما ذكره بعض العلماء المعاصرين المتضلعين في التاريخ حيث قال: تحت عنوان (معاوية وابن عباس وابن سعد) ولا تاريخ لموافقة ابن عباس لمعاوية, وانما روى ابو الفرج قال: لما كان مساء اليوم الأول من ذلك ارسل معاوية ليلا إلى عبيدالله بن العباس…الخ[7]. نعم قد ذكر بعض المؤرخين قبله ولكن ليس بهذا التفصيل, بل اکتفوا باشارات على نحو الاجمال والاختصار. وعلى هذا فإن هذه الحادثة وليدة القرن الرابع الهجري وبينها وبين ناقلها ما يقارب ثلاثمائة سنة فان زمانه بعيد عن الحادثة کثيرا حيث أنه توفي في النصف الثاني من القرن الرابع سنة 356هـ کما سيأتي. مع انه لم تحظَ بتفصيل وتأييد من قبل المؤرخين او المحدثين المعاصرين للحادثة او القريبين منها.

ثانيا: ملاحظة الراوي لهذه الفرية:

هو ابو الفرج الاصفهاني, علي بن الحسين بن محمد بن احمد بن الهيثم بن عبدالرحمن بن مروان بن عبد الله بن الخليفة الأموي مروان بن الحكم بن ابي العاص. ولد في مدينة اصبهان 284 هـ وتوفی 356 هـ. فکما هو واضح من أنه أموي النسب من آل مروان, اما اعتقاده فقد قيل انه زيدي, واقد اطلقوا هذه العبارة عليه, انه أموي النسب زيدي الهوى. ويتضح من هذا ان صاحب هذه الرواية لم يحظَ بالضوابط المطلوبة للنقل لا من الناحية النسبية ولا من الناحية العقدية, فهو من ذراري الأمويين الذين فعلو ما فعلو في تراثنا وتوغلوا في دمائنا, فقد تأثر بهذه الاهواء والاجواء إلى حد كبير كما سيأتي.

ثالثاً: البعد المكاني للراوي:

ان الراوي لهذه الحادثة بعيد مكانا اضافة إلى بعده الزماني؛ لأنه ولد في أصفهان ثم انتقل إلى بغداد، ولم يکن له اطلاع في اجواء الكوفة او تراثها وما شاكله, وهذا البعد المكاني لا سيما سابقا له أثر كبير في مطالعة الأحداث وتوثيقها كما تقدم.

وعليه فإن هذا يضفي مرحلة اخرى من الضعف لهذه الحادثة؛ لكون ناقلها لم يترعرع في اجواء هذه المنطقة ولا اقل يسمع من الاحفاد القاطنين فيها او يطلع على بعض تراثها او غير ذلك.

رابعاً: البعد العقدي للراوي:

ذكروا أن ابا الفرج الاصفهاني زيدي المذهب, كما جاء عن الشيخ الطوسي في الفهرست, حيث قال: (أبو الفرج الأصفهاني، زيدي المذهب له كتاب الأغاني كبير، وكتاب مقاتل الطالبيين، وغير ذلك من الكتب، وكتاب ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين وأهل بيته(ع)، وكتاب فيه كلام فاطمة عليها السلام في فدك، وغير ذلك من الكتب)[8]. فهو من الفرقة الزيدية التی لها اعتقاد معين کما جاء ترجمتها من قبل العلماء حيث قالوا: (الزيدية من الشيعة، فزعموا أن من دعا إلى طاعة الله عز وجل من آل محمد فهو إمام مفترض الطاعة. قالوا: وكان علي إماما حين دعا الناس إلى نفسه، ثم الحسن والحسين، ثم زين العابدين، ثم زيد بن علي، ثم يحيى بن زيد، ثم عيسى بن زيد، ثم محمد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن بن علي ] بن أبي طالب. فهؤلاء عندهم أئمة قاموا، ودعوا الناس إلى أنفسهم. قالوا: وكل من قام من ولد الحسن أو ولد الحسين دون سائر الناس فهو إمام حق وجائز له أن يخرج ويقوم ويدعو إلى نفسه، ويدعي الإمامة…الخ) [9]. فنلاحظ اهتمامهم في الإسلام الجهادي الثوری وتغليبه على المعتقد الثابت المشرع، فعندهم المرجع من يحمل السيف، ولذلك يُخالفون التسليم کما انعکس ذلك في مسألة عبيدالله بن العباس حتى مع طاعته لامامه كما سيتضح ان شاء الله.

خامساً: ذكره روايات ونصوص مخالفة لسلوك اهل البيت(ع):

عندما نرجع إلى تراثه الذي خلّفه سواء كتاب الأغاني ام غيره نجد كثيرا من الترهات التي لا تمت إلى الواقع بصلة, كما فی ذكره عن السيدة سكينة كيف كانت تجالس الشعراء وتعطيهم الهدايا وآلاف الدنانيير, وتتغازل في الابيات، ويذكر انها كثيرة المزاح وكيف تصف نفسها, وغير ذلك من الاباطيل الفارغة[10]. فاقل ما يقال عنه في نقل الاحداث انه لا يبالي اذا لم يكن مغرضا، فهناك مطالب بعيدة كل البعد عن الواقع لا يمكن ذكرها وتحملها وقد ابطلها علماؤنا ورفضوها جملة وتفصيلا.

والحاصل كيف يمكن الوثوق والاخذ في نقولات وردت من شخص يتعامل مع نقل الاحداث بمنطق اللامبالات وعدم الدقة, واذا لزم ان نصدقه هنا في نقله لخيانه عبيد الله بن العباس للزم تصديقه بكل نقولاته اومعظمها, وهو ما لا يرضى به احد من المنصفين.

سادساً: ملاحظة المتن:

صالح الامام الحسن(ع) معاوية وحصل ما حصل واغمدعبيد الله بن العباس  سيفه وتنصل عن القوم، ونذكر نص عبارته ونترك الحكم للقارئ الكريم قال ابو الفرج الاصفهاني: (ثم إن الحسن بن علي سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبد الرحمن فأقام به ثلاثا حتى اجتمع الناس ثم دعا عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، فقال له: يا بن عم إني باعث معك اثنا عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر، الرجل منهم يزن الكتيبة فسر بهم وألن لهم جانبك وابسط وجهك وافرش لهم جناحك وأدنهم من مجلسك فأنهم بقية ثقة أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات ثم تصير إلى مسكن ثم امض حتى تستقبل معاوية فان أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك فاني في إثرك وشيكا وليكن خبرك عندي كل يوم وشاور هذين، يعني قيس بن سعد وسعيد بن قيس فإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فان فعل فقاتل فان أصبت فقيس بن سعد على الناس وإن أصيب قيس فسعيد بن قيس على الناس ثم أمرة بما أراد.

وسار عبيد الله حتى انتهى إلى شينور حتى خرج إلى شاهي ثم لزم الفرات والفالوجة حتى اتى مسكن. واخذ الحسن على حمام عمر حتى اتى دير كعب ثم بكر فنزل ساباط دون القنطرة فلما أصبح نادى في الناس: الصلاة جامعة فاجتمعوا وصعد المنبر فخطبهم فحمد الله فقال: الحمد لله كلما حمده حامد، وأشهد أن لا إله إلا الله كلما شهد له شاهد، وأشهد أن محمدا رسول الله أرسله بالحق وائتمنه على الوحي، صلى الله عليه وآله. أما بعد، فوالله إني لأرجو أن أكون قد أصبحت بحمد الله ومنه وأنا انصح خلق الله لخلقه، وما أصبحت محتملا على مسلم ضغينة ولا مريدا له سوءا ولا غائلة، ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم مما تحبون في الفرقة، الا وانى ناظر لكم خيرا من نظركم لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري ولا تردوا علي رأيي غفر الله لي ولكم وأرشدني وإياكم لما فيه المحبة والرضا. قال: فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما ترونه، يريد بما قال؟ قالوا: نظنه والله يريد ان يصالح معاوية ويسلم الامر إليه فقالوا: كفر والله الرجل ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه حتى اخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمان ابن عبد الله بن جعال الأزدي فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالسا متقلدا السيف بغير رداء، ثم دعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته، ومنعوا منه من اراده ولاموه وضعفوه لما تكلم به فقال: ادعوا لي ربيعة وهمدان فدعوا له فأطافوا به، ودفعوا الناس عنه ومعهم شوب من غيرهم، فقام إليه رجل من بني أسد من بني نصر بن قعين يقال له الجراح بن سنان فلما مر في مظلم ساباط قام إليه فأخذ بلجام بغلته وبيده معول فقال: الله أكبر يا حسن أشركت كما أشرك أبوك من قبل ثم طعنه فوقعت الطعنة في فخذه فشقته حتى بلغت اربيته فسقط الحسن إلى الأرض بعد ان ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده واعتنقه وخرا جميعا إلى الأرض فوثب عبد الله بن الخطل فنزع المعول من يد الجراح بن سنان فخضخضه به واكب ظبيان ابن عمارة عليه فقطع انفه ثم اخذوا الآجر فشدخوا وجهه ورأسه حتى قتلوه. وحمل الحسن على سرير إلى المدائن وبها سعد بن مسعود الثقفي واليا عليها من قبله، وكان علي ولاه فأقره الحسن بن علي، فأقام عنده يعالج نفسه.

قال: ثم إن معاوية وافى حتى نزل قرية يقال لها الحيوضية بمسكن، فأقبل عبيد الله بن العباس حتى نزل بإزائه، فلما كان من غد وجه معاوية بخيله إليه فخرج إليهم عبيد الله بن العباس فيمن معه، فضربهم حتى ردهم إلى معسكرهم، فلما كان الليل ارسل معاوية إلى عبيد الله بن العباس ان الحسن قد راسلني في الصلح وهو مسلم الامر إلي فان دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا وإلا دخلت وأنت تابع ولك إن جئتني الآن ان أعطيك الف ألف درهم، يعجل لك في هذا الوقت النصف وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر، فانسل عبيد الله ليلا فدخل عسكر معاوية فوفى له بما وعده فأصبح الناس ينتظرون ان يخرج فيصلي بهم فلم يخرج حتى أصبحوا فطلبوه فلم يجدوه فصلى بهم قيس بن سعد بن عبادة ثم خطبهم فقال: أيها الناس: لا يهولنكم ولا يعظمن عليكم ما صنع هذا الرجل الوله الورع أي الجبان إن هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قط، إن أباه عم رسول الله صلى الله عليه وآله خرج يقاتله ببدر فأسره أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري فأتى به رسول الله صلى الله عليه وآله، فأخذ فداءه فقسمه بين المسلمين، وإن أخاه ولاه علي أمير المؤمنين على البصرة فسرق مال الله ومال المسلمين فاشترى به الجواري وزعم أن ذلك له حلال وإن هذا ولاه على اليمن فهرب من بسر بن أرطأة وترك ولده حتى قتلوا وصنع الآن هذا الذي صنع. وخرج إليهم بسر بن أرطاة في عشرين ألفا فصاحوا بهم: هذا أميركم قد بايع وهذا الحسن قد صالح فعلام تقتلون أنفسكم. فقال لهم قيس بن سعد بن عبادة اختاروا إحدى اثنتين: إما القتال مع غير إمام، أو تبايعون بيعة ضلال، فقالوا: بل نقاتل بلا إمام، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم) [11].

الشاهد الأول:

ونحن عندما ذكرنا هذا النص بتمامه لاثبات ما نروم إليه من براءة عبيد الله بن العباس بغض النظر عن صحته من عدمها, بل لو سلمنا ثبوته وتنزلنا فهو ايضا يشير إلى عدم خيانة عبيد الله ابن العباس, بل يدل على طاعته والرضوخ إلى الاوامر السياسية الصادرة من الجهات العليا لاسيما المتمثلة بالمعصوم(ع) المفترض الطاعة, فالنص يشير إلى صلح الامام الحسن(ع) حيث ذكر تسليم ابن عباس بعدما اعلن الامام(ع) الصلح. حيث قال قام الحسن(ع) وخطب في الناس وأشار إلى صلح معاوية، حصل كلام بين الناس من اصحابه، واقتحموا الامام(ع) ونهبوا تراثه وتكلموا عليه، وضربوه وغير ذلك، حتى اُخذ إلى مكان آمن. ثم جاء دور ابن عباس بعدما حصل صلح من قائده وامامه فالملزم له بكل القوانين والاعراف ومن الطبيعي انه هو أيضاً يصالح ويسالم، وهذه فيها دلالة على البعد الايماني وطاعته للإمام(ع)، بخلاف قيس ابن سعد کما هو واضح فی النص المتقدم.

الشاهد الثاني:

قد ذكر في ذيل كلامه انه حينما افتقدوا عبيد الله ابن العباس، قام قيس بن سعد وصلى في الناس وخطب وذم العباس ابن عبد المطلب أنه قاتل! وذم عبدالله ابن العباس أنه السارق والخائن، وذم عبيد الله ابن العباس أنه الجبان، ثم قال:- وهنا الشاهد–  أي قيس ابن سعد ابن عبادة مخاطبا الجند من جيشه: (اختاروا إحدى اثنتين: إما القتال مع غير إمام، أو تبايعون بيعة ضلال، فقالوا: بل نقاتل بلا إمام، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردوهم إلى مصافهم).

وهذه دلالة واضحة في ان عبيد الله بن العباس سالم بعد ما عقد الصلح سياسيا وهو يعبر عن مدى ايمانه بالقيادة العليا المتمثلة بالإمام المعصوم(ع) ولم يتصادم ميدانيا مع القوم ويخالف امامه(ع) كما فعل من قيس بن سعد كما هو جلي من كلامه واعترافه قتال مع غير امام.

ويؤيد هذا الاستدلال ما ذكره البلاذري في أنساب الأشراف, المتوفى في القرن الثالث (279هـ) من أهالي بغداد، قال: إنما ارسل معاوية إلى عبيد الله ابن العباس ألف ألف در هم ان صار إليه – فلما علم عبيد الله رأي الحسن(ع) انما يقصد الصلح وحقن الدماء صار إلى معاوية[12]. اذن مسألة اللحوق بمعاوية من قبل ابن العباس بحسب كلامهم حصلت بعد الصلح فلم تعد خيانة بكل الموازين.

سابعاً: مراجعة تراث المؤرخين القدامى:

عندما نرجع إلى مؤرخينا وهم ما قبل ابی الفرج الاصفهاني, وهو إبراهيم ابن محمد الكوفي المتوفي في القرن الثالث 283هـ السائر على خط اهل البيت(ع) وهو اقرب زمانا وأيضا مكانا؛ لأنه من أهالي الكوفة، نعم في أواخر عمره اضطرته السلطات بعد المضايقات إلى الهجرة نحو مدينة اصفهان لتبيلغ علوم أهل البيت(ع).

فحين نرجع إلى كتابه الغارات عندما يستعرض هذه الحادثة والجزئية لم يذكر أن معاوية أر سل أموالاً وأنسل ابن عباس في الليل أو غير ذلك. بل قال: (ثم إن معاوية لما أقبل على الحسن بن علي (ع) وصالحه عبيد الله بن العباس بمسكن ودخل في طاعة معاوية فأكرمه معاوية وأدناه وأوفى له بصلحه وما ضمن له)[13]. وهنا يعطي ربط بين الصلح وطاعة ابن عباس للقائد العام وهو الامام(ع)، ولم يذكر أن هناك دسائس وخيانة أو غير ذلك.

ثامناً: مواقف عبيد الله بن عباس الإيمانية:

سيرة عبيد الله ابن العباس وقربه من الامام(ع) ومشاركته في الحروب مع النبي(ص)، ومع الامام(ع)، وكان واليه فی مکة في اول الامر كما يشير النص الاتي ثم جعله الامام والياً على اليمن، فحياته حافلة بالجهاد؛ وهناك مدح لهذه الاسرة، وانه دفع ضريبة حيث قدم ابنيه وفلذة كبده الإثنين شهداء, كما اتفق عليه المؤرخون, أن بسر ابن ارطأة أو أبي ارطأة عندما دخل مكة ثم المدينة ثم اليمن وقتل ثلاثين ألفاً من شيعة الإمام أمير المؤمنين(ع), رأى صبيين كأنهما أقمار فأمر بهما وسألهما، قالا: نحن أبناء عبيد الله ابن العباس، فأمر بذبحهما؟، فكيف يخون لمن قتل ولده واضطهده، فهذا مما لا يقبل بكل الموازين حتى من الجانب العقلي أو العشائري.

لذلك روى المفيد في أماليه باسناده، ونفس الرواية ينقلها تلميذه الطوسي، (ولا يخفى أن الامالي مسندا إلى عصر الواقعة) قال: أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا الحسن بن عبد الكريم الزعفراني قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق قال: حدثنا عبد الله بن الأزرق الشيباني قال: حدثنا أبو الجحاف، عن معاوية بن ثعلبة قال: لما استوثق الأمر لمعاوية بن أبي سفيان أنفذ بسر بن أرطاة إلى الحجاز في طلب شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، وكان على مكة عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، فطلبه فلم يقدر عليه، فأخبر أن له ولدين صبيين، فبحث عنهما فوجدهما وأخذهما فأخرجهما من الموضع الذي كانا فيه، ولهما ذؤابتان كأنهما درتان، فأمر بذبحهما، وبلغ أمهما الخبر، فكادت نفسها تخرج، ثم أنشأت تقول:

ها من أحس بنيي اللذين هما ** كالدرتين تشظى عنهما الصدف

ها من أحس بنيي اللذين هما ** سمعي وعيني فقلبي اليوم مختطف

نبئت بسرا وما صدقت ما زعموا ** من قولهم ومن الإفك الذي اقترفوا

أضحت على ودجي طفلي مرهفة ** مشحوذة وكذاك الظلم والسرف

من دل والهة عبرى مفجعة ** على صبيين فاتا إذ مضى السلف

قال: ثم اجتمع عبيد الله بن العباس من بعد وبسر بن أرطاة عند معاوية، فقال معاوية لعبيد الله: أتعرف هذا الشيخ قاتل الصبيين؟ فقال بسر: نعم، أنا قاتلهما فمه؟ فقال عبيد الله: لو أن لي سيفا! قال بسر: فهاك سيفي وأومأ بيده إلى سيفه فزبره معاوية وانتهره وقال: أف لك من شيخ، ما أحمقك؟ تعمد إلى رجل قد قتلت ابنيه، تعطيه سيفك؟ كأنك لا تعرف أكباد بني هاشم؟ والله لو دفعته إليه لبدأ بك وثنى بي. فقال عبيد الله: بل والله كنت أبدأ بك ثم أثني به[14].

فهذه الرواية تعطي صورة جهادية إلى عبيد الله بن العباس وبعد ايماني في مواجهة ومخالفة اعداء اهل البيت(ع), وفي نفس الوقت تكون شاهدا على عدم مداهنته لمعاوية واصحابه بل يكن له العداء والبغض لما حصل منه من التجاوز على حقوق اهل البيت(ع).

تاسعاً:خلو الذم والاتهام لابن عباس في لسان أهل البيت(ع):

لم تُذكر هذه الخيانة على لسان أهل البيت(ع)، ولم يوجد هناك ثمة نص في ذمه والنيل منه, حتى ولو كان مرسلا او ضعيفا, ولو كانت لوجدنا لها أثر وذم لابن عباس من قبل معصوم بينما لم نجد لذلك أي أثر اطلاقا، فكيف نرتب أثر على ذلك ونلصق تهمة كبيرة في شخصية جاهدت بين يدي النبي(ص), وأهل بيته(ع) وضحت بالغالي والنفيس على ترهات نقلت من اناس غير معصومين بل وغير عادلين. وحتى كلام الامام الحسن(ع) في صلحه في كل خطبه لم يشر إلى ان قائد جيشه عبيد الله بن العباس قد خان، لذلك حينما ذكر الصدوق في علله عن الامام الحسن(ع) في بيان علة صلحه لمعاوية لم يشر إلى وجود خيانة او ما شابه ذلك اطلاقا. حيث قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد رحمه الله قال: حدثنا محمد بن موسى بن داود الدقاق قال حدثنا الحسن بن أحمد بن الليث قال: حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا أبو العلا الخفاف، عن أبي سعيد عقيصا قال قلت للحسن بن علي بن أبي طالب يا بن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وان معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألست حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماما عليهم بعد أبى(ع)؟ قلت بلى قال: ألست الذي قال رسول الله (ص) لي ولأخي الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت بلى قال فانا إذن إمام لو قمت وأنا إمام إذ لو قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله (ص) لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية أولئك كفار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل، يا أبا سعيد إذا كنت إماما من قبل الله تعالى ذكره لم يجب ان يسفه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا ألا ترى الخضر(ع) لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى(ع) فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضى هكذا أنا، سخطتم علي بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل[15].

فذكر الامام البعد العقدي، وان الامام(ع) يتحرك عن حكمة وعلم ودراية، وليس لاحد ان يجتهد مقابل النص، ولذلك قبل الصلح ضمن رؤية مسددة. کما قد ذكر المؤرخون انه ارسل على عبد الله بن جعفر، وعلى الامام الحسين(ع) واخبرهم في عزمه على صلح معاوية ونحن نورده کما جاء في تأريخ ابن عساكر وغيره قال: «قال ابن جعفر والله أني لجالس عند الحسن إذا أخذت لاقوم فجذب ثوبي وقال يا هناه اجلس فجلست قال أني قد رأيت رأيا واني أحب أن تتابعني عليه قال قلت ما هو قال رأيت أن اعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث فقد طالت الفتنة وسفكت فيها الدماء وقطعت فيها الأرحام وقطعت السبل وعطلت الفروج يعني الثغور فقال ابن جعفر جزاك الله عن أمة محمد خيرا فأنا معك على هذا الحديث»[16]. وأيضا أرسل على اخيه الامام الحسين(ع) وقال له نف الكلام فقال الامام الحسين(ع): «أنْتَ أَكْبَرُ وُلْدِ عَلِيًّ، وَأَنْتَ خَليفَتُهُ، وَأَمْرُنا لأَِمْرِكَ تَبَعٌ فَافْعَلْ ما بَدا لَكَ»[17]. ونحن لا نريد ان نخرج من هذه الجزئية ونتكلم عن صلح الامام الحسن(ع) فانه كان انتصارا عظيما على خصمه،
ولكن المراد هو ان هذه التهمة التي اُلصقت بعبيد الله ابن العباس بعد كل هذه التضحيات والجهود لم يكن لها أساس او مصدر، بل كل المعطيات والمؤشرات تشير إلى خلاف ذلك.

وليت شعري هل توقف نصر جيش الامام الحسن(ع) على قيادة عبيد الله بن العباس وعقمت الامهات من ولادة القيادات؟ وهناك من هم أفضل منه في صفوف جيش الامام الحسن(ع) امثال الامام الحسين(ع) وعبدالله بن جعفر وعبدالله بن عباس وعقيل بن ابي طالب وغيرهم.

ما قاله علماء الرجال في عبيد الله بن العباس:

لم يقدح احد بابن عباس من علماء الرجال في مثلبة غير هذه التهمة التي الصقت به وقد انعكس تاثيرها ولم يصرحوا بوثاقته ويكتفون بانه لحق بمعاوية بسبب اغرائه بدراهم وغير ذلك, واول من اسس لانتشار هذه التهمة في اوساط علماء الرجال هو معاصر لابي الفرج الاصفهاني, محمد بن عمر الكشي, حيث نقل عن ابن شاذان كما جاء في اختيار الطوسي في ترجمة عبيد الله بن عباس حيث قال: «ذكر الفضل بن شاذان في بعض كتبه: ان الحسن لما قُتل أبوه (ع) خرج في شوال من الكوفة إلى قتال معاوية، فالتقوا بكسكر وحاربه ستة أشهر، وكان الحسن (ع) جعل ابن عمه عبيد الله بن العباس على مقدمته، فبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم فمر بالراية ولحق بمعاوية وبقي العسكر بلا قائد ولا رئيس. فقام قيس بن سعد بن عبادة فخطب الناس وقال: أيها الناس لا يهولنكم ذهاب عبيد الله هذا لكذا وكذا، فان هذا وأباه لم يأتيا قط بخير، وقام بأمر الناس. ووثب أهل عسكر الحسن عليه السلام بالحسن في شهر ربيع الأول فانتهبوا فسطاطه وأخذوا متاعه، وطعنه ابن بشير الأسدي في خاصرته، فردوه جريحا إلى المدائن حتى تحصن فيها عند عم المختارين أبي عبيدة»[18].

المناقشة:

قبل ان ندخل في مناقشة كتاب الكشي الذي أملاه الشيخ الطوسي(رح) على طلبته والذي يسمى اختيار معرفة الرجال كما تقدم, نشير إلى جملة من النقاط التي تبين المفارقة وعدم صحة ما نقل في هذا الكتاب.

اولا: النص مرسل بكل جوانبه ولم يحظ بسند لا من الكشي ولا من ابن شاذان الذي نقل عنه الكشي, وانما اطلق الكلام على عنانه وهو ان الكشي سمع ابن شاذان يقول كذا وكذا…

ثانياً: لم يرد هذا النص من معصوم ولو كان مرسلا او مقطوعا او مجهولا او غير ذلك وانما هو كلام نقله الكشي عن ابن شاذان يقول كذا, ولم يذكر ان ابن شاذان نقل عن المعصوم وانما القول راجع له. هذا اذا سلمنا ان ابن شاذان قد قال هذا القول في حق عبيدالله بن العباس.

ثالثاً: لو سلمنا ان ابن شاذان قال هذا الكلام بحق عبيد الله بن العباس ومن دون اسنادها إلى معصوم(ع), فالفترة الزمنية الحاصلة بين ابي الفضل محمد ابن شاذان المتوفى سنة (260 هـ) وبين الحادثة الواقعة في صلح الامام الحسن(ع) الواقعة سنة (40 هـ) ما يقارب مائتي سنة وهي فترة زمنية طويلة لم تكن معاصرة لها او قريبة منها.

رابعاً: البعد المكاني بين ابن شاذان وبين محل وقوع الحدث في صلح الامام الحسن(ع) ايضا بعيد فلم يكن ابن شاذان من سكنة الكوفة حتى نقول ربما سمع من الاحفاد او ممن كان معاصر لها او قريب منها, بل الرجل كان من سكنة نيسابور كما له معلم الآن, ويقال انه ورد بغداد فترة من الزمن, وربما الكوفة ولكن لم يكن من سكنتها ويصعب حصول معلومات عن حياته كما ذكر المترجمون.

خامساً: المعاصرون لابن شاذان والمختصون في هذا المجال من نقل الاحداث التأريخية وغيرها, والذين هم من سكنة الكوفة لم يذكروا هذا الكلام من لحوق ابن عباس بمعاوية وما شاكله, امثال ابراهيم بن محمد الكوفي المتوفى سنة (283هـ) وغيره.

سادساً: المعاصرون ايضا لمحمد بن عمر الكشي المتوفى في نصف القرن الرابع سنة (350 هـ او 382 هـ) لم يذكروا ما ذكره الكشي من اتهام عبيدالله بن العباس, امثال الشيخ محمد بن يعقوب الكليني(رح) المتوفى في القرن الرابع سنة (329 هـ) وغيره.

سابعاً: يحتمل تأثير الكشي او الطوسي بمؤسس هذا الاتهام والمروج له وهو ابو الفرج الاصفهاني المعاصر لهم, بل المتقدم عليهم لاسيما على الشيخ محمد بن الحسن الطوسي(رح) المتوفى في النصف الثاني من القرن الخامس سنة(460 هـ).

اقوال العلماء في تضعيف  كتاب رجال الكشي:

أضف إلى کل ذلك تصريح العلماء على مدى القرون بعدم اعتمادهم على رجال الكشي وتضعيفهم لهذا الكتاب كما يلي:

قال النجاشي بترجمة الكشي من رجاله: الكشي أبو عمرو كان ثقة عينا. وروى عن الضعفاء كثيرا، وصحب العياشي وأخذ عنه وتخرج عليه، له كتاب الرجال كثير العلم وفيه أغلاط كثيرة[19].

وقد جاء في منتهى المقال واصفا كتاب الكشي: أقول: ذكر جملة من مشايخنا أنّ كتاب رجاله المذكور كان جامعاً لرواة العامّة والخاصّة خالطاً بعضهم ببعض، فعمد إليه شيخ الطائفة طاب مضجعه فلخّصه وأسقط منه الفضلات وسمّاه باختيار الرجال، والموجود في هذه الأزمان بل وزمان العلَّامة وما قاربه إنّما هو اختيار الشيخ لا الكشّي[20]..

ونقل عن صاحب قاموس الرجال: وأما رجال الكشي فلم تصل نسخته صحيحة إلى أحد حتى الشيخ والنجاشي وتصحيفاته أكثر من أن تحصى وإنما السالم منه معدود… (إلى ان يقول) وقد تصدينا فيما سوى ذلك في كل ترجمة على تحريفاته، بل قل ما تسلم رواية من رواياته عن التصحيف، بل وقع في كثير من عناوينه، بل وقع فيه خلط اخبار ترجمة باخبار ترجمة أخرى، وخلط طبقة بأخرى… ثمّ ان الشيخ اختار مقداراً منه مع ما فيه من الخلط والتصحيف… وبعد ما قلنا من وقوع التحريفات في أصل الكشي بتلك المرتبة لا يمكن الاعتماد على ما فيه إذا لم تقم قرينة على صحة ما فيه… ثمّ أنه حدث في الاختيار من الكشي أيضاً تحريفات غير ما كان في أصله، فإنه شأن كل كتاب، إلا أنها لم تكن بقدر الأصل ولذا ترى نسخ الاختيار أيضاً مختلفة… الخ[21].

الخاتمة:

بعد دراسة هذه الجزئية التي الصقها التأريخ بحق عبيد الله بن العباس بتهمة خيانته لإمامه الحسن(ع) من كل جوانبها والوقوف على ابعادها ومحاكمة نصوصها بالادلة العلمية والدراسة الموضوعية تحصل لدينا ما يلي:

اولاً: ان ما تناقله التاريخ من خيانة عبيد الله بن العباس ليس إلا فرية محضة اوجدها البعض بقصد او من دون قصد وسار عليها الكثير حتى تحولت إلى حقيقة واقعية, ودخلت تحت مضمون القاعدة المشهورة, رب مشهور لا أصل له.

ثانياً: لم تذكر هذه التهمة على لسان معصوم سواء في عصر الحادثة ام بعدها, مع ما لها من الاهمية الكبرى في انهيار البنية العسكرية لجيش الامام الحسن(ع) كما يصور البعض.

ثالثاً: لم يكن رواج لهذه الفرية في القرون الثلاثة المتقدمة سواء من الصحابة ام من التابعين من اهل الاختصاص في التاريخ والسير ولو كان لبان واستشرى.

رابعاً: رواة هذه الفرية من المدرسة المخالفة للمذهب الاثني عشري ولهم ترهات كثيرة في تواريخهم تخالف الضوابط والاسس التي قام عليها المذهب الحق, بل السلوكيات التي سار عليها المؤمنون ولو كان لزوما الاخذ بكلامهم هنا للزم الاخذ بغير هذا الموضع ايضا لوحدة المناط وبحسب ما يقوله المنطق؛ حكم الامثال فيما يجوز وفيما لا يجوز واحد.

خامساً: بعد الدراسة لهذه الجزئية وتطبيق المنهجية العلمية لكيفية قراءة التأريخ اتضح لدينا ان عبيد الله بن العباس ضرب اروع مصاديق الطاعة لامامه وقائده الحسن(ع), والتزم بكل اوامره.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] تاريخ الطبري, ج4 ص 313. الارشاد, الشيخ المفيد, ج2 ص87.

[2] تاريخ الطبري, ج4 ص 313. الارشاد, الشيخ المفيد, ج2 ص87.

[3] الطبقات الكبرى, ابن سعد,ج8 ص279. ذخائر العقبى,احمد بن عبدالله الطبري,ص238. الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة, ص151.

[4] الوافي بالوفيات, الصفدي,ج19 ص249.

[5] طرائف المقال, السيد علي البروجردي, ج 2 ص98.

[6] مقاتل الطالبيين, ابي الفرج الاصفهاني, ص42. شرح نهج البلاغة, ابن ابي الحديد. ج16 ص42. وغيرهما.

[7] موسوعة التاريخ الاسلامي, الشيخ محمد هادي اليوسفي الغروي, ج5 ص.458

[8] الفهرست, الشيخ الطوسي, ص280.

[9] شرح الأخبار, القاض النعمان المغربي,ج3 ص318.

[10] راجع كتاب الاغاني, ابي الفرج الاصفهاني, ج16 ص363.

[11] مقاتل الطالبيين, ابي الفرج الاصفهاني, ص40- 42.

[12] أنساب الأشراف, البلاذري, ج3/ ص39.

[13] أنساب الأشراف, البلاذري, ج3/ ص39.

[14] الامالي, الشيخ المفيد. ص305. امالي الشيخ الطوسي, ص77.

[15] علل الشرائع, الشيخ الصدوق, ج1 / ص211.

[16] تاريخ مدينة دمشق, ابن عساكر, ج13 ص267.

[17] تاريخ مدينة دمشق, ابن عساكر, ج13 ص267.

[18] اختيار معرفة الرجال, الشيخ الطوسي, ج1 ص330.

[19] فهرست اسماء مصنفي الشيعة, النجاشي, ص372. وتبعه جمع كثير: امثال ابن داوود الحلي في رجاله, والتفرشي, في نقد رجاله, والسيد الخوئي في معجمه, وغيرهم كثير.

[20] منتهى المقال في أحوال الرجال,الشيخ محمد بن اسماعيل المازندراني, ج6 ص144.

[21] قواعد الحديث, محيي الدين الموسوي الغريفي, ص51. عبدالله بن سبأ, السيد مرتضى العسكري, ج2 ص179.

عدد الزوار: 2٬395

معلومات الاصدار

الناشر: مركز فجر عاشوراء الثقافي

2 Responses

  1. البحث جميل جدا وواضح ، كل التوفيق للاستاذ الدكتور حسين الموسوي الصافي.

  2. جزاك الله عنا ياسيد خير الجزاء ، على هذا القول لابد أن نراجع تاريخ وفاة هولاء المؤرخين و ومكان تواجدهم في ذاك الزمان ، شكرا لك ياأستاذنا على هذا التنبيه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *